“الحرمان العاطفي” يؤدي إلى الانحراف الاجتماعي
16 أكتوبر 2000 - أ . عالية فريديعاني الكثير من الشباب والشابات في المجتمعات الحديثة من ظاهرة الحرمان العاطفي والذي من المفترض أن يحصلوا عليه من والديهم. وتقول إحدى الدراسات إن 91% من المجرمين قد عانوا منذ الصغر من النقص العاطفي وعدم التشبع الأسري. “الوطن” ترصد بعض عواطف فتيات وفتيان المجتمع تجاه أساليب التعبير العاطفي الذي يحصلون عليه من أولياء أمورهم.
تقول نادية السيف مديرة مجمع رياض أطفال بمحافظة القطيف إن الغذاء العاطفي عامل رئيسي ومهم في النمو النفسي والعقلي والصحي للأبناء ويساهم في تطوير شخصياتهم والطفل المحروم من الطعام وعليه يجب أن نتدارك الأمر بسرعة ونمد للطفل المحروم عاطفيا يد العون لأنه سيكون أقل قدرة على إبراز محبته في المستقبل أو لا يستطيع الإعراب عن المشاعر المحبة والمودة لأن التجارب أثبتت أن هؤلاء الأفراد لا يتحرجون في إظهار الخشونة والقسوة والضرب وجرح الآخرين.
ويعلق عبد العظيم الصادق الأخصائي النفسي بمستشفى القطيف المركزي قائلا “كما يحتاج الفرد إلى التغذية فإنة يحتاج إلى المحبة والابتسامة والدفء العاطفي وكلها أشياء يحصل عليها الفرد من أبوية وأفراد أسرته وقد أوضحت بعض الدراسات السيكولوجية أن الزيادة في الحرمان تؤدي إلى تأخر النمو الجسمي والعقلي والاجتماعي”.الحرمان العاطفي
وحول الآثار السلبية الناتجة عن الحرمان العاطفي يقول الصادق “النتيجة هي القلق والاضظرابات النفسية والرغبة في الانتقام والذي ربما يؤدي بدورة في كثير من الأحيان إلى جنوح الأحداث وارتكاب السرقة كما أوضحت العديد من الدراسات والتي أشارت أيضا إلى أن 58% من الحالات الانتحار وقعت في البيوت العائلي وأن 74% من حالات الانحراف الاجتماعي تأتي من هذه البيوت”
وعن أهم الأسباب التي تؤدي إلى جفاء المشاعر في التعامل مع الأبناء تقول هدى محمد (أم لخمسة أبناء) “إن متغيرات العصر وانشغال الإنسان وكثرة الأعمال والمسؤوليات لها تأثير سلبي واضح على الأبناء فالأب مشغل في عمله والأم في وظيفتها وكلاهما يأتي من العمل منهكا متعبا. عموما الأبناء لا ينالون الرعاية الكافية من الحب والاهتمام بتأمين حاجياتهم العاطفية ومتابعة الأمور الدراسية.
نادية العبد الله (أم)تقول”بكل صراحة لا توجد في الدنيا أم تكره أبناءها لكنني أخجل أقول لابني يا حبيبي أو عمري أو أضمه”. أما أماني الجعفر (أم) أيضا فتقول “فاقد الشيء لا يعطيه. فنحن لم نتعود إلا سماع الصراخ والأوامر والزجر والنهي. وأنا حائرة في كيف أظهر حبي لأبنائي”.
الأبناء والمتطلبات العاطفية
أمل المحسن طالبة في المرحلة الثانوية تقول:”أفتقد الآن إلى الحنان الذي كانت تحوطني به والدتي في صغري. كم أشعر وأنا في هذا السن بالأنس والحنان. واقتراب من والدتي وهي نائمة لأنام يجنبها و أشعر أن الدنيا كلها بيدي”. وتقول الطالبة رنا المسلم”علاقتي بوالدتي يغلبها جفاء المشاعر ولست بالنسبة لها سوى فرد توافر له الملبس والمأكل والسكن الأنيق والمستلزمات الأخرى أما المشاعر والعواطف فلا مكان لها بيننا فولدي خارج البيت و أمي دائماً مشغولة”. وتقول بتول(طالبة في المرحلة المتوسطة)”أحب زيارة صديقتي في بيتها فأمها طيبة ولطيفة فهي تجلس معنا دائما و تتعرف على مشكلاتنا وترشدنا نحو الصواب كما كانت جدتي يرحمها الله أما والدتي فكلما حاولت كسر حاجز الصمت يكون الرد (يبدو أنك فاضي) وهذا ما يجعلني أقضي معظم وقتي في محادثة الآخرين عبر الإنترنت”.
—–
الوطن (17) السنة الأولى