كيف نخمد لهيب الفتنة الطائفية وماذا نستفيد ؟
3 مارس 2007 - أ . عالية فريدفي خضم هذه الظروف العصيبة التي تمر بها الأمة الإسلامية اليوم ، ومايلف مجتمعانتا من حيرة وقلق في إطار ما تعيشه من أخطار طائفية عرقية مذهبية بغيضة ، تؤثر على الحاضر والمستقبل وتجعله يترنح كالكرة وسط العواصف الهوجاء ، وفي وسط الأجواء العالمية المتوترة والمشحونة بسحب سوداء يسيطر عليها النفوذ والسيطرة وتحقيق المصالح والأطماع السياسية المختلفة عادة ما تضيع الحقوق ، وينعدم الإستقرار ، ويزيد الظلم ، وتفتقد حريات الشعوب .و أمام ما نسمع ونشاهد فالأحداث مؤلمة وعنيفة من خلال ما يجري من تجاوزات وتعديات وخروقات واضحة تدفع الدول الكبرى لأن تكون أكثر تعنتا وغطرسة لتكريس الواقع المتخلف في الأمة ، فتنامي مرض الطائفية وتصاعد وتيرته ، وبث الفتنة والإحتراب الداخلي على أرض العراق مرورا بلبنان وذر نفثاته على بقية دول العالم العربي والإسلامي وإنجراف الكثير وراء ه ، إضافة إلى تحريضات البغض والكراهية للمتطرفين ، أنها والله لدلالة واضحة ومنذرة على أن أعداء الأمة الحقيقيين بدوأ بالفعل والعمل على تنفيذ أطماعهم التاريخية والإقتصادية في المنطقة ككل .
وبين يدي هذه الأخطار التي تحاصر الأمة ، وفي ظل ما نعيشه من تطورات بشرية علمية وعالمية سريعة ، يجعلنا اليوم أكثر مهيئيين في هذا الوقت عما سبقه ، فالحاجة تبدوا ملحة أكثر فأكثر إلى الوحدة ، وإلى رص الصفوف ، والعمل الجاد على جمع الكلمة ولم الشمل ، ففي الوحدة قوة وفي القوة تعزيز الثقة بالذات للإنطلاق في رسم المستقبل وبناء الأمة بخطى ثابتة ، و – رب ضارة نافعة – فهذه الأزمة كالبركان كلما علت هوتها كلما وجب على الأمة أن تحافظ على تماسكها وقوتها ، فكلا ولابد لهذه الأزمة من نهاية ، فليست جديدة على تاريخ وواقع الأمة والأهم هو كيف نستوعبها ونستخلص منها الدروس والعبر ، ف القشة التي تضرب ظهر البعير تقويه وتزيده إصرارا ومقاومة ورفضا للظلم أيا كان نوعه ، إن ما يجب أن يعيه الأفراد من دروس هو تعريفهم بعدوهم الحقيقيى ، وأن تزيد في فكرهم وثقافتهم لتجعلهم قادرين من مواجهة تحديات المستقبل ، وتجعلهم أمام رياح الأزمة صامدين لامكسورين أو منهزمين ، فعندما تنشب الفتنة وتمتد أذيالها ببث الأحقاد والصراعات هنا تظهر القوة الحقيقية التي يقاس بها وعي الأمة ووعي الشعوب ، وهنا يكمن سر القوة وموطن الضعف فلنتختبر ذواتنا ليس بالإنغماس في الترهات والإحتراب والتعصب للذات ، وإنما بالإحتواء والإدارة الحكيمة في توجيه الصراع ، وخير ماأراه هو التمسك بالوحدة فهي من أشرف الغايات الدينية ، وأنبل المقاصد الإسلامية ،وهي ليست وصية رسول البشرية ( ص ) لأمته فحسب ، بل هي تتصل بحياتنا وبوجودنا وكرامتنا الإنسانية ، وبمقومات أجيالنا في الحاضر والمستقبل .
