أ . عالية فريد >> أخبار و مقالات


أعضاء في الشورى : لجنة المياه تجاهلت كارثة جدة واكتفت بالتقارير

26 يناير 2010 - جريدة المدينة

أعضاء في الشورى : لجنة المياه تجاهلت كارثة جدة واكتفت بالتقارير

سهل حمزة – ثامر المالكي – الرياض – الدمام

انتقد عدد من اعضاء مجلس الشورى تجاهل لجنة المياه والمرافق العامة في المجلس لكارثة سيول جدة. وقالوا لـ «المدينة» ان اللجنة تحركت متأخرة حين شارفت الازمة على الانتهاء وكان يجب عليها منذ البداية الوقوف ميدانيا على الكارثة بدلا من الاطلاع على التقارير التي ترد اليها. واشاروا الى انها كان ينبغي منذ البداية ان تذهب الى مواقع الاحداث وتنظر الى المنازل المقامة في بطون الأودية والخروج بتوصيات تمنع انتهاكات اراضي مجارى السيول ووضع الحلول لتفادي وقوع مثل هذه الكارثة مستقبلا.

وكشف عضو بالمجلس عن وجود جدل داخل قبة الشورى عقب كارثة جدة بشأن تفسير مهمته كجهة رقابية، حيث يطالب بعض الأعضاء بأن تتعدى مهمته الرقابية إلى الوقوف بنفسه على المآسي والأخطاء ميدانياً، في حين يرى آخرون قصر المهمة الرقابية على التقارير التي تصل للمجلس، ويرفع بشأنها التوصيات، بحجة أن له حق استدعاء من يراه مفيدا من المسؤولين للتباحث معه حول الوضع الراهن، ومناقشة الأسباب ووضع التحليلات اللازمة وفق هذه الجلسات والمكاشفات مع المسؤولين دونما الحاجة للعمل الميداني، الذي قد يتسبب -حسب رأيهم- في الخلط بين الجوانب الرقابية والتنفيذية، مما يسبب تداخل السلطات والمهام.

وعن هذه الجزئية تحديدا قال الأعضاء الذين تحدثوا لـ “المدينة” ان المجلس ليس لـ «الاستشارة» فقط، بل يجب ان يتدخل في كل الامور خصوصا اذا كان امرا داخليا ككارثة جدة، وطالبوا بترتيب زيارات للاعضاء بهدف الاطلاع عن قرب على حجم الكارثة ولتقييم نوعية وحجم الجهود المبذولة لتخفيف آثار الكارثة على المتضررين. واكدوا ان هذه الزيارات هامة وضرورية ولا تغني عنها اي تقارير مكتوبة، وأن «الحكايات» التي ينقلها بعض الاعضاء من سكان جدة للمجلس لا تكفي على الاطلاق بل يجب ان يكون هناك التحام مع المتضررين من خلال معايشة الاحداث ميدانياً.

لا بد من تحرك رسمي

استغرب الدكتور خليل البراهيم عزوف المجلس عبر لجانه عن الوقوف على كارثة سيول جدة، وقال “يفترض أن يكون للمجلس حضور قوي في هذه الازمة حتى يتسنى له تبني قراره من خلال معلومة حاضرة ، واستبعد ان يكون المجلس قد اخطأ في عدم ارسال أعضاء للوقوف على الكارثة ، مبينا أن عددا كبيرا من الاعضاء يسكنون في جدة وقد عاشوا الواقعة ونقلوا الصورة، والمجلس لم يكن مغيبا بشكل كامل، إلا أنه يعترف بأن هذه الصورة غير كافية ، وأن الأمر يتطلب تحرك المجلس بشكل رسمي من خلال اللجان المختصة حتى تأتي بتقرير رسمي يعرض على المجلس الذي يجب عليه ان يكسر حاجز أسواره بالعمل خارجه عبر التواصل مع المناطق الإدارية المختلفة والاطلاع على المشاريع ورفض البراهيم فكرة أن دور المجلس يتلخص في الاستشارة فقط، بل عليه دور في مثل هذه الاحداث ويقف على احتياجات المناطق المنكوبة، ولابد للمجلس ان يأتي بأفكار ترفع للمقام السامي لكي تعالج القضية برمتها، حتى لا تتكرر مثل هذه الفاجعة في مدن أخرى.

