واخزياه.. عار يجب أن لاتحمله الأجيال
8 أغسطس 2006 - أ . عالية فريدإنه لمن المؤسف مايراه العالم من أحداث دامية وإنتهاكات كبيرة وخطيرة بحق الشعب الأبي والصامد في فلسطين ولبنان، لاسيما تصاعد وتيرتها في هذا الشهرالكريم والذي يعد من الأشهر الحرم الذي كانت فيه الجاهلية تحرم القتل والقتال، وأنه ليعتصرنا الألم تلو الألم ونحن نتابع الأحداث المتوالية خلف شاشات التلفاز من إزهاق للأرواح البشرية وما لحق بها من دمار.فآلة الحرب الإسرائيلية وأمام العالم أجمع تضرب كل شيئ دون تمييز ودون أن ترحم أحد مساجد، مدارس، معاهد، مؤسسات، كنائس، بشر وشجر، جسور وطرق، سيارات، شاحنات إضافة إلى التنكيل والتشريد والتهجير، وتهديم البيوت فوق رؤوس أهلها كلها جرائم كبرى وبشعة ضد كرامة الأمة الإنسانية..
أكثر من عشرون يوما ونحن نعاصر الوحشية الإسرائلية الهمجية بشن عشرات الغارات تلو الغارات الجوية التدميرية، وقتل المدنيين بصواريخ المدفعية البرية والبحرية التي ولدت ضحايا وأشلاء ومجازر آخرها ماحدث في مجزرة – قانا – التي أودت بحياة 55 نفسا أبية أغلبهم من النساء والأطفال قتلو في أحضان أمهاتهم ياترى من المسؤول عنها ومن يقف وراءها؟
إن مايجري من إعتداءات وجرائم تعد إنتهاكا صارخا للقانون الدولي وتجاوزا خارقا لمختلف الإتفاقيات والمواثيق العالمية، وإن كل الممارسات الصهونية والأمريكية جرائم إرهابية تتعارض مع كافة قيم ونظم حقوق الإنسان والشرعة الدولية، وفيها تناقضا تاما لكافة مبادئ الديمقرطية والأعراف الإنسانية وعجبي والله لماذا تستنكر أمريكا كره العالم لها؟ هل هذه هي الديمقراطية التي تنادي بها؟ وهل هذه الوسيلة التي تريد أن تستعيد بها ثقة العالم لتحسين صورتها وسمعتها؟
إن ماجرى اليوم كفيل بإعادة صحوة الضمير للأمة أولا بأن يدفعها ذلك للوحدة في الكلمة والموقف، وإلى لملمة شملها لتكون صفا واحدا كالبنيان المرصوص، وإنها لفترة زمنية مؤاتية لأن تعي المجتمعات والشعوب أهمية وحدتها في رأب الصدع وقطع الطريق أمام الأعداء فهم ضعفاء مهما تضخمت خرسانتهم التسليحية، وأمام دعاة الفرقة والتشرذم من المضللون ضحايا التغرير والضعف النفسي وأولئك المنخدعون أمام بريق الحضارة المادية أذيال الأ نظمة الحاكمة والعميلة، فالوحدة سلاح لايضاهيه شيئ وهي أكثر ما يخشاه العدو، وهاأنتم تنظرون كيف تجاوز اللبنانيون خلافاتهم وإلتحموا كتلة واحدة متضامنة في محنتهم ف أصبحو أقوى تماسكا وأكثر فاعلية.
فماذا ننتظر نحن أبناء الأمة؟ هل ننتظر أن تحوكنا المحن وتطحننا الحروب ولاتبقي لنا آلة الحرب أدنى ذرة من شرف أو عزة أوكرامة! وماذا بقي وحتى متى! وإلى متى نستشعر الذل والضعف والهوان في أنفسنا؟ أم نقول على الدنيا السلام..
إلى متى تدرك الأمة عدوها الحقيقي وإلى متى تعي خطر الصراع الذي تنهجه إسرائيل؟ أن معركة الصهيونية الحقيقية هي ليست لشعب وحده ودولة وحدها بل حربها الأساسية منذ قرون طويلة على الإسلام، لذلك تجد التلمودية اليهودية تحارب الإسلام بمختلف وسائلها وتشن غاراتها المستمرة للقضاء على الحركات الإسلامية والنيل من قياداتها ورموزها، وتضييق الخناق عليها والقضاء على مقوماتها وإمكانياتها وقواعدها الأساسية، وزج خيرة أبناءها في المعتقلات والسجون، فالحركات الإسلامية في فلسطين خير دليل حيث يقبع ما يقارب 15خمسة عشر ألف معتقل في السجون الإسرائلية، وكما كانت بالأمس في أفغانستان والعراق هاهي اليوم في لبنان وغدا في سوريا وبعدها الحبل على الجرًار.. الى أين تجر الويلات.. فهذه هي سياستها وهذا هو ديدنها الذي تدعمه وتباركه الأم الكبرى أمريكا، وبالتالي فهي تدرك جيدا أن الإسلام هو القوة الفعلية في وجهها وهو مصدر تهديدها المستقبلي لذا تسعى للقضاء عليه متوارثة ذلك جيلا عن جيل وهذا ما أثبته – الكاتب الأوربي – لورانس براون – عندما كتب «كنا نخوف من قبل بالخطر اليهودي والخطر الأصفر – اليابان وتزعمها على الصين – وبالخطر البلشفي، إلا أن هذا التخوف لم نجده كما تخيلناه، لأننا وجدنا اليهود أصدقاء لنا، وعلى هذا يكون كل مضطهد لهم عدونا الألد، ثم رأينا البلاشفة حلفاء لنا أثناء الحرب الثانية، أما الشعوب الصفر فإن هناك دولا ديمقراطية كبرى تتكفل بمقاومتها.. ولكن الخطر الحقيقي كامن في المسلمين وفي قدرتهم على التوسع والإخضاع وفي الحيوية المدهشة العنيفة التي يمتلكونها، ألا أنهم السد الوحيد في وجه الإستعمارالأوربي»[1] .
