أ . عالية فريد >> حديث الشهر
المرجعية الواعية .. نموذج لايتكرر
7 يوليو 2010 - أ . عالية فريد
المرجعية الواعية .. نموذج لايتكرر
عالية آل فريد
بالأمس إفتقدت الأمة الإمام المجدد السيد محمد مهدي الشيرازي ( طيب الله ثراه ) الذي كان نبراسا يضئ الدرب للمجاهدين والعاملين الرساليين في الحركة الفكرية الواعية ، واليوم تفقد الأمة والعالم الإسلامي مجددا جليلا آخر هو سماحة العلامة السيد محمد حسين فضل الله المربي الكبير والعالم الفذ رجل الحب والسلام ، رجل الوحدة والتعايش والحوار ، رجل الأدب والثقافة والفكر ، رجل الدولة والسياسة صاحب المداد العلمي والفكر الحي ، رجل الإصلاح والتجديد والتغيير ، رجل الإنفتاح والتسامح والإعتدال ، رجل المقاومة والجهاد والنضال ، رجل الإنسانية والفضل للمنكوبين والمظلومين والمحرومين ، أبا الفقراء والأيتام والمستضعفين وسند الثوار والمجاهدين .
لقد جاء خبر الوفاة مؤلما على نفوسنا وقلوبنا ، وجعلنا نتأوه الحسرات تلو الحسرات لهذا الرحيل ، فلا زلنا ولازالت أمتنا بحاجة ماسة لأمثاله لاسيما في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها مجتمعاتنا ، فكم هي بحاجة لأن تتعلم منه وتستنير برشده وهديه ، وكم نحن متعطشين لننهل من نبعه الصافي ومعينه الطيب الذي لاينضب ، لاكن قهرنا الموت حين أخذه بعيدا عنا .
” كان رجلا في أمة وأمة في رجل ” مدرسة فكرية جامعة في العلم والفقه والتربية الروحية والدينية والإجتماعية والسياسية والثقافية ، وكان قائدا مجددا في فكره و علمه و جهاده وكل مواقفه ، فبجانب دوره في الإجتهاد والفتوى ، قام بدور العالم الرسالي والإستاذ المربي ، والقائد الحركي ، والمصلح الإجتماعي ، والأب الروحي ، والزعيم الجماهيري ، والمجاهد الأبي ، ترجم مسيرة الحياة وعصريتها في جميع مراحل حياته .
عرفته سيدا جليلا وعظيما علما من أعلام الدين والتقى ، وعندما إقتربت منه أكثر وجدته قويا شامخا عزيزا ، ثابت اليقين ، صلب الإرداة ، وافر العطاء ، تميز برؤاه النورانية الفكرية والفلسفية ، النفسية والإجتماعية التي إقتضتها طبيعة الأحداث والمواقف ، فالعالم الرسالي وعي وحركة ، جرأة وتحدي ، إقدام وإبداع وشجاعة .
وشتان بين عالم وعالم ، كثير هم العلماء بين ظهرانيينا وكثير هم من يتحدثون في الناس وينظرّون لهم ، وكثير هم من يمتلكون الأفكار التصحيحية التي تنهض بالأمة وتزيح عنها حجب التخلف ، ولكن عندما تتطلبهم الساحة وحركة الرسالة ينهزمون وينعزلون ويجبنون ، لاكنه رحمة الله عليه كان مرجعا وعالما مختلفا بمواقفه الثابتة وجرأته الواضحة في سبيل الحق ونصرته لم يخف في الله لومة لائم ، وكان رجل الوعي الحركي الذي ترجم المبادئ والقيم الإسلامية إلى عمل وفق الصيغ التوافقية لسماحة الإسلام ويسره الحضاري والمتطور الذي يتفاعل مع متطلبات العصر ومتغيراته ، فهو عالم ثري ملئ بقضايا إنسان العالم الثالث الذي إهتم به وجعله في قمة أولوياته فعبر عن همومة وآلامه ، وعاش وسط أفراحه وأتراحه وإحباطاته فكان الموسوعة الحرة التي ملآت الدنيا بإرثه وثرائه المعرفي والعلمي ، إسألوا عنه المؤسسات والجمعيات المدنية وإسألوا عنه الشباب المثقفين والجامعيين كيف إهتم بتربيتهم ورعايتهم ،وكيف كان أبا رحيما وحكيما رشيدا وملهما لهم .
