صندوق مئوية «القطيف» إبتكار حيوي للعمل التطوعي
3 يناير 2007 - أ . عالية فريدإذا كان أهم ما يميز اليوم العالمي للتطوع هو يوم تعمل فيه المنظمات الحكومية والمؤسسات الأهلية والدولية، والأفراد معا يدا بيد لتحقيق أهداف المجتمع المشتركة، وهو يوم لطرح وتدشين المبادرات والمساهمات المؤسساتية والفردية الإقتصادية والإجتماعية على مختلف المستويات المحلية والعالمية. وإذا كان المئات من الشباب يغادرن مجتمعاتهم ويسافرن خارج حدود أوطانهم للمشاركة في أعمال طوعية في آسيا وأوربا وأمريكا من خلال مؤسسات أجنبية تتيح لهم فرصة العمل الطوعي، والتي من أبرزها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في 18 بلدا عربيا في الجزائر، والبحرين، وجيبوتي، ومصر والعراق والأردن، والكويت ولبنان، وليبيا، والمغرب، والأراضي الفلسطينية، والسعودية والصومال، والسودان وسوريا، وتونس والإمارات واليمن ويشترك شباب تلك البلدان في أعمال منوعة لخدمة شعوب أخرى على المستويين المحلي والإقليمي وربما الدولي في مرحلة متقدمة، فذلك ناتج عن أصالة شعوب هذه الدول، وما تحمله من قيم ترمز لهويتها وثقافتها الإسلامية، وناتج عن حب الخير المتنامي في نفوس الشباب وعن تطلعهم إلى رؤية جديدة منظمة للعمل التطوعي خارج ماهو مألوف في مجتمعاتهم.
وعلى المستوى العربي تم تأسيس الإتحاد العربي للعمل الطوعي في نهايات عام 2003 م وإتخذ من الدوحة مقرا له، وكان من المتوقع له أن يعزز من دور العمل المحلي والإقليمي والدولي في مراحل متقدمة، وبالفعل إن ماتم إنجازه خلال هذا العام على مستوى دورة الألعاب الأسيوية الخامسة عشر في – الدوحة – وما أعد له من إمكانيات وتجهيزات وبرامج حققت النجاح، وأبهرت العالم من الشرق إلى الغرب، فالمتطوعون كانوا شركاء أساسيون في هذا النجاح حسب ما صرحت به اللجنة المنظمة للدورة، وأن دور المتطوعين كان أساسيا في نجاح ألعاب الدورة 2006، حيث حققت اللجنة أكبر تجمع للمتطوعين في الشرق الأوسط أتومن أكثر من 100 بلد لتمتزج مختلف الثقافات والقدرات والمواهب من أجل تحقيق الأفضل، قدم المتطوعون من دول عدة بعيدة منها مصر والهند واستراليا والولايات المتجدة الأمريكية والنروج وأسبانيا واليونان وبريطانيا، وشكل القطريون النسبة الأعلى منهم بمعدل 25% من العدد الإجمالي، بحيث وصل عدد المتطوعين من 16 – 17 ألف متطوع صنعو إنجازا كبيرا عزز ودعم الدور الإقتصادي والإجتماعي بدأ من المستوى المحلي إلى العالمي.
والشاهد للحديث عن هذه المناسبة هو ما يشكله هذا الإندماج من دافعا للمجتمعات العربية والإسلامية للنهوض فزعا ليس لخدمة قضايا وشعوب العالم وحلحلة مشاكلها فقط، أيضا يدعوا جميع العاملين والمنتمين للعمل التطوعي إلى إسترجاع أبجديات مشاريعهم وتقييمها، وإستعراض برامجها وآلياتها التي تدعم العمل الإجتماعي، ويجعلها تبتكر طرق وبرامج تطوعية جديدة، وتولد لديهم رؤى وأفكار حديثة ومتطورة تساعدهم في وضع إستراتيجيات طويلة المدى تخدم المجتمع وفئاته على المدى القريب والبعيد.
