كارثةجدة:الحرابة و التعزير بالمتورطين يثيران جدلاً قانونياً
26 يناير 2010 - جريدة الحياةكارثةجدة:الحرابة و التعزير بالمتورطين يثيران جدلاً قانونياً
تضاربت آراء القانونيين حول تفعيل عقوبة «التشهير» بالمتورطين في حادثة جدة، وفيما رأى محامٍ أهمية تطبيق عقوبة «التشهير» التي تمثل رادعاً أمام كل من تسول له نفسه ارتكاب جرائم ومخالفات إدارية يستفيد منها من دون وجه حق، من رشاوى وأخذ أموال الدولة بطرق غير شرعية وغيرهما من الجرائم الإدارية، شدد آخر أن عقوبة «التشهير» ليست بتلك الأهمية، خصوصاً وأنها لم تستخدم إلا في «قضايا التستر» فقط.
وعلى رغم تضارب الآراء، إلا أن المحاميين اتفقا على أن العقوبات بحق أولئك المتورطين لن تصل إلى حد «الحرابة»، خصوصاً أنها جرائم إدارية لا تتعدى عقوبتها عادة السجن والجلد ومصادرة الأموال والإعفاء الوظيفي.
إلى ذلك، أكد المحامي طارق الشامي أهمية تفعيل عقوبة «التشهير» بحق المتورطين في كارثة جدة، وقال لـ«الحياة»: «لابد أن يفعّل نظام التشهير بحيث تردع العقوبة كل من تسول له نفسه محاولة تنفيذ ما ارتكبه أولئك المتورطون في فضيحة جدة، إضافة إلى تفعيل المادة 16 من نظام ديوان المراقبة العامة، إذ لا بد أن يرفع الديوان دعوى ضد من تثبت إدانته بقبول رشاوى واختلس ودبّر، وتطبيق جميع ما يرد في الأنظمة بحقهم».
ولفت إلى أن العقوبات ستخضع للمرسوم الملكي رقم 73 وقال: «بعض تلك القضايا سيندرج تحت بند سوء استخدام السلطة، والبعض الآخر يندرج تحت بند الرشاوى وأخرى تحت بند التزوير، فالعقوبات ستختلف وفقاً لما سيتم اكتشافه من خلال التحقيقات التي تجريها لجنة تقصي الحقائق».
واستبعد الشامي أن تطبق عقوبة «الحرابة» على المتورطين في كارثة جدة، وقال: «العقوبات ستكون جميعها إدارية، خصوصاً أن المتورطين ليست لديهم نية مبيتة بالإضرار بمصالح المواطنين سواء النفسية أو الجسدية، إذ كان هدفهم المادة فقط والحصول على المال والثروة وكل قضاياهم تندرج تحت بند الإثراء بلا سبب». مشيراً إلى أن العقوبات ستكون متفاوتة بحسب الجرم، وذكر أن القضايا تندرج تحت أكثر من بند وكل جرم له عقوبة، منها السجن ومنها السجن مع الجلد، وأضاف: «في اعتقادي أن أقصى عقوبة ممكن أن ينالها هؤلاء هو تجريدهم من أموالهم ومصادرتها، ليس فقط تلك التي بأسمائهم بل حتى التي بأسماء أسرهم والمقربين منهم. فلم يعد هناك اليوم من يأخذ رشاوى بملايين الريالات ويضعها في حسابه البنكي بل في الغالبية تودع تلك الأموال في حسابات المقربين من المرتشي أو من يحظون بثقته».وشدد الشامي على أهمية تطبيق العقوبة الرادعة بحق المتورطين مع التشهير بهم.
ولفت إلى أن دور المحامي إجرائي، للتأكد من حسن سير القضية للوصول إلى العقوبة المحددة في النظام، وليس شرطاً أن يضمن البراءة لموكله. مؤكداً أن المحامين «المحترمين» لن يترافعوا عن المتورطين في كارثة جدة إلا في حال وجد خلل في الإجراءات أو تعرضهم لسوء المعاملة، وهذا غير وارد إطلاقاً. وقال: «ليس هناك محام محترم في السعودية سيقبل الدفاع عنهم، خصوصاً وهو يعلم أن هؤلاء أخذوا المال العام وأضروا بمصلحة الدولة».
وفي المقابل، أوضح المحامي نايف يماني لـ«الحياة» أن نوعية العقوبات التي يمكن إصدارها بحق المتورطين في كارثة جدة ستتضح بعد انتهاء لجنة تقصي الحقائق من التحقيقات في ملابسات القضية، التي سترفع إلى خادم الحرمين الشريفين. قبل أن تحال بعد تصديقها من المقام السامي إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لمراجعة الملف ووضع العقوبات بحسب الجرم المرتكب لكل مدان، وبناء على ذلك سيتم تحويل الملف للمحكمة العامة التي بدورها ستتولى إصدار الأحكام سواء بالســـجن أو الإعفاء من الخدمة والفصل أو التنزيل الإداري. وأكد أن العقوبات ستستند إلى أنظمة ديوان الخدمة المدينة، خصوصاً أنها قضايا إدارية، تتبع الدوائر التأديبية في ديوان المظالم. وقال: «لن تصل الأحكام إلى حد القصاص تعزيراً، ولن يصدر بحقهم عفو حكومي، خصوصاً أنها قضية حقوق عامة، واستبعد التشهير بالمتورطين».
وفي تأكيد على أن نهج خادم الحرمين الشريفين لمحاربة الفساد ذكر أن فكرة إنشاء لجنة للتحقيق كافية لردع الفساد، خصوصاً أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز حرص منذ أن كان ولياً للعهد على محاربة الفساد، ومن ثم أنشأ لجنة عليا لمكافحة الفساد الإداري يرأسها ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز». وأضاف أن هذا النهج سيكون رادعاً للفساد الإداري في الأجهزة الحكومية كافة، معتبراً ما حدث في كارثة جدة وإنشاء لجنة لتقصي الحقائق استمراراً لهذا النهج.
المصدر: جريدة الحياة الثلاثاء 19 يناير 2010
http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/98989