كيف لا وهو القائل ” غير نفسك تغير الواقع لأن الواقع هو صدى لما في نفسك وصورة فكرك وإحساسك وشعورك وحركتك “
أسالوا عنه المآذن والمنابر وخطب الجمعة ، وإسألوا عنه الثوار والمجاهدين وإسألوا عنه جموع المثقفين والمناضلين الشرفاء والأحرار كيف حمل هموم أوطانهم وأمتهم.
.
عاش لله وفي سبيل الله ومن آجل الآخرين ، ولم يعِش لنفسه أبدا حتى قال ” أن الراحة علي حرام ” ، بل جنَّد نفسَه لخدمة دينه وإنقاذ أمته، وأخذ على عاتقه مهمة إيقاظ الأمة وجمع شملها، ونشر الفهم الصحيح الشامل للإسلام الحنيف على ضوء كتاب الله وهدْي سنة رسوله صلى الله عليه وآله سلم وأهل بيته الكرام ، وساهم في إعداد القادة والروَّاد، الذين ينهضون بأمتهم، ويأخذون بيدِ شعوبهم إلى عزِّ الإسلام ومجده وكان من رواد النهضة والصحوة الإسلامية ، فكان طاقةً إيمانيةً لا تخمد، وشعلةَ نشاط متوقدةً لا تخفت، وفهمًا صحيحًا معتدلاً لا يشرد، وروحًا طيبةً لا تعرف إلا الحب والحرص على جمع شمل الأمة وجمع صفوفها مناديا وداعيا للوحدة بين المسلمن ، موجها إلى الإصطفاف لمواجهة إسرائيل وقوى الإحتلال العدو الحقيقي للأمة ، إسألوا عنه أهل الأديان والطوائف وأصحاب المذاهب ومختلف التيارات الفكرية والتوجهات ، وإسألوا عنه في القضية الفلسسطينية وفي المقاومة الجهادية لتعرفوا من يكون ، وهو القائل ” لا يصلح حال هذه الأمة إلا بالوحدة ” وكان يعمل على إحياء شمولية الإسلام وتطبيقه كمنهج شامل في جميع مناحي الحياة .
السيد محمد فضل الله نعم النموذج الواقعي للمرجعية الحية والقيادة الحقيقية للأمة في معايشته لها وحمل همومها ، لقد كانت حياته مليئة با لتفاؤل والأمل والإصرار على قيام عالما جديدا تسوده العدالة والمحبة والحرية ، فخالط الناس مخالطة الصادقين الأوفياء إذا غاب عنهم إفتقدوه وإذا رحل عنهم بكوا عليه ، كان السيد الحاني الذي يتلمس مشاكل الناس وقضاياهم ومعاناتهم لم يكن متعاليا أو متقوقعا في زوايا منزله بل عاش مع الصغير والكبير مع الفقير والمحتاج والمعوق واليتيم ، ومع الرجل والمرأة مع القريب والبعيد.
اسألوا عنه في وطنيته وعطائه وتضحيته لأهل الجنوب ورجالات الجنوب وتاريخ لبنان فقد وقف مساندا وعمدا لأهلها الصابرين الطيبين فوقف معهم في شدائدهم ومحنهم ولم يبال ِ بالخطر المحدِّق به من قبل عناصر المخابرات الهمجية التي كانت تتربص بكل خطواته وتراقب كل تحركاته وكتاباته ونشاطاته . إسألوا عن إهتمامه بإنسانية المرأة وكيف دافع عن كرامتها ، وكيف إستوعب حضارة الغرب وحذر من التغريب .
