أ . عالية فريد >> مقالات


التقاليد والخيانات والفقر وأسباب أخرى .. تفجره 11 حالة طلاق يوميا في الاحساء والقطيف

16 أبريل 1992 - أ . عالية فريد

تم إخضاع ظاهرة الطلاق على مستوى دول الخليج للبحث والدراسة حيث تبين أن نسبة الطلاق في الكويت بلغت 29,9 0/0 في حين وصلت في البحرين الى 34 0/0 اما في قطر فبلغت النسبة 38 0/0 وفي الامارات 37 0/0 وبلغ عدد المطلقات في الامارات لعام 1415 نحو 16 ألف مطلقة .
وفي السعودية فان حالات الطلاق في تزايد مستمر ، فما بين 51065 عقد زواج في المملكة ابان العام 1414 هج تم توثيق 12478 صك طلاق في نفس الفترة فان نسبة عدد صكوك الطلاق الى عدد عقود الزواج على مستوى المملكة بلغت 24,4 0/0 ، ففي منطقة الرياض نسبة 25 0/0 أما الافلاج فبلغت 39 0/0 وفي حائل 34 0/0 وبلغت النسبة نفسها في وادي الدواسر وعسير ثم الدوادمي 27 0/0 وتبوك 26 0/0 وهي نفس النسبة في الحدود الشمالية والقويعية وفي القصيم بلغت النسبة 19 0/0 والقنفذة 18 0/0 والمدينة المنورة 16 0/0 ومكة المكرمة 15 0/0 . أما في المنطقة الشرقية فقد حازت على أعلى نسبة مقارنة بالمناطق الاخرى حيث بلغت 60./0 وفي الاحساء 20 0/0 .
الطلاق أبغض الحلال عند الله ومهما تعددت أسبابه فهي تتشابه في معظمها ، ولكن النتيجة مختلفة وأبرز وجوه الاختلاف فيها هو أن الطلاق يضع نهاية لحياة المرأة ، لكنه يمنح الرجل حياة جديدة .
يقول عادل المتروك : المرأة المطلقة عار في عرفنا الاجتماعي ، فالرجل لايضره شيى ان كان مطلقا لانه سيحظى بزوجة جديدة ، لكن الضحية هي المرأة فالمجتمع لن يغفر لها لانها كانت زوجة يوما ما ، ولن يرحمها زوج جديد لانها كانت لغيره في يوم من الايام .
ويقول علي رضا أخصائي اجتماعي : حالات الطلاق اليوم في تزايد مستمر ، حتى أن كلمة الطلاق أصبحت سهلة وميسورة ، وذلك ناتج من جهل شباب اليوم بمفهوم حقيقة الزواج هل هو بناء للحياة واستمرارية النسل أم مجرد اشباع شهوة عابرة .
( م ، ف ) مطلقة بعد 10 أيام من عقد القران تقول : طلقني رغبة منه وهاأنذا أستمتع بالمهر فهو من حقي ، وهو الذي رفضني ولم يرغب بي كزوجة .
(ن ، و ) فسخت العقد بعد اسبوعين من اقامة حفل الخطبة وحضور الاهل والاقرباء تقول : شكله لم يعجبني ومستواه لايتناسب مع ما أطمح اليه .
( ق ، س ) تقول : فسخت العقد لانه بخيل فثلاثة شهور قضيناها سوية لم يفكر أن يأتي لي بهدية أو يقدم لي حتى باقة ورد.
أما أحمد الصالح فيقول : راتبي متواضع وأنا على قد حالي ، استمرت علاقتنا ل6 أسابيع وبعدها وقع الطلاق ، لاني وجدتها متشرطة ولا أبالية كل أسبوع تريد أن تأكل في مطعم ، وتريد سيارة آخر موديل لتتباهى بها بين زميلاتها ، وتذهب الى السوق بكثرة فقط لتشتري وتتبضع لاهم لها في الحياة . ويضيف هذا ونحن للتو لم نتزوج ، فكيف لي أن أغامر بزوجة همها اشباع رغباتها فقط .
ويقول سالم محمد طلقتها بعد ساعة من عقد القران ، فقد طلبت رؤيتها قبل العقد ولم يكن والدها موافقا وبعد العقد حرموني من رؤيتها لحين موعد العرس الرسمي ، قلت في نفسي لماذا وجع الراس كما دخلت بالمعروف أخرج بالمعروف وبلاش مشاكل .
أما ( ن ،ع ) تقول : زوجي عاطل عن العمل فتحملت معه صعوبة الحياة وأصريت على مواصلة مشواري الدراسي الذي يؤهلني لدخول مركز تمريض لحين تخرجت ، وتحملت الالم والعناء والتعب حتى استطعت أن أشتري بيتا صغيرا متواضعا يجمعنا أنا وزوجي ، والرجل حساس بطبعه بالذات اذا كانت الزوجة تعمل وهو جالسا في البيت ، وتفاديا لاية مشاكل مستقبلية كتبت البيت باسمه ومنحته كل حبي واخلاصي ، وهاأنذا اليوم بعد مرور 20 سنة عشرة افاجأ بزوجته الجديدة ، وأزف مطلقة الى بيت والدي بعد ان ضاعت حياتي ، وخسرت كل شيى .
وعن أهم أسباب الطلاق ، كان للوطن لقاء بفضيلة الشيخ يوسف المهدي والذي علق قائلا : أسباب الطلاق كثيرة ومن أهمها :
1- الخيانة وتتمثل في ” العلاقات الغير شرعية ” كأن يكتشف الزوج زوجته على علاقة بآخر قبل أو بعد الزواج عن طريق مكالمات هاتفية أو مستمسكات تدين فتاة أحلامه فيقع الطلاق .
2- عدم الانسجام والاعتماد على العقلية الماضية في عملية الاختيار ، فمثلا يعتمد الشاب على وصف أمه أو أخته له ، بينما هو يبني اختياره على الثقافة والفكر والجمال ، فيرى زوجته بغير تلك المواصفات .
3- ضرورة الفحص الطبي لكلا الزوجين ، ومصارحة الاهل للخاطب أمر ضروري ، فكثيرا ما وقعت حالات طلاق لان الزوج اكتشف بعد عقد القران أن الزوجة مصابة بمرض ما مثل ( أمراض فقر الدم المنجلي أو روماتيزيوم في القلب ) وغيرها . فالكشف الطبي قبل العقد ضروري جدا لتفادي وجود أمراض وراثية تؤثر مستقبلا على الابناء .

