تعزية الإمام الراحل سيد محمد الشيرازي
2 أكتوبر 2002 - أ . عالية فريدعظم الله أجورنا وأجوركم، لاحول ولاقوة الا بالله العي العظيم، انا لله وانا اليه راجعون..
فجعنا جميعا كما فجع العالم الإسلامي بانتقال العالم الفقيه الإمام السيد محمد الشيرازي الى الرفيق الأعلى، بعد حياة مليئة بالجد والكفاح والاجتهاد ومقاومة كل أسباب التخلف والانحطاط في الأمة، وأمام هذا الجلل تتداعى الذكريات والقصص، وفي لحظة تاريخية يسترجع الإنسان صوراً كثيرة من الذكريات والأحداث والأفكار التي تربط أو يعرفها عن الفقيد، ورحيل الأعزاء والكبار في عطائهم وأخلاقهم ودورهم دائما يفجع ويصيب المرء في الصميم ويذهله ويجعله أمام مصيره المحتوم، فالموت الى الإنسان ولا فكاك منه.والإمام الفقيه من أعلام الفقه والثقافة الإسلامية، اذ أثرى المكتبة الإسلامية بمئات المؤلفات والكتب، كما تخرج على يديه مئات الدعاة والعلماء وأئمة المساجد والخطباء، ويشهد له الجميع بنبل أخلاقه وتفانية في سبيل المصلحة العامة، وسعيه الدؤوب لوحدة الأمة الإسلامية وعزتها على مختلف الأصعدة.
تشرفت بلقائة عدة مرات، وتوصلت مع إنتاجه المعرفي والفكري والفقهي، وفي كل هذه المستويات كانت الأمة بآلامها وأمانيها هي هاجسه، وكان الإنسان بحقوقه وكرامته هو همه اليومي، لذلك كانت له تصورات متكاملة في غمضة الأمة وسبل الخروج من حنها وكبواتها في سفر تجاوزت عدد صفحاته الخمسمائة أسماه (السبيل الى إنهاض المسلمين) وكتاب (الصياغة الجديدى لعالم الإيمان والحرية والرفاه) هذا بالإضافة الى أنه كتب في فقه الحياة كله، لذلك فان رحيل هذا العالم الفقية بحق خسارة وأيه خسارة؟ خسارة كبرى للمعرفة والأمة وقد جاء في الحديث الشريف: (اذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شئ).
وما أريد أن أشير اليه هنا محورين:
1- موقفه الفكري والفقهي من ظاهرة التعصب والعنف في الأمة بعناوينها المختلفة، فليس هناك شك بأن العنف بكل أشكاله وأدواته يشكل ظاهرة خطيرة تصيب الكيانات البشرية وتمزق أواصرها، وتعمق شرخها، ويزيد من نقاط الاختلاف بين عناصرها دون أن يحقق الهدف أهداف وغايات صانعيه في الوسط الاجتماعي والوطني عبر مختلف العصور.
فالتعصب المقيت هو الوجه الآخر للعنف فهما وجهان لحقيقة واحدة، الوجه الثقافي و الفكري هو التعصب، والوجه الاجتماعي والسلوكي هو العنف واللجوء الى القوة الغاشمة في العلاقات الإنسانية. ولعل من أبرز العلماء والفقهاء الذين مارسوا نقدا لاذغا ضد العنف، وأسس لنظرية اللاعنف هو الفقيد الإمام السيد الشيرازي(قده) الذي رفض العنف بكل أشكاله رويقول في هذا الصدد (اذا أردنا أن نصل مع الآخرين الى كل صحيح والاجتماع رأي صائب، يجب علينا أن نسلك طريقاً بعيداً عن العنف، ونتبع أسلوب التفاهم بالحكمة والموعظة الحسنة والهدوء في معاملتنا مع الآخرين حينئذ نصل ان شاء االله تعالى الغاية والهدف).