كما استغرب الدكتور زين العابدين بري غياب لجان الشورى عن كارثة جدة وحرب المملكة ضد الارهابيين المتسللين، وقال: أين لجنة الشؤون الأمنية عن الاتصال مع وزارة الدفاع لتمكين أعضاء المجلس من الوصول إلى منطقة الحرب في الجنوب وزيارة النازحين، وأين لجنة المياه والمرافق العامة عن أزمة جدة ؟ .. ولماذا لم تقف على الكارثة إلى هذا الوقت واضاف انه سيثير الموضوع مع هذه اللجنة لمعرفة سبب عزوف اللجنة عن الذهاب الى جدة ، مشيرا الى ان بقاء اللجنة واعداد تقرير عن المشكلة غير كاف، بل يجب عليهم معاينة تلك المنازل المقامة في بطون الأودية والخروج بتوصيات تمنع انتهاكات اراضي مجارى السيول وتفادي وقوع مثل هذه الكارثة مستقبلا في أي منطقة. وعارض بري المزاعم القائلة ان عمل المجلس يقتصر على الاستشارة فقط وقال إن المجلس لا بد ان يتدخل في كل الأمور خصوصا إذا كان امرا داخليا ككارثة جدة.

جدل تفسيري

وكشف الدكتور مازن بليلة عن وجود جدل داخل أروقة المجلس عقب كارثة جدة بشأن تفسير مهمته كجهة رقابية، وفق المادة الخامسة عشرة من نظامه، التي تحدد اختصاصاته في أربع مهام تشريعية ورقابية، حيث طالب بعض الأعضاء بأن تتعدى مهمته الرقابية إلى الوقوف بنفسه على المآسي والأخطاء ميدانياً، في حين يرى آخرون قصر المهمة الرقابية في التقارير التي تصل للمجلس، وتُرفع بشأنها التوصيات، بحجة أن للمجلس حق استدعاء من يراه مفيدا من المسؤولين للتباحث معه حول الوضع الراهن، ومناقشة الأسباب والمسببات، ويضع التحليلات اللازمة وفق هذه الجلسات والمكاشفات مع المسؤولين داخل أروقة المجلس دونما الحاجة للعمل الميداني، الذي قد يتسبب -حسب رأيهم- في الخلط بين الجوانب الرقابية والجوانب التنفيذية، مما يسبب تداخل السلطات وبالتالي تداخل المهام، وعدم القدرة على المحاسبة الحيادية بعيدا عن أي مؤثرات عاطفية، في ظل وجود جهات رقابية أخرى تنفيذية أسندت لها هذه المهام الرقابية الميدانية، مثل (ديوان المراقبة العامة، هيئة الرقابة والتحقيق، هيئة الادعاء العام، الدفاع المدني، والمباحث الإدارية).

وبين أن تفسير المادة 15، من نظام المجلس، يترك عادة في هذه الأمور، إلى الهيئة العامة، برئاسة الرئيس فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله آل الشيخ، ومن الواضح أن القرار كان لصالح الاكتفاء بدراسة التقارير ورفع مرئيات وتوصيات المجلس لولي الأمر.

زيارات شخصية

وردا على من يقول بأن اعضاء الشورى لم يولوا كارثة جدة من المتابعة ما يتوازى مع مهمة المجلس، قال: على الصعيد الشخصي قام عدد من أعضاء المجلس بزيارات ميدانية متفرقة، للأحياء المتضررة، على شكل أفراد أو مع جهات التطوع، وقد شاركت شخصيا في إحداها، لكن عادة لا يتبع ولا يصاحب هذه الزيارات تغطية إعلامية، على اعتبار أنها شخصية، لكن عرضت الكارثة في أكثر من جلسة، في الوقت المخصص لمناقشة الشأن العام، وقد رأى المجلس بعد عدة مداولات إسناد كتابة التقرير الذي يحلل المشكلة، للجنة الخدمات العامة والمياه، التي استدعت عددا من المسؤولين وناقشتهم خلال اجتماعاتها الداخلية، وفق ما يسمح به النظام، ووضعوا التوصيات اللازمة التي رفعت لولي الأمر لتأخذ دورها في التنفيذ، مع بقية الخطوات الإيجابية، والحاسمة التي اتخذها المليك لمناقشة ومحاسبة المسؤولين ووضع العقوبات اللازمة للحد من التقصير والإهمال الذي أدى لهذه الكارثة المفجعة.

غياب المتابعة وسوء الإدارة

وفي إجابته على سؤال آخر عن ما إذا كانت هناك قرارات او رؤى مستقبلية لدى الشورى لتلافي تكرار وقوع مثل هذه الكارثة، أكد أن المجلس لا يعمل وحده في سبيل تلافي تكرار الكارثة، ولا شك أن لجنة التحقيق برئاسة سمو أمير منطقة مكة المكرمة، سوف تخرج بالعديد من النتائج الهامة، خصوصا وأن نص إنشائها ورد فيه (دعوة ومحاسبة كل من له ضلع بالكارثة كائناً ما كان)، وسوف تستفيد كل قطاعات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية من مخرجات هذه اللجنة الإصلاحية المبشرة بكل خير.