وعلى أثر هذه التفاعلات وإشتداد لهيب الفتنة الطائفية يجب أن نعي عدة أمور أهمها مايلي :
1- إشعال الفتنة خير وسيلة للتغرير بالشعوب وإبعادها عن قضايا الإصلاح ، والذي قد يؤثر سلبا على أصحاب السلطة والنفوذ ويضر ب المصالح الشخصية للبعض ، ويؤدي إلى إفتعال مشاكل وإثارة فتن مذهبية ونعرات طائفية من أجل إلهاء الناس بعضهم ببعض حفاظا على هذه المصالح ، فالكثير لايروق له أن يرى المجتمع متآلفا ومستقرا ، والمصلحة تكون مشتركة أحيانا ومتبادلة لخدمة القوى الظالمة و المستبدة ، والتي تكمن في بقاء المجتمع ممزقا ومتناحرا تحت أي مسميات كانت ، بعيدا عن مشاريع الإصلاح السياسية الرئيسية التي تتطلع لها الشعوب ، بدأ من مؤسسات المجتمع المدني ، وإشاعة الديمقراطية والحريات ، والتعايش والمجتمع السلمي ، وإنتهاءا بتهيئة المناخ القانوني المناسب وإعادة الإصلاح في القوانين والتشريعات ، ومايمكن تطويره وتغييره منها لتتم عملية الإصلاح بسلام .
2- إشغال الشعوب عن المطالبة بحقوقها، فكثير من مجتمعاتنا العربية والإسلامية تمارس إنتهاكات لحقوق الإنسان ، و يعيش أفرادها سياسة التضييق على حرية الفكر والنشر ، ومصادرة الرأي والرأي الآخر ، وحرية التعبير ، ومحاصرة النشطاء السياسيين ومضايقتهم ، وتعرضهم للتعذيب والإعتقال ، إضافة إلى تشجيع الحملات العدائية التي تولد الكراهية والعداء الطائفي ، مقابل ذلك هناك تزايد في حراك الشعوب ، وإبتعاث نهضوي جديد نحوالمطالبة بالمساواة والمشاركة السياسية والمواطنة ، وتحصيل الحقوق الإجتماعية والإقتصادية والثقافية ، والسعي للعمل على إحترام هذه الحقوق ، وما إفتعال الفتنة إلا محاولة لصد الناس عن المطالبة بحقوقها لذلك يجب أن نكون حذرين ويقضين .
3- إسرائيل – ثم إسرائيل هي العدو الحقيقي للأمة ، وهي ما يجب علينا كمسلمين الإنشغال به ، وإن ما تمتلكه من أهداف يشكل خطرا على البشرية وعلى الأمة الإسلامية والعربية ، بدون إستثاء فهي كالأخطبوط المتوحش الذي يهدد أمن الأمة وإستقرارها ، و قيمها وحضارتها وإقتصادها وسياستها مما ينبغي على المسلمين جميعا التأهب والإستعداد .
ولكي نحافظ على تماسكنا أذكر بما يلي :
1- الحفاظ على وحدة الأمة والإحتكام إلى شريعة الله والتمسك بحبله و لنتذكر قوله تعالى ( واعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا ) وقوله عز وجل ( وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وإصبروا إن الله مع الصابرين ) .
2- التشجيع على الوحدة والتلاحم الداخلي بين أبناء الوطن الواحد ، والعمل على إزالة الإحتقانات والتشنجات بين مختلف أطياف المجتمع ، فبقاء الوطن وتقدمه رهين بالوحدة الحقيقية والمشاركة في الآلام والآمال .
3- تعزيز قيم التسامح والوحدة من خلال المنابر الإعلامية ووسائل الإعلام، والتأكيد على ثقافة الإحترام و قبول الآخر في جميع مؤسسات الدولة ومراكزها التربوية والتعليمية .
4- إيجاد قوانيين منظمة تحفظ الكرامة وحقوق الناس ، وفي المقابل معاقبة كل من يتمادى و يخل بمبادئ الوحدة الوطنية الذي وجهها ودعا لها خادم الحرمين الشريفين – رعاه الله – ، وعلى الجهات المسؤولة أن تحد من هذا التطرف .