كيف نحقق التقارب بين الشيعة والسنة
27 أبريل 2003 - أ . عالية فريدفي البدء أشكركم على اهتمامكم وتناولكم هذا الموضوع الذي يعبر عن هم الكثير من المواطنين، وللإجابة على تساؤلكم حول كيف يمكن تحقيق التقارب بين السنة والشيعة؟ وكيف يمكن إيجاد آلية للعمل بينهما؟
في الحقيقة التقارب في مجملة موجود بين السنة والشيعة ومتفق عليه في أصول العقيدة الإسلامية السمحاء باستثناء وجود الاختلاف حول الفروع وبعض التفاصيل الجزئية التي تحتاج إلى توضيح ودراية لكلا الطرفين. لكن ما أراه بأن هناك عقبات رئيسية تقف حجرة عثرة لتحول دون تحقيق هذا التقارب بشكل صحيح ومتكامل، حيث يتطلب العمل بجد على إزالتها أولاً ومن ثم نستطيع إيجاد الآلية المناسبة. أهم هذه العوائق ما يلي:1) إيقاف حملات التكفير من قبل بعض الجهات المتطرفة والبعد عن استخدام سياسة الطعن والتحريض وبث التهم لكل من عارضها أو خالفها الرأي وذلك على مستوى إلقاء الخطب في المساجد وحلقات الدروس ونشر الفتاوى.
2) إيقاف بعض المغرضين الذين يعملوا على إثارة الفتن وبث النعرات الطائفية والفرقة والخلاف وإدانتهم ومعاقبتهم، والعمل على إيجاد قوانين رادعة لمن تسول له نفسه ذلك.
3) العمل على تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص على كافة المستويات وفي مختلف الحقول، لأن ذلك ينمي الإحساس ويعمق الولاء بالانتماء لهذا الوطن ولترابه الغالي وخاصة على المستوى التعليمي والإداري والمهني، فالقوانين يجب أن تطبق على الجميع والكل يجب أن يعامل فيها سواسية، فيا ترى أين تكافؤ الفرص عندما يحرم خريج الثانوية الحامل معدل 9,99 من دخول كلية الطب وغيره الأدنى معدلاً منه يسمح له بذلك؟! وأين تطبيق هذا المبدأ ونحن مع مرور أكثر من ثلاثين عاماً ماضية شغلتها رئاسة التعليم ووزارة المعارف حتى الآن ولم يسمح بتعيين مديرة لمدرسة أو حتى وكيلة، أضف إلى ذلك الدراسات العليا والبعثات الخارجية أين نصيب نساءنا من ذلك رغم أن هناك الكثيرات ترشح وتقدم أسمائهن، وكذلك على مستوى المناصب الإدارية العليا، وعلى مستوى الإعلام وحرية التعبير عن الرأي هناك الكثير من أبناء المجتمع موقوفين من الكتابة وممارسة حتى المهنة في هذا الجانب، وقس ذلك في مجالات أخرى والسبب ما يعيشه المجتمع من تمييز طائفي. ولإزالة هذه العوائق فإن ذلك يعتمد على الجهات المسئولة في تهيئة المناخ المناسب ليتحقق السلم والتعايش الاجتماعي الذي نطمح إليه وكلنا أمل وثقة باهتمام المسئولين في ذلك وهذا يحتاج إلى:
المجتمع بحاجة إلى إعادة بناء ذاتي وإنساني قائم على مبدأ الانتماء وحب الوطن جنباً إلى جنب في الاحترام والمحافظة على الحقوق كإخوان وزملاء وأصدقاء في سلم وتعايش وتآزر وتعاون انطلاقاً من قوله (ص): ( إنما المؤمنون أخوة ) و ( إن الدين المعاملة ) فيجب العمل على رفع التمييز الطائفي والاعتراف بالتعددية على مستوى الصحافة المقروءة والإعلام المرئي والمسموع.
إعادة النظر في بعض المقررات والمناهج التعليمية، وتجنب إثارة المواضيع الحساسة وسط المدارس والجامعات. أما عن آلية العمل فهي تعتمد على عدة أمور أهمها: الانفتاح على بعضنا البعض سنة وشيعة في الأفكار والاطروحات وفي الآمال نحو بناء المستقبل المشرق لهذا الوطن، وفي التطلع نحو القواسم المشتركة التي تجمعنا وتجنب المهاترات التي تؤدي بنا إلى الفرقة وتمزيق وحدة الصف، والعمل بجد على إزالة التمييز الطائفي فلماذا يرحب البعض من إخواننا بالمسيحي ويتعاطى معه ويستميت في احترامه لكن الشيعي يتم التعامل معه بحذر وحساسية مفرطة.
تجاوز الخلافات الماضية وإعادة الثقة والعمل بروح جديدة من خلال حوارات أو منتديات أو مؤسسات تجمعنا، والاستفادة من النماذج الرائدة في هذا المجال والتي حققت أعلى مستوى من الانسجام والتعايش على صعيد خدمة المجتمع ونهضة الأمة في التعامل فيما بينها، سواء في الدول العربية أو المجاورة في لبنان وفي الكويت وفي البحرين هناك ( جمعية علماء المسلمين ) التي تضم السنة والشيعة ولها أدوار متميزة في العديد من المجالات، وفي مصر علّنا قرأنا عن دور العلامة الشيعي محمد جواد مغنية والعلامة السني محمد شلتوت كانا يجتمعان ويتحاوران في جو من الحميمة والود، وكل منهما يحترم الآخر في فكره وفقهه وتراثه وكانا يعيشان والقواسم المشتركة تتفاعل، وكانت فلسطين في قلب كليهما على الرغم من أن شلتوت ينهل من الركام الثقافي الفقهي للأزهر ومغنية ينهل من مؤسسة النجف الأشرف. وهناك خير نموذج نراه اليوم في بغداد خروج الصرخات الواحدة وباسم الوحدة سنة وشيعة لا فرق بينهما من جامع ( أبو حنيفة النعمان )، ولا أخفيك نحن هنا في منطقة ( صفوى ) ومنذ تاريخ القدم نعيش شيعة وسنة أكثرهم خوالد وهواجر تجمعنا الألفة وروح التعاون صديقنا وعدونا واحد منسجمين ومتحابين.
المشاركة الوطنية في العمل والبناء والتطوير وفي كافة خطط وبرامج التنمية.
تسخير التكنولوجيا الحديثة لخدمة الوحدة الداخلية بين أفراد المجتمع، لاسيما الاستفادة الصحيحة من الإنترنت والذي يعد أهم وسيلة إعلامية في هذا اليوم، فسوء الاستخدام وإشعال لهيب الفتنة وتبادل الاتهامات أسلوب غير لائق حضارياً، وهذا بحاجة إلى توقف وإعادة نظر، وهنا لا أدعوا إلى تضييق الحريات، بل كيف نستطيع أن نخدم مجتمعنا ونؤلف بين صفوفه عن طريق الاستفادة من الإعلام، كما أتمنى من الجهات المسئولة أن تعمل على سحب الكتب التي تثير الفرقة وتؤلب المجتمع ضد بعضه البعض من المكتبات، وأن تنهض بمسئوليتها تجاه مواطنيها، وتجاه الحفاظ على وحدة المجتمع.