وقد تبين من تحليل المشكلة أن أحد أهم الأسباب هو غياب المتابعة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وتنفيذ المشاريع التي تخدم مصلحة المواطن، بسبب عدم توفر معلومات كافية، ليس نقصاً في المال والدعم وتوفير الميزانيات اللازمة، ولكن في سوء إدارة هذه الموارد.

التقارير والاستطلاعات لا تكفي

من جهته طالب الدكتور عبدالله بخاري بضرورة ترتيب زيارات لأعضاء الشورى بهدف الاطلاع عن قرب على حجم الكارثة التي حلت بمدينة جدة، وأكد أن الزيارة في الوقت الحالي تعتبر متأخرة وكان يجب ان يتم تكليف لجنة شاملة ومتخصصة من كافة الاطراف ذات العلاقة المباشرة بالحادث مثل اللجنة الاقتصادية والمياه والمرافق العامة والخدمات والشؤون الاجتماعية، بعد وقوع الكارثة مباشرة. واشار إلى أن ذلك يأتي كأحد أهم واجبات المجلس بغية أن يقف الأعضاء بأنفسهم على الواقع ويطلعوا على حجم الضرر على الطبيعة ويقيّموا نوعية وحجم الجهود المبذولة لتخفيفه عن المتضررين على الطبيعة أيضا.

وقال إن هذه الزيارة الميدانية في غاية الاهمية ولا تغني عنها تقارير واستطلاعات وسائل الإعلام ولا التقارير الرسمية التي قد تقدمها الجهات المعنية للمجلس، لافتا إلى أن الوقوف على أرض الواقع ومقابلة الناس المستفيدين أو المتضررين في مثل هذه الأحداث النادرة يعطي مؤشرات مفيدة لمن هم في مقام ومسؤولية أعضاء الشورى بهدف الخروج بعدد من التوصيات المستقبلية.

واضاف : قام اعضاء الشورى بزيارة رسمية مطار الملك عبدالعزيز ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية في وقت سابق وتم الخروج بعدد من التوصيات والاقتراحات، فيما كانت الزيارات التي قام بها بعض الأعضاء لمدينة جدة بعد «كارثة الاربعاء» على مستويات فردية ولم تتخذ طابع الرسمية حتى الآن، وعن زيارة اعضاء الشورى لمدينة جازان قال: ستكون هناك زيارة خلال الايام المقبلة ، حيث سيتم الاطلاع على مراكز الإيواء التي تم تجهيزها للنازحين من جراء العمليات العسكرية على حدودنا الجنوبية.

اختصاص المجلس

أما الدكتور عبدالملك الخيال فأكد أن المجلس لا يريد أن يتدخل في التحقيقات وما حصل في جدة والمفروض الانتظار حتى صدور النتائج التي ستنتهي إليها لجنة التحقيق، وعندها يمكن للمجلس أن يقول كلمته، وهذا الامر قائم في الجنوب لأن هذا ليس من اختصاص المجلس، مشيرا إلى أن عمل المجلس استشاري بحت، وهو يدرس كل ما يحال له فقط وفي حال طلب منا دراسة الموضوع فإننا لن نتوانى عن ذلك.

وتحدث الخيال عن دعوة بعض الأعضاء للوقوف الميداني على بعض الامور الحاصلة في المنطقة، قائلا: أما دعوة بعض الأعضاء للذهاب إلى هنا أو هناك فهذا ليس من دور المجلس، ونحن نطلع على الموضوع من زوايا أخرى ولا يجب أن ندخل أنوفنا في شيء شكلت له لجان لمتابعته، ويجب علينا ان ننتظر نتائج اللجنة، والمجلس يكفيه ما هو محمل به.

وأضاف أن الذهاب إلى تخوم الجنوب والوقوف على الجبهة مدعاة للدخول في أمور جهات أخرى، وكذلك الأمر في كارثة جدة، إذ ليس من العدل والمنطق تخطي لجنة التحقيق بالذهاب إلى هناك، مشيرا إلى أن المجلس تأتيه دعوات لزيارة جهات خدمية لينظر إلى ما حصل فيها، وبالتالي تساهم مثل هذه الزيارات في توضيح الصورة عن تلك الجهات وتضمن في تقاريرها.

لا علم لي بالأسباب

من جانبه قال المتحدث الرسمي بمجلس الشورى الدكتور محمد المهنا انه غير مطلع على أسباب عدم زيارة الأعضاء للمناطق المنكوبة في جدة.

 

المصدر: جريدة المدينة الاثنين, 18 يناير 2010

http://www.al-madina.com/node/216268

أضف تعليقاً