هل ننتقل إلى حالة أكثر تسامحا لهذا الوطن؟
28 ديسمبر 2009 - جريدة اليوم70مفكراً في حوار الأحساء:
هل ننتقل إلى حالة أكثر تسامحا لهذا الوطن؟
تراجع واغتراب الخطاب وانفصاله عن هموم الجمهور
أحمد الهبدان، فاطمة عبدالرحمن – الأحساء
أكد رئيس اللقاء الوطني للحوار الفكري الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين ، أهمية طرح موضوع واقع الخطاب الثقافي السعودي وآفاقه المستقبلية خلال الفترة الراهنة. واوضح الحصين خلال افتتاحه امس اللقاء الفكري الذي ينظمه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بمحافظة الأحساء تحت عنوان» واقع الخطاب الثقافي السعودي وآفاقه المستقبلية». مدى أهمية أن يتمثل المثقفون والمفكرون طريقة الاستدلال القرآني في الحكم على الأشياء والظواهر، وأن يتحلى الجميع بالمعلومات ومصادر المعرفة المختلفة للتوصل السديد لهذا الحكم كما نوه بأهمية أن يكون» الخطاب الثقافي « هو مثار البحث والنقاش في هذا الوقت. وأشار الحصين إلى أن دور المركز سيقتصر على إدارة اللقاء بما يضمن حرية المشاركة لجميع المشاركين وطرح الآراء والأفكار التي يرون من شأنها أن تساهم في تطور الخطاب الثقافي السعودي. ومن جانبه أوضح أمين عام مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني فيصل بن عبد الرحمن بن معمر أن المركز أصبح قلعة من قلاع الحوار وسيكون له حضور متميز خلال المرحلة المقبلة.
معطيات متجددة
وكان اكثر من 70 مفكراً ومثقفاً قد بدأوا صباح امس فى محافظة الأحساء مناقشاتهم حول واقع الخطاب الثقافي السعودي وسبل تعميق المشتركات بين مختلف التوجّهات الثقافية واستثمار التنوع الثري في المجتمع وتعزيز الوحدة الوطنية عبر إنتاج خطاب وطني معتدل يعبّر عن طبيعة المجتمع ومعطياته الفكرية المتجددة وفق قيم الإسلام المبنية على التعايش والتسامح والعطاء. كما يناقش المشاركون والمشاركات في اللقاء الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني تحت عنوان «واقع الخطاب الثقافي وآفاقه المستقبلية» وافتتحه امس رئيس اللقاء الوطني للحوار الفكري الشيخ الدكتور صالح الحصين بفندق الانتركونتننتال، مجموعة من القضايا الثقافية والفكرية المكونة للخطاب الثقافي السعودي.
عناصر ثقافية
ويبحث اللقاء الذي يتضمن 5 جلسات ويختتم اليوم 4 محاور مختلفة تتناول جملة من الإشكاليات والعناصر الثقافية تتمثل في المشهد الراهن للخطاب الثقافي السعودي وتوجّهاته الحالية من حيث مستوى فاعلية النخبة المثقفة ولغة الخطاب الثقافي، ووسائل الخطاب الثقافي والتقارب والتشظي والازدواجية وجدلية العلاقة البينية والتلقائية والتخطيط المستقبلي.
كما سيتم تناول المؤسسات الثقافية وتأثيرها في الخطاب الثقافي وكذلك قضايا الخطاب الثقافي السعودي الخصوصية والمواطنة والهوية، من حيث قيمة كل منها، وتأثيرها على تطلعات المجتمع وحراكه النهضوي، وتأصيل مسيرته الإسلامية، وتواصله مع العالم، وتجسير العلاقات بين مكوناته وتأسيس مجتمعه المدني واستشراف مستقبل الخطاب الثقافي السعودي من ناحية تراجع الخطاب نتيجة الصراع الداخلي فيه وضعف روح المبادرة وانفصاله عن هموم الجمهور واغترابه أو تقدمه والسير بالمجتمع نحو النهوض نتيجة التقارب والانفتاح الإيجابي على العالم واعتماد هوية الأمة.
أحادية الرأي
وتناولت الجلسة الأولى التي أدارها نائب رئيس اللجنة الرئاسية بالمركز الدكتور راشد الراجح موضوع» المشهد الراهن للخطاب الثقافي السعودي وتوجهاته الحالية»و تحدث أكثر من 50 مشاركا ومشاركة حول الموضوع، استهلها الدكتور معجب الزهراني بالحديث عن وجود تيار فكري مهيمن منذ عقود ورأى أن الخطاب الثقافي متنوع ومتعدد ويجب أن يظل هكذا لكي يثري أذهاننا وأذواقنا ويرسم المصير المشترك الذي نسميه الوطن، وحذر الزهراني من خطورة أحادية الرأي والهيمنة من طرف على آخر، في مجال الثقافة والفكر.
جمعيات مدنية
وتحدثت نورة العدوان عن لغة الخطاب الثقافي السائدة التي تتسم بـ» التعديات على الأشخاص» ورأت أن هذا الخطاب يتعارض مع السياسة الإعلامية للمملكة، وطالبت بتأسيس جمعيات مدنية تراقب ما يصدر في الصحافة من « تعديات»، فيما رأى د. مسعد العطوي أن « مشهدنا الوطني يتنوع بين الخطاب الاجتماعي، والفكري، والديني» وتساءل: عن دور الفرد في نسيج هذه الثقافة، وقال: نحن أحوج ما نكون إلى أكاديمية عليا يستقي منها الإعلامي والعالم والواعظ، ويبني السياسي قراراته.