البنات هم أكثر طلبا للطلاق

والملاحظ أن حالات الطلاق يأتي أغلبها من جانب المرأة ، فالفتاة اليوم متعلمة ومثقفة ولها استقلالية في التفكير ، فتكتشف أن الزوج عادي جدا ليس له أية اهتمامات فسرعان ما يقع الطلاق . لذلك يجب التريث في الاختيار وأن تكون مواصفات الطرفين مطابقة للواقع ، كما يجب أن يرى الزوجين بعضهما قبل الاقتران لانها عشرة عمر وحياة طويلة ، وأن يقتنع الشاب بزوجته يراها ويسمع منطقها ويقيمها بنفسه في حدود ما أمر به الشرع الاسلامي .
أسباب خارجة عن ارادة الزوجين

يختصر فضيلة الشيخ حسن الخويلد هذه الاسباب ب :
1- ضغوط أهل الزوج أو الزوجة وما يتولد عنه بعدم وجود توافق اجتماعي بين كلا الاطراف على حساب حياة الزوجين .
2- غيرة الابناء من الزوجة الثانية والمكيدة لها وتصيد أخطائها حتى تقع فريسة للطلاق .
3- جهل الزوجين بحقوق بعضهما البعض .
4- الاستهتار بالحياة الزوجية لان أساس الزواج قائم على العدل والاحسان بين الزوجين ، وبناتنا اليوم نصف مثقفات ، فلا تبالي الفتاة بخدمة زوجها ولا تهتم بضيوفه بحجة أنها غير متعودة على ذلك في بيت أهلها فيبدأ الشجار وينتهي بالطلاق .

الطلاق لاسباب مادية
ومن أهمها : عدم تقدير الزوجة لزوجها في تحمل أعباء الحياة ، فتحمله فوق طاقته وتطلب منه أن يوفر لها كل رغباتها مقارنة بأخواتها أو زميلاتها .
وحول هذا المحور تحدث الكاتب حسن حمادة قائلا: أن المادة اليوم أصبحت تحكم هذا العصر وهي مسبب رئيسي من مسببات الطلاق ، فالفتاة الجامعية تقترن بشاب مستواه المادي بسيط وبمجرد أن تستلم الوظيفة ويرتفع مستواها الاقتصادي فانها تبدأ بافتعال المشاكل التي تؤدي الى الانفصال .
وفي كتابه ( لماذا يفسخون عقد زواجهم ) أكد على غياب الوازع الد يني بين الطرفين الذي يؤدي الى الطلاق ، فأساس الاختيار يتم على أساس تصورات شكلية ترسمها الفتاة في مخيلتها المشبعة بفارس الاحلام المثالي وسيم المظهر بعينين عسليتين أو شعر كستنائي كالممثل والفنان الفلاني ، واللاعب المشهور وغيره ، بينما اذا توفر الوازع الديني فالامر يختلف تماما فالاختيار يتم بحساب القيم والاخلاق والسلوك والذكاء والعقل الناضج ، وهذا ماأكدت عليه التعاليم الاسلامية السمحاء في قول رسول البشرية محمد (ص) ( اذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ، الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير ) فالتركيز على القيم أهم من المال ولنا خير اسوة في التاريخ خديجة بنت خويلد ( رضي الله عنها وزواجها من رسول الله (ص) .

