قيادة السيارة ليست آخر الحقوق
25 يناير 2010 - جريدة المدينةقيادة السيارة ليست آخر الحقوق
ماجد الحربي
.. وأعني بالتأكيد قيادة المرأة للسيارة، والتي وصفها الشيخ أحمد بن باز في مقاله بصحيفة “الوطن” في 15 يناير 2010م بالحق الأصيل، والذي لا يمكن التصويت عليه، حتى وعندما نتحدث عن حقوق الفرد، فإننا نطالب بمنحها للجميع، وذلك لا يعني بالطبع إجبار الجميع على الاستفادة من هذه الحقوق، وتحويلها لممارسات، كما أوضح الشيخ.
ما يهمني في الموضوع أعمق وأبعد من القيادة كحق مستقل، تهمني الثقافة الحقوقية بمفهومها العام، والتي كفلها الشرع الإسلامي مصدر التشريع الأول لهذه البلاد، وهي ثقافة تغيب للأسف حتى عن مَن يُعدّون من النخبة كأعضاء مجلس الشورى عندما نراهم يطالبون بطرح هذه الحقوق للتصويت، ثم يتجاوزون ذلك إلى رفضها أو استبعادها، وكأنها ممّا لا ضرورة له!
أدرك تمامًا أن هنالك تشريعات تنظيمية مهمة ومطلوبة لأي نظام اجتماعي تقنن ممارسة الحرية، ومع ذلك أقف عاجزًا عن فهم بعض التشريعات التي تمثّل في مجموعها سلبًا كاملاً لحرية وكيان المرأة في مجتمعنا، كأن نربط جميع معاملاتها في البنوك، والدوائر الحكومية باستخراج بطاقة الأحوال المستقلة -وهذا جميل- ثم نربط استخراج هذه البطاقة بموافقة ولي الأمر، وهو ما يجعل المرأة رهينة بشكل كامل لمزاج رجل واحد يتحكم في مصيرها ووجودها، بالتأكيد هنالك الآلاف إن لم يكن الرقم أكبر بكثير من النساء اللاتي يعانين من هذا الأمر، عندما يقعن تحت سلطة رجل بلا ضمير، ولا أخلاق خصوصًا مع نظام قضائي تدور القضية في فلكه لسنوات، وقد لا تجد الحل بعدها!
عند التعمق في قراءة مثل هذا الوضع نجد أنه مبني على فتاوى شرعية توسعت في إطلاق المصطلحات والأحكام المقننة بشروط في الشريعة تحت قاعدة سد الذرائع -مع تجاهل دائم للنصف الآخر من القاعدة- مثل المحرم، وولي الأمر، واختلاق بعض المصطلحات كالاختلاط، وهو ما جعل البعض يتعبّد لله بأمر ليس من تشريعه، كما نلاحظ في رفض بعض النساء حتى لمجرد مناقشة قيادتهن للسيارة، وقد لا يكون في ذلك ضير إن استمر في سياق الحرية الشخصية، ولكن أن يصل حد التعبّد، فذلك ممّا فيه نظر لا سيما وإن تعدّى ضرره إلى من تحتاج لهذا الحق حاجة ملحّة.
الحديث عن حقوق المرأة لم يعد من ترف الحديث، وهي تشكّل جزءًا مهمًّا من تكوين المجتمع، والظلم الذي قد يقع عليها سيدفع ثمنه المجتمع بأكمله، وعبارة أن الإسلام أعطى للمرأة كل حقوقها هي من الحق الذي يُراد به الباطل دائمًا عند استخدامها في هذه الموضوع، أدرك أن ثمة حراكًا قد بدأ متأخّرًا حول هذا الموضوع، ولكنه حراك بطيء لا يحتمله الموضوع الذي نتمنى أن نرى فيه وقفة جادة وعاجلة من ملك الإصلاح الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- والمزيد من القرارات التاريخية التي تحل مثل هذه الإشكاليات، وتضمن حياة كريمة لكل فرد في هذا الوطن رجلاً كان أم امرأة.
المصدر: جريدة المدينة الاربعاء 20 يناير 2010