فقد آن الآوان أن يحول العاملون والمنتمون للعمل التطوعي مشاريعهم وأفكارهم إلى عمل مؤسساتي منظم يستهدف التطوير والتنمية على مستوى أفراد وجماعات.
صندوق مئوية «القطيف» إلتزام حقيقي لمستقبل أفضل:
وما أراه في مشروع صندوق المئوية الخيري الرسمي الذي جاء بمباركة من خادم الحرمين الشريفين – رعاه الله – في تاريخ 2/5/1425هـ الموافق 2/7/2004 م هو فرصة جيدة ورائعة، لاسيما أنه تم تخصيص فرع صندوق المئوية خاصا بمحافظة – القطيف – وتوابعها، فقد صدرت الموافقة الكريمة من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبد العزيز لإفتتاح فرع له في المحافظة.. على أن يتم جمع مبلغ لايقل عن خمسة ملايين ريال من قبل الأهالي، وسوف يخصص صندوق المئوية مبلغا مماثلا لتصبح المبالغ جميها هي رأس مال «صندوق مئوية القطيف» إذا يمثل في نظري مشروعا تنمويا حضاريا يرقى بمختلف مناطق المملكة، ولما له من مردود إيجابي لتحقيق تنمية إقتصادية متقدمة تعززالإنتاج والطموح، لاسيما أن هذا المشروع يعبر عن مشاركة حقيقية وجادة من الدولة فهي تشارك بدعم نصف التمويل للمشروع والمجتمع بالنصف الآخر، فتصبح الدولة والمجتمع شريكان في حل الكثير من المشاكل الإجتماعية، وعلى رأسها الفقر والعوز الذي يؤمن للفرد ولعائلته الحياة المعيشية الكريمة، إضافة إلى إن هذا الصندوق سوف يعمل على دعم وتنشيط المشاريع الإستثمارية، ويساهم في رفع مستوى الدخل المادي للأفراد ضمن مؤسسات تجارية وصناعية، ويعمل على الحد من نسبة البطالة من حيث إستثمار الطاقات الشبابية والعمل على تأهيلها وتدريبها بما تلبي حاجة هذه المؤسسات وتنهض بها لتشكل إمتدادا لتوليد مؤسسات أخرى ترقى بمستوى الإنجاز والتطور لخدمة البلاد ككل.
فاليوم يوم المجتمع، وحر ي بنا أن نستفيد من تجارب الآخرين لتطويروتنظيم مشاريعنا، فليس عيبا أن نستفيد من الغير لتصحيح واقعنا، ولنبدي مبادرتنا تجاه هذا المشروع بالدعم والمساندة والتشجيع، ولنفعل دور الجمعيات الخيرية والمؤسسات الوطنية ورجال الأعمال، والمسؤولين الواعين من العلماء والمثقفين ووجهاء المنطقة لشحذ الهمم لاسيما ونحن على مشارف إستقبال شهر المحرم الذي يعتبر أغنى موسما ثقافيا لأهالي المنطقة، فحبذا لو يتناول خطبائنا الكرام هذا الموضوع الهام ضمن إطروحاتهم المستقبلية، والعمل على إيجاد الآلية الصحيحة والمناسبة لتفعيل هذا الصندوق، ولو بمساهمة خيرية من الأهالي حيث يمكن لكل أسرة مقتدرة أن تشارك بمبلغ 500 ريال ليقف هذا المشروع على رجليه ليبقى صرحا شامخا يخدم كافة أفراد المجتمع، فذلك جزء من مسؤوليتهم، ورسول الله «ص» يقول «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» ونحن مسؤولون بالدرجة الأولى عن تأمين مستقبل أبناءنا وأجيالنا القادمة، وعن رسم الصورة الحضارية التي تعيشها مجتمعاتنا، فبيدنا تنمو وبسواعدنا تتقدم.