غياب الخارطة
وتساءلت هدى الدليجان عن أسباب الغياب الكامل للخارطة الثقافية وكذا القضايا الملحة والحاسمة مثل حقوق المرأة و الأنظمة والمخرجات الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام . وقال محمد أبو ساق : من المؤسف أن المشهد الراهن أوصلنا لخطاب ثقافي مسلح، ومفخخ، فهل ننتقل إلى حالة أكثر تسامحا لهذا الوطن؟
مداخلات
وتوالت المداخلات حول الهوية والانتماء وتحديد مفهوم الخطاب الثقافي، وكان اكثرها سخونة التي طرحها الدكاترة عبدالله الغذامي وحمزة المزيني وعلي الموسى وعبدالرحمن الحبيب، وحليمة مظفر، وأميرة كشغري، وفاطمة العتيبي، حيث دارت مداخلتهم حول : تعدد الخطاب الثقافي وتنوعه، وإيقاف هيمنة الخطاب الأحادي المهيمن، وركزت على أن الخطاب الثقافي لا يلبي متطلباتنا، وأن الإسلام والوطن هو الجامع لمختلف الخطابات، وأن الخطاب الثقافي يعاني من « المساجلة والارتجالية» على حد تعبير د. عبدالرحمن الحبيب، فيما أشار الغذامي إلى منع ندوات ومحاضرات خلال العامين الماضيين وحضور « صيغة المنع» في حياتنا الثقافية . ولفت حمود أبو طالب إلى ضرورة تحديد مفهوم الخطاب الثقافي ، فيما أقر الموسى وجود التطرف الفكري بين الخطابين الديني والثقافي.
هواجس
وفي مداخلته قال الشيخ عادل بو خمسين إن هناك هواجس لربما مبالغ فيها من خشية هيمنة لون ثقافي على آخر، اوتجاوز الثوابت في وقت نحتاج فيه إلى فسح المجال للجميع والاستفادة من الخطاب الثقافي لكل التيارات،نحن في زمن عولمة ثقافية ولنستطيع المحافظة على الصندوق الثقافي إذا صح التعبير،ونحن بحاجة إلى خطاب ثقافي ينزل إلى الميدان عبر مشاريع تنموية ثقافية وأن يكون المثقف عملياً أكثر.
الاختلاط والانقلابات
وفي المقابل تحدث عوض القرني، ونوال العيد، وعبدالعزيز القاسم ووليد الرشودي عن أن بلاد الحرمين ترتكز على الإسلام وعلى الشريعة الإسلامية. ورأى عبد العزيز القاسم أن هناك انقلابات بيضاء على الفقه السائد من جانب العلماء أنفسهم وتجلى ذلك في موضوع» الاختلاط» . وتحدث د. سعيد السريحي عن مفهوم « الوسطية» وأن هذا المفهوم مغلوط في حياتنا، حيث انتقل من مجال الأخلاق، إلى مجال الفكر، مما أدى إلى التضييق على مساحة الفكر، فالفكر لا يشترط عليه شرط قبل أن يكتشف الآفاق، والوسطية تقيد الفكر. وأكد المشاركون على ضرورة الالتئام حول المبادئ والثوابت الدينية والوطنية والانفتاح على الخطاب الثقافي العربي والعالمي والاستفادة من ذلك في تطوير الخطاب الثقافي السعودي .
مؤثر اساسي
وتناولت الجلسة الثانية «المؤسسات الثقافية وتأثيرها في الخطاب الثقافي»، والتي أدارها نائب رئيس اللجنة الرئاسية بالمركز الدكتور عبد الله بن عمر نصيف بعنوان « واقع المؤسسات الثقافية ومدى توافقها مع مخرجات المؤسسة التعليمية، وآليات تطويرها « ، وشدد المشاركون على أن المؤسسات الثقافية والإعلامية ستظل المؤثر الأساسي في صناعة ثقافة المجتمع وتطويرها وأن ضعفها سيؤدي إلى انصراف المتلقي إلى مؤسسات إعلامية وثقافية أكثر جاذبية.
تطوير المؤسسات
وطالب الدكتور محمد بن فيصل أبو ساق بتطوير المؤسسات الثقافية لتشمل جميع الأطياف والتوجهات الثقافية، لتكون المؤثر الأكبر في صناعة وعي وثقافة أبناء مجتمعنا.
ومن جهتها قالت ليلى الأحيدب في مداخلتها أن النظرة العامة لوضع المؤسسات الثقافية تكشف عن تناقض ما بين المؤسسة التعليمية وما تطرحه المؤسسة الإعلامية، وأنه لابد من إيجاد تقارب بين خطاب المؤسستين، فيما تناولت الدكتورة ثريا الشهري وضع الصفحات الثقافية في المؤسسات الصحفية والتي ترى أن بعضها أفرغ من محتواه الثقافي.
إعادة النظر
ودعا الدكتور عوض القرني لإعادة النظر في القوانين والأنظمة التي تتعلق في الشأن الثقافي، حيث مر على إصدارها عشرات السنين ولم تعد تواكب الوضع الراهن للوضع الثقافي في العالم، قائلاً أن ما يطرح في بعض المنتديات على الإنترنت أصبح أكثر أهمية مما يطرح في بعض الأندية الأدبية. ومن جانبه أوضح الدكتور عبد الله الغذامي في مداخلته أن ثقافة العصر تؤكد أن الوسيلة الإعلامية أو الثقافية الأكثر تنافسية هي الأكثر نجاحاً وهو ما يعني ضرورة تطوير المؤسسات الإعلامية والثقافية لتصبح أكثر تنافسية وأكثر جذباً للمتلقي.
المصدر: جريدة اليوم الأربعاء 1431-01-06هـ الموافق 2009-12-23م
http://www.alyaum.com/issue/search.php?sB=%CD%DE%E6%DE&sS=1&sT=1