مبادرة لعدم تزويج الصغيرات رفعت للشورى وحقوق الإنسان
27 يناير 2010 - جريدة الجزيرةمبادرة لعدم تزويج الصغيرات رفعت للشورى وحقوق الإنسان
(الجزيرة) – ماجدة السويّح
بعد تزايد تزويج الصغيرات تم رفع مبادرة حول منع تزويج الصغيرات لمجلس الشورى، وقد تم تسليمها إلى رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة طلال بكري، كما تم إرسال نسخة منها إلى جمعية حقوق الإنسان، وأوضحت الأستاذة فوزية بنت منيع الخليوي عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة النبوية ل(الجزيرة) إن ما حدث مؤخرا من توسع في تزويج الصغيرات في السعودية، اللواتي بدأت أخبار تزويجهن تتزايد في الصحف، هو ما دفعها لإطلاق هذه المبادرة، فزواج الصغيرات يعد إنذارا مبكراً لانتهاك الطفولة التي تتطلب رعاية الوالدين ورعاية المجتمع بأكمله.
و مع أن تزويج الرجل صغيرته أو وليته صحيح شرعاً, لكن نظراً للمفاسد المترتبة على هذا الزواج غير المتكافئ، كالأضرار الطبية والنفسية والاجتماعية، ولوجود أدلة شرعية صريحة مخالفة لتزويج الصغيرة، فنرى منعه. وبينت الخليوي أن ظاهرة تزويج الصغيرات توسعت في الدول العربية، إما بسبب العادات والتقاليد، أو بسبب الوضع المادي المتردي للأسر الفقيرة التي ترغب بالتخلص من أحد أفرادها بطريقة شرعية، أو طلباً للكسب المادي، أو حفاظا على الشرف. ويختلف الحد الأدنى للزواج في بعض الدول الإسلامية، فيُحدد السن الأدنى للزواج ب (18) عاما للشاب، و(16) عاما للفتاة في مصر والمغرب والباكستان، كما تم رفع سن الزواج في سوريا بالنسبة للفتيات إلى (15) عاما بعد أن كانت (13) عاما، والفتى إلى (17) عاما بعد أن كان (15) عاما. فموضوع زواج الصغيرة من الأمور المنتشرة في الدول العربية، ولا يقتصر على بلد دون آخر، وبحسب دراسة ميدانية حديثة أعدها مركز دراسات المرأة والتنمية بجامعة صنعاء تبلغ نسبة الإناث اللواتي تزوجن قبل سن الخامسة عشرة إلى 52%، وفي الأردن كشفت دراسة أن حالات الزواج المبكر في المملكة الأردنية تشكل ما نسبته 14%.
وفى سوريا بحسب المسح العنقودي لعام 2006، إن النساء اللواتي تزوجن قبل سن 18 عاماً فقد بلغت نسبتهن 17.7%, وفي دراسة ميدانية حديثة تم إجراؤها في إحدى قرى الجيزة، بمصر، وجد أن 45.8%. وأكدت الخليوي أن هناك أدلة شرعية تؤكد ضرورة منع زواج الصغيرات، فالإجماع في تزويج الصغيرات لم ينعقد، يقيناً لمخالفة علماء من السلف والخلف. يقول الإمام الغزالي في (المستصفى): (إذا خالف واحد من الأئمة أو اثنان لم ينعقد الإجماع)، ومن علماء السلف المخالفين لتزويج الصغيرة ابن شبرمة وهو من وصفه صاحب (تهذيب الكمال) بأنه الكوفي القاضي فقيه أهل الكوفة وعدَّه في التابعين.
والأصم وعثمان البتي، وحجتهم: أنه لا يُزَوَّج الصغير والصغيرة حتى يبلغا لقوله تعالى {حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ}، فلو جاز التزويج قبل البلوغ لم يكن لهذا فائدة، ولأنه لا حاجة بهما إلى النكاح لأن مقصود النكاح طبعا هو قضاء الشهوة وشرعا النسل والصغر ينافيهما، ثم هذا العقد يعقد للعمر وتلزمهما أحكامه بعد البلوغ فلا يكون لأحد أن يلزمهما ذلك إذ لا ولاية لأحد. إضافة إلى أن هناك من يشدد في دعوى ثبوت الإجماع كالإمام أحمد بن حنبل الذي يرى ( أن من ادعى الإجماع فقد كذب، وما يدريه لعل الناس اختلفوا )، وهناك أدلة شرعية أخرى تثبت ذلك.
