الإعلاميون ليسوا فوق القانون
8 مارس 2010 - جريدة القبسالإعلاميون ليسوا فوق القانون
مصطفى الصراف
في باب الحقوق والواجبات العامة من الدستور الكويتي نصت المادة 29 منه على أن «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين». ولم يستثن من هذا المبدأ أحد سوى سمو الأمير، وذلك لأسباب تعود إلى طبيعة موقعه كرمز للشعب وللوطن، والمثل الأعلى للمواطنين جميعا، وهو منزه عن ارتكاب ما يخالف القوانين المعمول بها في البلاد، بدليل أن الأحكام تصدر باسمه وله حق الغائها. وذاته مصونة، أما أعضاء السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية، فهم أيضا يخضعون للقوانين مثلهم مثل أي مواطن عادي، ولكل منهم اعطى القانون حصانة مقيدة أثناء ممارسته للمهام المنوطة به وليس لشخصه، ويمكن رفع هذه الحصانة عنه إذا أساء استغلالها، والأمر نفسه بالنسبة إلى الصحافيين، فإن قانون الصحافة يعطيهم بعض الامتيازات لممارسة مهامهم كصحافيين، ولكن لا يعفيهم من خضوعهم للقوانين المرعية في البلاد، ولذلك جاءت المواد 213، 214، 215، 216 من قانون الجزاء متضمنة اسبابا للإباحة لمن مارس قذفا يتضمن واقعة تقتضي المصلحة العامة الكشف عنها، كإبداء الرأي في مسلك موظف عام، أو نقد يتعلق بعمل علمي أو أدبي يتوقع ابداء الرأي فيه. أما أن يطالب الصحافيون أو الاعلاميون بعدم معاقبتهم أو استثنائهم من عقوبة الحبس في جرائم يعاقب عليها القانون، فهذا أمر لا يقره الدستور أو الشرائع. فالناس سواسية كأسنان المشط، كما يجب أن يكون واضحا أن افعال القذف والتشهير في وسائل الإعلام إذا تم التهاون فيها، فإنها ستستغل وستكون وسيلة للكاتب الغر الناشئ أو المحترف في ممارسة القذف بصورة تؤدي إلى هدم الأسر وهدم المجتمع، كما أن ما ينشر قذفا في أعراض الناس ولو بالخطأ، فإن ذلك لن يمحى من أذهان الناس، ولن يطهر عقاب الجاني ساحة المجني عليه من ذلك القذف، إذ سيبقى هذا الأمر في اذهان الكافة حتى لو نشر ما يكذبه، فمن يقرأ هذا الخبر اليوم قد لا يقرأ تكذيبه غدا.
ولذلك فإن قانون الصحافة أو المرئي والمسموع لا ينبغي أن يتضمن أي نص يعفي الإعلاميين والكتاب من العقوبات المنصوص عليها في قانون الجزاء أو أن يخفف عنهم. بل يبقى قانون الصحافة والنشر أو قانون المرئي والمسموع يبين فقط المسائل الاجرائية في كيفية الحصول على التراخيص للمؤسسات الإعلامية والشروط الواجب توافرها في ملاكها ومتطلبات العاملين فيها، من دون المساس من قريب أو بعيد بالعقوبات المبينة في قانون الجزاء والقوانين المكملة له، فالناس سواسية أمام القانون في ما يرتكبونه من جرائم أو مخالفات قانونية. ولهم مثل ما عليهم من الحقوق والواجبات. ولذلك لا ينبغي اظهار التأييد والتظاهر احتجاجا وتعاطفا مع من يخالف القانون باسم المطالبة بحرية الرأي.
ولذا يجب على جمعية الصحافيين أن تقيم الندوات والمحاضرات للإخوة العاملين في وسائل الإعلام والكتاب بصورة خاصة لتوعيتهم بالنصوص القانونية لا سيما في قانون الجزاء الكويتي والقوانين المكملة له، لكي لا يتجاوزوا حدود القانون ويعرضوا أنفسهم للعقوبات، وقد دفعني إلى هذا القول ما رأيته يتكرر من انتهاكات وممارسات لا قانونية يرتكبها بعض الاعلاميين والكتاب، فيعرضوا وسائل الإعلام إلى دفع مبالغ باهظة كغرامات وتعويضات هم في غنى عنها. هذا بالإضافة إلى أن وعي الاعلاميين والكتاب القانوني سيهذب أسلوبهم الفظ الذي أصبح موضة شائعة للفت الانتباه، لما يقدمونه من مادة هابطة خاوية مما يفيد على حساب الذوق العام والأخلاق.
المصدر: جريدة القبس الثلاثاء 02/03/2010
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=581449