انتحار الأطفال .. مسؤولية مجتمع
22 ديسمبر 2009 - جريدة عكاظانتحار الأطفال .. مسؤولية مجتمع
أسماء المحمد
كيف نفهم قضية انتحار فتاة لم تتجاوز 14 ربيعا مع تبرير ذلك بأنه نتيجة الكره الذي تكنه لمدرستها؟، وهل ورد ذكر المدرسة لأن والدتها في آخر حوار معها قبل انتحارها تطرقت إلى المدرسة، ألا يمكن أن يكون لأسباب أخرى محتملة.
جبر الله أسرة الفتاة في مصابهم الأليم، ومن يدري ربما كانت الفتاة تكابد الاكتئاب والأسرة لم تكتشف ذلك بالتالي لا نملك غير صادق العزاء والمواساة، على أن فهم وتحليل فكرة انتحار الأطفال يجب أن لا تغادرنا لحظة واحدة لأننا نتحدث عن ثروتنا لليوم والغد، وهنا تعد فكرة انتحار الأطفال عبثا لا يمكن السكوت عليه وهو مسؤولية المجتمع والنخب المختصة التي تغط في حالة بيات ممتد يحمل صفة الديمومة. ورد في الخبر أن صبية (14) عاما في إحدى المحافظات السعودية «كرهت المدرسة فقتلت نفسها، وجدت مشنوقة في منزلها بعد أن قررت وضع حد لحياتها بسلك يصل جهاز تكييف الهواء بالتيار الكهربائي، ما أدى إلى الاختناق والوفاة».
1 ــ هناك أمراض نفسية تتفشى في المجتمعات على مستوى العالم وليس فقط في عالمنا العربي أو مجتمعنا السعودي، ولا يمكن عزو المبررات إلى الضغوط ومتاعب الحياة ولنا تخيل المتاعب التي تكابدها فتاة الأربعة عشر ربيعا إلى درجة اتخاذ قرار الانتحار أي كرب ألم بها على غفلة من ذويها؟!، هناك أمراض نفسية وراثية، وأمراض نفسية لا يعترف الناس بأنها بالإمكان أن تصيب أبناءهم إما لجهلهم أو لأن المرض لم يكن بالوضوح اللازم لاكتشافه.
وهناك عائلات تعتبر الطفل المصاب «بفرط الحركة وتشتت الانتباه» شقيا، والطفل المصاب بنوع من أنواع التوحد «انعزاليا، معقدا»، وهكذا حالة من الضياع تعيشها الأسرة التي لا يتم تثقيفها بما يواكب ما يستجد على المجتمع من أمراض، ولو تركت جمعيات النفع العام المتخصصة حالة البيات التي تغط فيها وتحركت ولو كان لأقسام علوم النفس والاجتماع دور فاعل في مجتمعنا لشعرنا بالفرق بين مجتمع تتم توعيته ومجتمع يترك ليواجه حالة اجتماعية عامة يعتريها الغموض حتى تكون المحصلة انتحار طفل أو طفلة لم تجد من ينصف أو يصغي أو يعلن التحذير.
2 ــ الفتاة السعودية ابنة الأسر المحافظة لا تملك متنفسا بعد منزلها سوى المدرسة فما الذي يحدث في مدارسنا يوصل الأطفال إلى هذه المرحلة من الكره الأسود إلى درجة أن الموت بتوصيلة جهاز تكييف الهواء أرحم من المدرسة؟.
3 ــ تخلو منابر الوعظ بأنواعها من الخطاب الإنساني الذي نعتبر في هذه المرحلة العصيبة بأمس الحاجة إليه حتى نتذكر أن بيننا قلوبا غضة تنبض بالحياة والبراءة، وإسقاط إحباطاتنا عليها له عواقبه الوخيمة، والذين جعلوا حياة هذه الطفلة وغيرها جحيما لا يطاق هم مقربون منها بطريقة أو بأخرى فلينظر كل أب وأم إلى ما يكابد الأبناء بعين الحنان والرأفة والاحتواء وعدم التسفيه والتجاهل حتى لا تتكرر المأساة.
المصدر: جريدة عكاظ الأربعاء 29/12/1430 هـ 16 ديسمبر 2009 م العدد : 3104
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20091216/Con20091216321079.htm