وكان السيد الراحل كثيرا ما يؤكد على ” أن الإسلام نظام شامل، يتناول مظاهر الحياة جميعًا، فهو دولةٌ ووطنٌ و حكومةٌ وأمةٌ، وهو خلق وقوة و رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون و علم وقضاء، وهو مادة وثروة و كسب وغِنًى، وهو جهاد ودعوة و جيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة، سواء بسواء ” إسألوا عنه قرائه وأبناءه ، وأتباعه ومقلديه وإسألوا عنه المغتربين في الخارج وفي تواصله بهم وإتصاله الحميم معهم .
عاش السيد فضل الله نزيها متفهما وصبورا على كل من واجهه بالنقد والتجريح ، وكان قويا صامدا أمام كل حملات التشويه المغرضة ونداءات التسقيط الفاشلة من إساءات الحاسدين ، ومقابل كل ذلك كان يدعو دائما للتعامل بالحسنى والأخلاق الرفيعة وفعل الخير ، لم يكن عنصريا أو حزبيا أو طائفيا ولم يكن للشيعة فقط ، لم يتعصب لرأي أو مذهب بل وهب نفسه للجميع ، وهو القائل ” إذا كان المرء في حركة القيادة ليستلهم حركته من حركة رسول الله (ص) وحركة الأئمة الأطهار ” وهومن قال ” الحياة لاتتحمل الحقد ، الحقد يموت والحب يبقى والحب لكل الناس الذين يتفقون معنا لنتعاون معهم والذين يختلفون معنا لنتحاور معهم فللحب الذي شعرته منكم حملني مسؤولية لحبكم أكثر وللتعاون معكم في سبيل الله أكثر فأكثر فلا أحمل في قلبي حقدا على أحد حتى للذين لايعرفون الحب ” .
ما أعظمك أيها الرجل الكبير ، وأيها السيد النبيل ، فروحك النقية وهمتك العالية وخلقك الرفيع عشقه قلبي وعشقه قلب كل مؤمن ومسلم ، فأمام قامتك تتطلع النفوس الكبيرة، وأمام علو همتك تنحني الهامات لك إجلالا ، حتى وأنت على سرير المرض لم تعجز عن مواصلة العطاء مستمسكاً بحبال الترقي صعداً في مراتب الكمال، منزجراً عن مواقف الذل والهوان، وممتنعا عن الرضا بالدون.
وهكذا رحلت فأقرحت قلوبنا وهكذا بكتك جموع الأمة الواعية وهكذا كنت فهل يتكرر مثل هذا النموذج ؟
رفعوك فوق النعش فارتفع البكاء .. فتمايل التابوت في طوفان
وعمامة ناحت عليك خيوطهــــــا .. نادتك في التوديع لاتنساني
فقدناك وإنا على فراقك لمحزونون ، فوداعا أيها العظيم ، وستبقى فينا ولنا فكرا وعقلا وضميرا ، صوتا مدويا للحق والدعوة الصادقة بما خلفته لنا ياسيدي ومعلمي ، وسنواصل مسيرتك الإنسانية من أجل عالم المحبة والعدالة والحرية .
أضف تعليقاً
8 سبتمبر 2010 في الساعة 12:20 ص
الاستاذه الفاضله عاليه فريد
احسني وفي ميزان الاعمال
ونسأل الله العزيز القدير ان يغفر ويرحم السيد الراحل
ولكن اختي الفاضله
اين انتي عن رؤى السيد الراحل في قضيه السيده الزهراء
اين انتي من موقفه من عصمه الانبياء
اين انتي من موقف بافي المراجع الحاليين مع استثناء من كان له موقف واضح من السيد
واين هي بيانات التعزيه
اين هو بيان التعزيه من السيد صادق الشيرازي واضرب به المثل لقربه الى قلبك ولما له صله الى المرجع المجدد الشيرازي
اسئله اتمنى ان ترى النور بين صفحات كتاب اجوبتك
القضيه ليست قضيه حب و انتماء وتعدديه و شموليه كان يدعوا لها السيد الراحل
ولكن هي قضيه عقيده ومبدء
تحيه طيبه لك