الفضائيات تتحدى الزوجات
قال أحد المهتمين بعقود الزواج في محكمة القطيف ( رفض ذكر اسمه ) قضايا الطلاق اليومية يشيب منها الرأس فهي تمتد من 3 الى خمس حالات في اليوم الواحد ولاسباب تافهة في أكثر الاحيان وأهم أسبابها :
1- اختيار الشاب شريكة حياته على أنها ملاك خالي من العيوب فيكتشف بعدها خلاف ذلك .
2- اهمال الزوجة نفسها ومظهرها ، فالمرأة بيدها مفتاح قلب
الزوج فيجب أن تهتم بمظهرها وأناقتها و” حياتها الخاصة ” مع الزوج ، فان أهملت ذلك فحياتها معرضة للخطر ، لاسيما أن هناك منافس عبر الفضائيات ووسائل الاعلام التي تسلط الضوء على جمال المذيعات والممثلات وغيرهن ، فيبدأ الزوج يحدث نفسه بمقدمات تؤدي به الى الانفصال .

ارتفاع معدلات الطلاق في الاحساء

أشار الاستاذ أمين البقشي أحد مساعدي القضاة في محكمة الاوقاف والمواريث بالهفوف الى تزايد معدلات الطلاق في الاحساء ففي عام 1418 هج بلغ عدد عقود الزواج 2180 عقد مقابل 176 صك طلاق ، وفي عام 1419 هج عدد العقود 2000 عقد مقابل 207 صك طلاق . وارتفاع معدلات الطلاق حسب مايلي : عام 1413 هج 145 حالة طلاق
عام 1414 هج 206 حالة طلاق
عام 1415 هج 173 حالة طلاق
عام 1416 هج 286 حالة طلاق
عام 1417 هج 192 حالة طلاق
عام 1419 هج 207 حالة طلاق
عام 1420 هج 2004 حالة طلاق
وعن طريق المحكمة الكبرى في الاحساء ورد عدد عقود الزواج 1982 عقد مقابل 440 صك طلاق . وأهم أسباب الطلاق يتراوح بين 70 0/0 لاسباب اقتصادية ، و20 0/0 تدخل أهل الطرفين ، و10 0/0 لاسباب أخرى مثل كراهية أو خيانة وعدم انسجام بين الزوجين . وأن نسبة الطلاق في السنوات الاولى من الزواج 20 0/0 وماقبل الدخول بنسبة 30 0/0 وما بعد سنتين الى عشر سنوات زواج هناك 40 0/0 حالة طلاق .
وتكثر نسبة الطلاق بين المتعلمين لاسباب مادية أو جغرافية كبعد أحد الزوجين واغترابهما عن بعض أو لعدم تفرغ وماشابه ذلك . أما على صعيد العوائل الكبرى فنسبة الطلاق فيها أقل .

قاضي محكمة القطيف الشيخ عبد الحميد الخطي

الطلاق اليوم آفة اجتماعية يجب محاربتها

علق قاضي محكمة القطيف فضيلة الشيخ عبد الحميد الخطي على هذا الموضوع قائلا: المشاكل الاجتماعية كثيرة وتفوق الحصر وأهمها الطلاق ، فهي مشكلة كبيرة الى الان لم تحظى بعلاج ، فالطلاق سابقا ينحصر بعد الدخول الشرعي بالزوجة وبعد مرور فترة زمنية وجد من خلالها الزوجين أن العشرة بينهما مستحيلة ، فلا سبيل لهما الا الطلاق ، أما اليوم فقد انقلب الامر رأسا على عقب ، فأصبح الطلاق قبل الدخول المتعارف عليه ( ليلة الزفة أو موعد العرس ) أضعافا مضاعفة فعدد حالات الطلاق لايقل عن 125 حالة في الشهر الواحد مقابل 200 حالة زواج .
ويضيف قائلا : المجتمع بحاجة الى رجال مصلحين حقيقين يعالجون هذا الداء ، كما أنه بحاجة الى أناس ذوي ضمائر حرة واخلاص لله وللوطن ، والا فهناك الكثير ممن يتخذ هذا الخلاف سبيلا للمكاسب بدلا من أن يبذل فيه أدنى جهد للاصلاح ، كما أن هناك الكثير من الناس يتصدون لعقود الزواج ، لكننا لانراهم في محاولة الاصلاح في قضايا الطلاق وأظن أن المردود في الزواج يختلف عند الطلاق ، فاذا عرف السبب بطل العجب .