وحول الخلاف في الاستدلال بحديث عائشة ذكرت أ.فوزية: «أولا هناك خلاف بين المؤرخين في سن عائشة رضي الله عنها عند زواجها، وثانيا هناك من يرى أن ذلك كان قبل قوله صلى الله عليه وسلم (لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتى تُسْتَأْمَرَ، وَلا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتى تُسْتَأْذَنَ، قَالُواْ يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ إِذْنُهَا، قَالَ أَنْ تَسْكُتَ)، وثالثاً هناك من يرى ذلك من خصوصيات رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي خُصَّ بزواج (12) امرأة وغير ذلك من الخصوصيات، ومن هؤلاء الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في حديث تزويج عائشة: «جاء في سياق رده عندما قال -رحمه الله- «والاستدلال بقصة عائشة فيه نظر، ووجه النظر أن عائشة زُوِّجت بأفضل الخلق -صلى الله عليه وسلم- وأن عائشة ليست كغيرها من النساء، إذ إنها بالتأكيد سوف ترضى وليس عندها معارضة، ولهذا لمّا خُيرت -رضي الله عنها- حين قال لها النبي -صلى لله عليه وسلم-: (لا عليك أن تستأمري أبويك) ؛ فقالت: إني أريد الله ورسوله، ولم ترد الدنيا ولا زينتها»، ووضح هذا في كتابه (شرح زاد المستقنع) باب النكاح عند شرحه لحديثه صلى الله عليه الصلاة والسلام: (استأمري أبويك في هذا وشاوريهم)، فقالت: يا رسول الله أفي هذا أستأمر أبواي؟! إني أريد الله والدار الآخرة». فقال ابن عثيمين «فمن هذه حالها لو استؤذنت لأول مرة أن تتزوج الرسول صلّى الله عليه وسلّم هل تقول: لا؟! يقيناً لا، وهذا مثل الشمس، فهل في هذا الحديث دليل لهم؟! ليس فيه دليل» انتهى كلامه رحمه الله.
ويؤكد ابن عثيمين شرعية من ع هذا الزواج ولو كان مباحا فيقول: «ولا مانع من أن نمنع الناس من تزويج النساء اللاتي دون البلوغ مطلقا، فها هو عمر -رضي الله عنه- منع من رجوع الرجل إلى امرأته إذا طلقها ثلاثا في مجلس واحد، مع الرجوع لمن طلق ثلاثا في مجلس واحد كان جائزا في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وسنتين من خلافته، والراجح أنها واحدة.
و حذرت من تزويج الصغيرات لما لهذا الزواج من أضرار صحية واجتماعية ونفسية، «القاعدة الشرعية تقضي بأنه (لا ضرر ولا ضرار) و(الضرر يزال)، وعلماء الطب الموثوق بهم يؤكدون يقينية الأضرار الصحية التي تتعرض لها الصغيرة إذا حملت (الحمل المبكر) وأصدرت اللجنة الوطنية الطبية، المختصة بدراسة الآثار الصحية المترتبة على زواج صغار السن، تقريراً شرحت فيه الآثار السلبية لزواج القاصرات من مختلف الجوانب، وشددت اللجنة على أن زواج القصر يؤثر بشكل سلبي على الصحة النفسية للأطفال، الذين هم ثمرة ذلك الزواج، فهم قد يشعرون بالحرمان نتيجة عدم قيام الأم القاصر بدورها كأم ناضجة، كما يؤدي إلى تأخر النمو الجسدي والعقلي وزيادة مخاطر الإصابة بالشلل الدماغي، والإصابة بالعمى والإعاقات السمعية. وخلصت اللجنة إلى أن زواج القصر هو أحد العوامل الرئيسة التي تساعد على ظهور مشكلات صحية ونفسية، ما يؤدي إلى زيادة الأمراض في الأسرة والمجتمع، وهو ما يشكل كذلك عبئاً اقتصادياً على النظام الصحي».
وأضافت: تقرير «وضع الأطفال في العالم 2009» الذي أطلقته منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف في كل عام يموت أكثر من (500) ألف امرأة في جميع أنحاء العالم خلال الحمل أو بسبب مشكلات الولادة، (70) ألفا من هذه الوفيات تحدث بين الفتيات المراهقات والشابات اللاتي تتراوح أعمارهن بين (15-19) عاما، فالفتيات اللواتي أنجبن قبل سن (15) عاما يكن عرضة للوفاة أثناء الولادة بمقدار (5) أضعاف من النساء في العشرينيات من العمر. وبينت الخليوي أن البلوغ المبكر عامل مساعد في تزويج الصغيرات لأنه يؤدي إلى التعجيلِ في نموِ الفتياتِ بحيث تنضج الأثداء بشكلٍ كاملٍ في سن التاسعةِ، ويصبحن تحت تأثير مثل هذه المسائل، لذا يُستحسن النظر طبياً في مسألةِ البلوغ المبكر عند الفتيات لإمكانية حدوثه قبل أوانه، حتى أنه ُشوهد لدى طفلة عمرها ثلاث سنوات ونصف.
المصدر: جريدة الجزيرة السبت 23 يناير 2010
http://www.al-jazirah.com/109128/ln13d.htm