2- فانه رحمة الله عليه كان يرى في كل إنسان مشروع إنسان متكامل لذلك أهتم بالكبير والصغير وكتب لهم بمختلف اللغات، وجعل المرأة في أولويات اهتمامه، فاهتم بالمرأة وبتعليم المرأة وحمل رسالة المرأة لأنها العنصر المشترك مع الرجل في بناء الحياة. وما هذه الحركاة العلمية النسائية، وما هذه النهضة الدينية لنسائنا وأخواتنا في المجتمع الابفضل توجيهاته، وما خروج الكم الهائل من النساء من مختلف المناطق لدراسة العلوم الدينية الابفضل أفكاره – فمنذ بداية انطلاقته وهو يهتم بالمرأة ويدعو الى تحصيلها العلمي والديني والفكري لتنطلق في رحاب الحياة تحمل رسالة التربية للأجيال، ورسالة الدعوة والتبليغ ونشر دين الله للعالم وفي شتى بقاع الأرض، وهذه كانت منهجيته معنا، كما أنه أول من دعا الى العمل المؤسساتي على مستوى المرأة أيام كان في الكويت والى أخر لقاء بي معه وهوم يؤكد على ضرورة إنشاء المؤسسة الثقافية والجمعية النسائية والمنتدى الثقافي.
أخواتي المؤمنات/ نحن اليوم نعيش عصر الثورة المعلوماتية والتي ترفض تحديات كثير وكبيرة أمامنا، وفي نفس الوقت الذي نريد فيه أن نواجه هذه التحديات انطرقا من الأفكار التي حملها المرجع الفقيد والتي تربينا عليها، فان ذلك يحتم علينا تكثيف نشاطنا الثقافي وزيادة مستوى فاعليتنا وانتاجنا، لاسيما طالبات الحوزة الدينية فقد آن الأوان أن نشمر عن سواعدنا ونبذل كل مافي وسعنا وجهودنا في التوجيه، في التبليغ، وفي التدريس، وفي أنشاء المؤسسات العلمية والفكرية، وننمي كفاءة العطاء في أنفسنا بالخطابة والكتابة، وهذه كانت وصيته (رحمة الله عليه) الدائمة لنا، لذلك كما كان أرادنا أن نكون، لقد تجاوزت مؤلفاته المئات في مختلف الحقول بمختلف اللغات، مع ذلك كان مواظبا على التدريس يوميا واستقبال الزائرين والمراجعين، ومواجهة المشاكل وقضايا الأمة وقيامه بمهامه القيادية والمرجعية..
أخواتي و أمهاتي/ كل من تشرفت بلقاء الإمام عليها لمست دفئه وترحابه واحترامة فهو يقف إجلالاً واحتراما للمرأة لا يجلس حتى تجلس ولا يقوم من مكانه حتى تقوم ويضيفها بنفسه ويمدها بتحفه وهداياه فلا زالت كلماته تهز مسامعي في كل زيارة له ولعل كل واحدة تتذكر هذه الكلمات (عليكن بتقوى الله والعلم والخطابة والقلم) اكتبوا عن مذكراتكن، حياتكن، سفراتكن، رحلاتكن، اكتبوا عن همومكن، قضاياكن، عن مشاكل مجتمعكن في المدرسة، في النادي، في المسجد، في الحسينية، اكتبوا واكتبوا.. هذه كانت أهم إحدى وصاياه، لكن هل حقاً رحل الإمام؟ وهل حقا رحل عنا، أم أنه غادر هناك مع الأنبياء والصديقين والشهداء..؟؟
آه وألف آه ويموت الرسول جسما= ولكن في الرسالات لن يموت الرسول
أتقدم أم يطول بك الغيــــــــــــاب= وقد مدت لعودتك الرقــــــــــــــــــــاب
وكيف يموت من خبر المنايــــــــــا= وقد لانت بهمته الصعــــــــــــــــــاب