ممارسة الزنا طريق مؤدي للطلاق

هناك بعض الرجال الذين سقطوا في أحضان الرذ يلة قبل الزواج ، يقارنون دائما بين زوجاتهم ، وبين من ” جربوهن ” بالزنا ويعتبرون زوجاتهم أقل مما كانوا يتصورون ، أحد مسببات الطلاق .
يقول أحد القضاة : ان أكثر الازواج الذين تقدموا اليه طالبين فصم عرى زواجهم ، كانت حجتهم أن زوجاتهم لايأ تين من ضروب الغنج والدلال ما ألفوه في أحضان بنات الهوى ، واستنتجوا من هذا أن الزوجة التي لاتقابل اندفاع زوجها باندفاع مثله تكون اما عاشقة وقد ملك عشيقها لبها وكل حواسها ، أو ذات عيب تناسلي يجعلها في المخدع المشترك باردة كالثلج ، جامدة كالصخر .

د/ الخضير .. الزواج المبكر مدعاة للطلاق
لاتظلموا الشباب بالزواج

يعلق د/ خضير بن سعود الخضير وكيل جامعة الملك فهد للشؤون الاكاديمية على هذا الموضوع قائلا : الطلاق أصبح ظاهرة غريبة جدا في المجتمع الخليجي ، ويعود لاسباب عدة من أهمها مايلي :
1- رغبة الشباب بالزواج المبكر وهم غير مؤهلين لذلك، وتشجيع الآباء أبنائهم على الزواج المبكردون أن يدركوا وعي الشاب لتحمل المسئولية .
2- كثير من الشباب لاينهي دراسته الجامعية ، فيحصل على وظيفة متد نية ، وراتب بسيط لايلبي احتياجاته الحياتية والاسرية .
3- اصرار بعض الطالبات على مواصلة الدراسة تحت ظل الحياة الزوجية فيؤدي الى الشجار وينتهي بالطلاق .
4- الزواج خارج اطار العائلة ، او خارج المجتمع بحيث لايتحقق تلائم وانسجام بين الآباء والامهات .
5- لجوء الكثير من الشباب الى الزواج السريع من النظرة الاولى بين الشاب والشابة ، دون الاطلاع على حياة بعضهن البعض .
6- غياب الوالدين وذوي السلطة للاصلاح بين الاطراف المختلفة . وأكد أيضا على ضرورة التأني في أخذ القرارات الحاسمةالتي تفصل بين الطرفين ، ففي الماضي كان للتلاحم الاجتماعي والمشورة دورا كبيرا في الاصلاح بين الزوجين ، أما اليوم فهذه العادات في تقلص مستمر.
ملاحظات لابد منها
نتيجة لكل هذه الاراء تم استنتاج مايلي :
1- تجنب عدم التسرع في قرار الطلاق ، واعطاء فرصة للتفكير والتراجع عبر تدخل الاهل والقاضي الايجابي .
2- التقليل من تدخل الاهل السلبي ، وترك قرار الطلاق أو الصلح بين الزوجين وحدهما لمراجعة بعضهما البعض .
3- تركيز ثقافة الحياة الزوجية من حيث الحقوق وحسن العشرة ، ونطالب بايجاد مؤسسات ثقافية تحمل على كاهلها مشروع الاسرة والابناء ومشاكل العلاقات الزوجية .
4- أن تشكل المؤسسات الاجتماعية ك( مؤسسة الزواج الجماعي ) لجان خاصة تهتم بتدريب الشباب المقبل على الزواج وتهيئته ماديا ومعنويا .
5- على المجتمع أن يبادر لبذل مساعي الخير والاصلاح لاعادة الزوجين بعد الطلاق .
6- نتيجة لعدم توافق الزوجين فالضحية هم الابناء وهم المتضررين أولا وأخيرا من جراء هذا القرار المشين الذي يسمى الطلاق .

أضف تعليقاً