الدعوة إلى مؤتمر لبدائل السجن تتولاها وزارتا العدل و الداخلية
24 يناير 2010 - جريدة المدينةالأحكام البديلة أصل في تراثنا الفقهي مختصون :
الدعوة إلى مؤتمر لبدائل السجن تتولاها وزارتا العدل و الداخلية
محمد البيضاني – الباحة
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن «الأحكام البديلة» خاصة بعد أن اتجهت الأنظار الى العديد من القضاة والمحاكم الشرعية اعتادت على إصدارها بين فترة وأخرى. وتعتبر الاحكام البديلة توجهاً اجتماعيًا عوضًا عن الزّج في السجن، بل اصبح تطبيق العقوبات البديلة في الأحكام التعزيرية يحقق مصالح المواطن والمجتمع معًا، كما أنه الانجح في تقليل تكدس نزلاء السجون .
في البداية اوضح الدكتور ابراهيم الحمود الاستاذ بمعهد القضاء العالي ان للقاضي أن يحكم بالعقوبات البديلة متى رأى المصلحة تقتضيه , وفي العقوبات البديلة مصلحة للوطن والمواطن كأن يكون لدى المحكوم عليه مهارات ومواهب يمكن استغلالها لمصلحته ومصلحة وطنه .لا سيما وأن العقوبات التعزيرية لا نص فيها وإنما تعود لاجتهاد القاضي : والبديل لا حصر له وإنما يتوقف على شخصية المحكوم عليه وما يناسبه – على أن لا يخلو الحكم البديل من معنى الردع والزجر لتتحقق العقوبة .. وقي العقوبات البديلة حلّ لتكدس السجون بالمساجين خاصة قي القضايا التي تكثر غالبا .
– واشار رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب بمجلس الشورى الدكتور طلال بن حسن البكري ان الاحكام البديلة قد تحل بعض المشكلات وليس كل المشكلات حيث أرى ان تتناسب مع فئة الشباب الصغار ولكن مع المجرم المتمرد اعتقد انه لابد من ان يعاقب عقابا شرعيا وأشيد بالقاضي الذي اصدر الحكم البديل والمتضمن باصدار حكم على السارق بكتابة بحث حول السرقة وهذا العقاب كان على شاب صغير ، اما المتمرس في السرقة فلا يصح ان نجعل له عقوبات بديلة ، واشير الى أن تلك الاحكام تتناسب مع بعض الفئات العمرية فقط فبعض الجرائم لاتستحق السجن كما ان الجلد لبعض القضايا يزيد من المشكلات.
– ويرى الدكتور خالد الربيعان استاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود ان معنى الأحكام البديلة: استبدال عقوبة السجن بعقوبة تعزيرية أخرى ربما بدت أخف وطأة؛ كالغرامة المالية، أو خدمة المجتمع، أو غير ذلك من الأعمال مما يكون له فائدة عامة تعود بالنفع على المجتمع. وفي نفس الوقت فإن تلك العقوبة تعد تأديبا للجاني وإصلاحا لحاله دون الإضرار به جسديا ومعنويا بحيث يكتشف ما لديه من طاقة خلاقة ومفيدة قد يوجهها للعمل النافع مستقبلا. ويتم استخدام الاحكام البديلة في الدول الغربية في الجنح الخفيفة والمخالفات المرورية مما لا يدخل تحت الجرائم الكبرى كالقتل والاغتصاب والسرقة والتزوير.
الجنح الخفيفة التي تناسب تطبيق الأحكام البديلة
معظم المخالفات المرورية إتلاف الممتلكات العامة كالحدائق والمساجد والتلفونات العمومية ، السب والشتم واستخدام لغة غير مهذبة في موقف يتطلب اللطف والأدب الجم ، التحرش الجنسي اللفظي واللمس البسيط والتقبيل عنوة – العراك مع آخرين عندما لا يحدث أذى كبير للمجني عليه – إتلاف ممتلكات الغير كسياراتهم وبيوتهم – السرقة البسيطة التي لا تصل إلى حد السطو على البيوت والمحلات – تدخين الحشيش والماريجوانا (لا يدخل تحت ذلك الترويج ) الشغب المصاحب للرياضة وفي الأماكن العامة – عدم ارتداء ملابس محتشمة في مكان عام… وغير ذلك من الجنح.
صعوبات تطبيق الأحكام البديلة:
• قد يعترض عليها معترض بدعوى عدم وجود مسوّغ شرعي أو قانوني يسندها. وقد يتّهم القاضي بقلة العلم أو ابتداع شيء جديد.
• صعوبة تطبيقها في بعض الأماكن كالمدن الكبرى؛ فالجاني قد تصعب مراقبته وقد يهرب إلى مدينة أخرى.
• بعض أفراد المجتمع قد لا يتقبلون الأحكام البديلة فهم يريدون رؤية الجاني خلف القضبان لأنهم يفكرون بطريقة تقليدية. وأخيرا أشيد كثيرا بقاضي المويه (العبدالكريم) الذي يطبق الأحكام البديلة في الجنح الخفيفة واعتقد انه من المفيد تكرار تجربته في أماكن أخرى وخاصة القرى والمدن الصغيرة حيث سهولة مراقبة الجاني من قبل أفراد المجتمع.
– الباحث الاسلامي الدكتور عبدالرحمن طالب .. اشار الى ان الأصل في العقوبات أنها للتأديب وتكون بقدر ما يردع المخطئ فإن حصلت العقوبة ولو بعمل فيه خدمة للمجتمع وفيه مصلحة وردع للمعزر فهو المطلوب .وينبغي أن نفرق في حال المقترف للجريمة فإن كانت جريمة كبيرة وخطيرة أو أنها تكررت منه فلابد من عقوبة رادعة تمنعه من الوقوع فيها مستقبلا ولو بالحبس لأن مدة الحبس مؤذية ومؤلمة لكثير من الناس.أما إن كان الخطأ بسيطا فإن توجيهه لعقوبة فيها مصلحة له وللمجتمع ويحصل بها المقصود فهو أولى . وينبغي أن نلحظ أن ابتداء العقوبة بالسجن فيه مآخذ كثيرة منها أن أطفاله وزوجته وأهل بيته يحرمون منه وربما أدى لانحرافهم فكأن العقوبة نزلت للمخطئ وعائلته وكذلك ربما تعلّم من كبار المجرمين الذين نزلوا السجن وحكم عليهم بمدد طويلة أساليب جديدة للجريمة ,فكم من نزيل لقضية بسيطة خرج بعدها من كبار المجرمين مع تكلفة على الدولة تقدر بميزانيات باهظة . وينبغي أن ننبه أن بعض الأعمال لا تتناسب مع حال المخطئين كما لو عمل حارسا لجمعية متعلقة بالمسلمين الجدد أو حارسا للمسجد وهو من المدمنين للمخدرات ، فالناس لا تتقبل ذلك وربما تصرف مع المحيطين به تصرفا غير مناسب .. لكن لو تم فتح مجالات جديدة مثل الأعمال المتعلقة بالطرق وتنظيمها ومراقبة المطاعم وسقي الحدائق ونحو ذلك فهو أولى.
المصدر: جريدة المدينة الاثنين, 18 يناير 2010
http://www.al-madina.com/node/216175