زوجات يقبلن الهجر والتجاهل وسوء المعاملة خوفا من شبح الطلاق
27 ديسمبر 2009 - جريدة الوطنأزواج يبتزون زوجاتهم بالهجر
زوجات يقبلن الهجر والتجاهل وسوء المعاملة خوفا من شبح الطلاق
مكة المكرمة: زين العلوي
يتعمد بعض الأزواج هجر الزوجات، وقد يخيل للمجتمع أنها حالات نادرة وغير معهودة. إلا أن الواقع يشير إلى تواجدها بكثرة، حيث بدأت تطفو على السطح، وهي تخرج في كثير من الأحيان عن مسار التربية وتهذيب الناشزات، إلى حدود غير معتادة، فالهجر أصبح يطول لأكثر من أربع أشهر، بل لأكثر من سنوات. مع تخلي الزوج عن قوامته ومطالب الحياة الزوجية، وأصبح الهجر في بعض الأحيان وسيلة لابتزاز الزوجات.
عقدت مشاعل قرانها بموجب مهر وقدره. إلا أنها فوجئت بعد مدة لم تتجاوز الأشهر الستة من زواجها باختفاء زوجها، فهو لم يقدم لها أي سبب لهجرها، وعند البحث عنه والسؤال لدى أقاربه فوجئت مرة أخرى بطلبه للمهر الذي قدمه لها لتحصل على الطلاق الذي لم تطالب به.تقول مشاعل “اعتقدت في البداية أنه غاضب برغم أنه لا يوجد أي سبب لغضبه وخروجه من المنزل، وكنت دوما أتصل به في منزل والدته، وكانت تخبرني بأنه غير موجود أو نائم، وعندما أبلغت والدي بذلك طلب مني العودة إلى منزل العائلة خوفاً علي من الوحدة، ومكثت لديه أكثر من أربعة أشهر، ولم يتصل حتى علمنا بأنه قام بتسليم الشقة وبيع الأثاث، وعندما فاض بنا قرر والدي مقابلته لمعرفة ما ينويه، فأخبره بأنه يريد المهر مقابل طلاقي”.
وتقول موضي الثقفي “لا أعرف شيئا عن زوجي سوى أنه يقوم بتسديد إيجار المنزل لنا، وإرسال مبلغ 300 ريال شهرياً لي وللأولاد من أجلي والمدرسة، وهو مبلغ لا يكفي لثلاثة أولاد، اثنان منهم في المرحلة الابتدائية، والثالث في المرحلة المتوسطة، وقد لجأت لأهل الخير الذين اطلعوا على حالتي، وأصبحوا يرسلون لي شهرياً مواد غذائية وإعانات تسد من حاجاتنا. أما زوجي فلم يعد حتى الآن، وأنا حتماً لن أطالب بالطلاق من أجل أبنائي”.
ولا تختلف مشكلة مها مغربي كثيرا عن سابقتها. تقول “التفكير بالطلاق أنانية في مثل حالتي، فهو زوجي وأبو عيالي. لا أجرؤ أبدا على طلب الطلاق مهما كان قاسياً معي. خاصة بعد كل هذه السنوات التي قضيتها معه بالحلوة والمرة”.
وروت مها قصتها قائلة “على الرغم من وجود زوجي في منزلي لمدة أربعة سنوات فهو لا يحدثني أبدا ولا يعتبر وجودي في المنزل. بل لا يلفظ اسمي، ولا ينظر إلي. كنت في البداية أحترق في داخلي، وأزعجه بالمحاولات حتى التمست له العذر، فاعتدت على الخرس الزوجي، وقد استقل بحياته في ملحق خصصته من أجله ومازلت أقوم بواجباتي الزوجية نحوه”.وتقول أسماء عبد المجيد “تقدم شاب لخطبتي وبعد شهر فقط حاول استفزازي ببعض الأمور، وكان منها أنه خيرني إما أن أترك عملي أو تسليمه الراتب كاملاً، والعيش في منزل والدته، فعندما رفضت الأمر سافر إلى الخارج بدون أن يخبرنا، بل عاد دون علمنا، ولا نعلم عنه شيئا لمدة عام كامل، ولم يتواصل معنا، وعند مواجهته أبلغنا أنه يريد المهر كاملاً وهدايا الملكة مقابل الطلاق”، موضحاً أنه يريد زوجة تساعده في الحياة الزوجية ومصاريفها.
اتساع الظاهرة بهذا الحد يشكل عبئا كبيرا على الرعاية. هذا ما ذكرته الأخصائية الاجتماعية بالشؤون الاجتماعية شادية غزالي التي انتقدت بعض الأوضاع الزوجية والتي يتخلى فيها الأزواج عن مسؤولياتهم تجاه زوجاتهم وأولادهم، وأكدت وجود الظاهرة بشكل كبير، وأضافت ” لقد تغير المبدأ، فبعض الرجال تخلى تماما عن قوامته في المنزل لعدة أسباب قد تكون المرأة جزءاً منها، وقد يكون المال جزءاً آخر، فالهجر أصبح وسيلة لإرغام المرأة على ترك حقوقها الشرعية، وعلى سبيل المثال الاستغناء عن الراتب للزوج. خاصة في ظل جهل الزوجات بحقوقهن الشرعية”.
وقالت غزالي “يجب توعية الشباب بمفهوم الهجر التأديبي للزوجة وحالته التي يقع فيها من قبل المختصين، فالمفهوم قد خرج عن حدوده المعقولة وتفاقمت المسألة بين الأزواج، وعلى الزوجات اللجوء إلى الجهات المسؤولة للحد من ظاهرة الابتزاز الزوجي، وإصلاح الأمر دون اللجوء للطلاق الذي ارتفعت معدلاته مؤخراً”. وأكدت غزالي أنه “للهجر هدف واحد فقط، وهو إصلاح المرأة وتهذيب سلوكها مع زوجها، وهو الهجر المثالي الذي يقوم به الرجل داخل منزله دون ترك مسؤولياته الأخرى، أما الهجر من أجل رفض المرأة إعطاءه راتبها، فهو ابتزاز للزوجة أو هجرها لعدم قدرته على تحمل المسؤولية كأب أمر غير مقبول نهائياً، وربما يستدعي إيجاد دار لحماية حقوق الزوجة”.
وقالت الاختصاصية في الإرشاد النفسي فاطمة الملفي “يرتبط الشعور النفسي ارتباطا وثيقاً بالشريعة الإسلامية، والزوجات يرتدعن حقاً بالهجر المشروع الذي أنزله الله عز وجل في كتابة لتأديب الناشزات، ولكن الإفراط فيه والتمادي قد يسبب أضرارا نفسية للزوجة ربما تظهر على سلوكياتها وتعاملها، وربما نظرتها الاجتماعية، وربما يدفع المرأة للتمرد بسبب الإساءة التي لحقت بعواطفها، وهو بالكاد ليس بالأمر الذي وصى به الله عز وجل”.
المصدر: جريدة الوطن الاثنين 4 محرم 1431 ـ 21 ديسمبر 2009 العدد 3370 ـ السنة العاشرة
http://www.alwatan.com.sa/news/newsdetail.asp?issueno=3370&id=129277&groupID=0