أ . عالية فريد >> أخبار و مقالات


نشر الغسيل!

28 يناير 2010 - جريدة عكاظ

نشر الغسيل! 

عزيزة المانع

ما واجب المسؤول عن مؤسسة عامة متى ظهر في مؤسسته تقصير أو خلل؟ هل واجبه التركيز على الدفاع عن المؤسسة وحمايتها من أن تنالها تهمة التقصير وأن يوجه لها شيء من اللوم، أو أن واجبه الإصغاء إلى ما يقال عن مؤسسته والمضي في البحث عن مواضع الخلل والقصور لإصلاحها؟

من المأثور عن عمر ــ رضي الله عنه ــ قوله: «رحم الله من أهدى إلي عيوبي» أي أنه كان يتقبل (شاكرا) تنبيه المنبهين، ونقد الناقدين، ولم ير في ذلك (نشر غسيل) أو (تركيزا على السلبيات وتناسيا للإيجابيات)، كما يردد بعض المتذمرين من مواجهتهم بما يوجد في مؤسساتهم من خلل وتقصير.

الدكتور على الحناكي مدير الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة، مستاء من جمعية حقوق الإنسان، لأنها أطلعت الصحافة على ما وجدته من قصور وخلل في دار رعاية الفتيات أثناء زيارة وفدها للدار، على إثر أحداث الشغب التي نشبت فيها. الدكتور الفاضل ذكر في حديث أدلى به لصحيفة المدينة يوم الخميس الماضي، أنه يرى أن على الجمعية عدم إطلاع الصحافة على ما تجده من «إشكالات داخل دور وفروع المؤسسات الاجتماعية» والاكتفاء بأن تسر بذلك إلى (مدير الشؤون الاجتماعية) أو غيره من المسؤولين في الوزارة، تحاشيا (لنشر الغسيل على الملأ)!

وما يفهم من هذا القول هو أن سعادة المدير يرى أن ما يأتي في الدرجة الأولى، هو حماية المؤسسة من أن يطلع الناس على ما فيها من أخطاء أو تقصير، لذلك هو يتوقع من جمعية حقوق الإنسان أن تتحالف مع المؤسسة على كتم الحقائق، وقمع صوت المتضررين كي لا يصل سوى للمقصر نفسه، على أمل أن يفيق من تقصيره. ولكن ما العمل فيما لو لم تحدث الإفاقة، وهو أمر غير مستبعد؟

لو أن دار رعاية الفتيات كانت بيتا خاصا بأسره ما، ووقع في داخلها ما وقع، لفهمنا الطلب بعدم (نشر الغسيل) والتزام الصمت، احتراما لخصوصية الأسرة، أما وأن الحدث وقع في مؤسسة عامة للجميع وليست خاصة بأحد، فإن الأمر يختلف، ففي هذه الحالة (يجب) أن يعرف الناس ما يجري داخل المؤسسة، وكيف تعالج المشكلات الناشبة خلف جدرانها.
وما فعلته الصحافة لم يكن أكثر من تسليط للضوء على ما حدث في دار الرعاية، بغية التنبيه إلى ما يوجد من خلل في أوضاع الدار، والتذكير بوجود حاجة سريعة إلى الالتفات إلى الخلل والعمل على إصلاحه، لكن الدكتور الحناكي محتج على ذلك، فهو يرى: «أن الإعلام ساهم في تضخيم القضايا الاجتماعية داخل هذه الدور وركز على السلبيات وتناسى الإيجابيات، مما سبب إزعاجا للمسؤول وإشغالا له».

ليت شعري، إذا لم ينشغل المسؤول بمعالجة هذه القضايا، بم ينشغل؟ وإذا لم يزعجه أمر فتيات أسيرات في ذمته، بينهن من لا يزلن سجينات حتى بعد انقضاء فترة الحكم عليهن، فما الذي يزعجه إذن؟

المصدر: جريدة عكاظ الاحد24 يناير 2010

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20100124/Con20100124328694.htm

أضف تعليقاً