وإننا في الوقت الذي ندين فيه رأس الحربة ورأس الإجرام العالمي – أمريكا التي هي خلف كل مايجري مع حليفتها إسرائيل.. في الوقت ذاته أتعجب من زعماء الأمة ألم يتحرك ضميرهم؟ ألم يتهز وجدانهم وهم يرون صور المنكوبين والنازحين والضحايا من نساء وأطفال وسط حطام الركام؟ فإلى متى يستمر التخاذل وإلى متى هذا التراجع والإستسلام؟ وهل يكفي التنديد والشجب والإستنكار؟ أم هناك ماهو أكبر من ذلك.. هذا ما لا يعول عليه كثيرا، فالأقنعة قد كشفت أمام الشعوب التي كانت بالأمس مغيبة، وفضائح الأنظمة قدبانت والسياسات المهترئة قد هرمت، والشيوخ قد كهلت، ولم يعد التباهي بإمتلاك القوة الإقتصادية والسياسية والعسكرية مجديا إن لم يسخر لخدمة الأمة وخدمة أهدافها في لحظة الخطر، لكن كما يقول الشاعر: من يهن يسهل الهوان عليه.. مالجرح ميت بإيلام.
فالتعويل الكبير إذن على الشعوب الواعية وعلى الأجيال الجديدة القادمة فهي الفجر الصاعد لقيادة المستقبل نحو التحرير، وذلك لأنها شهدت بإم عينها المهازل الكبرى التي بليت بها الأمة العربية والإسلامية وأضعفت إرادتها وجعلتها فريسة سهلة بيد الطامعين والمستعمرين.
إن في ما يحدث خير عبرة للأجيال التي باتت ترى كل شيئ وتتعلم الدرس تلو الدرس في الصبر والوحدة والصمود، وفي التحدي والمقاومة وفي الشجاعة والصدق، وفي الإباء والعزة والكرامة، فلا خلاص من الظلم ولاخلاص من القهر ولاخلاص من الذل إلا بالخلاص من التبعية والذل، فعدو الأمة واحد، والشعوب جديرة اليوم بتحديد الإسلوب المناسب في التعبير عن رأيها، والإعلان عن رفضها وإستنكارها وإيصال صوتها وصرختها إلى العالم، وإستخدام إدارة الأزمة بإلأساليب الحضارية الراقية، فإن كانت المظاهرات وسيلة للتعبير في مكان ما فيمكن العمل على الحلول الأخرى بالإستنكار والتنديد، وتشكيل لجان الضغط للتأثير على الرأي العام العالمي، والتواصل الجاد لتحريك مختلف المؤسسات الدولية والجمعيات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني لإستنهاض دورها أمام ما يحوم من أحداث في أماكن أخرى، إضافة الى مختلف أنواع المساندة والدعم المادي والمعنوي.
درس عظيم في الصمود سجله لنا شعب لبنان ومقاومته الباسلة فقد عرض للأمة نماذجا حية للتضحية والفداء سطرها الجميع من النساء والرجال، من الشباب والشيوخ، حتى الأطفال الأبرياء، علمونا وعلموا أبنائنا أن المقاومة للإحتلال عز وشرف والدفاع عن الأرض والوطن كرامة، وأن الشهادة فخر وسعادة وإن الوقت مهما طال فالمؤمن لايلدغ من جحره مرتين، فإذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر فلنعد العدة بالإيمان الصادق وإلإلتزام العملي بالمبادئ والقيم، وبالعلم وبالحرفة والمهنة وبإنتاج الكفاءات والقدرات، وفي بناء القيادات المؤهلة والمتمكنة في السلم والحرب وبعد الحرب عندما يغيب العائل وتصبح الحاجة والعوز لتأمين وسائل الحياة وتحمل المسؤولية.
وللمقاومة وشعب المقاومة أقول هنيئا لكم هذا الصمود وهنيئا لكم هذا الشرف، فعدوكم عدونا جميعا، وليعلم العدو بأن حقده وفضائحة لم ولن تعد خافية على أحد، وليدركوا بأن حصون الإيمان لاتقهر، وقلاع الكرامة لاتذل، وينابيع الإيمان لاتنضب، فياأبطال الوغى فإننا إذ نعلن تضامننا معكم ذلك لأن بكم تتجدد عزيمتنا وبكم تستفيق هممنا، ونحوكم تعلوآمالنا، فنحن لم نعجز عن دعمكم ومواساتكم ومساعدتكم لكننا بكل صراحة نعلن عجزنا عن الأخذ بيد أناس صم بكم عمي لايفقهون، ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم غشاوة ولهم عذاب أليم.