أ . عالية فريد >> أخبار و مقالات


الحناكي ونشر الغسيل

28 يناير 2010 - جريدة عكاظ

الحناكي ونشر الغسيل

صالح إبراهيم الطريقي

قبل أسبوع طالب مدير الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة الدكتور علي الحناكي جمعية حقوق الإنسان، إلى عدم نشر ما يجري من إشكالات داخل دور وفروع المؤسسات الاجتماعية عبر الصحف، أما لماذا كان يطالبهم بعدم النشر؟
يؤكد الدكتور الحناكي أن ما يحدث في دور المؤسسات الاجتماعية ليس مكانه الصحافة، لنشر غسيل الفروع أو مشاكلها، ويضيف: «نحن مع نشر ثقافة حقوق الإنسان ومع الجمعية، ونثق أن منسوبي الجمعية قد يكونون أكثر حرصا وولاء وانتماء منا في موضوع الإنسان السعودي».

وككل مسؤول يؤكد الدكتور الحناكي أن الإعلام ساهم في تضخيم القضايا، وركز على السلبيات وتناسى الإيجابيات مما سبب إزعاجا للمسؤول وإشغالا له.

هكذا وبسهولة يصبح المتهم «الإعلام» الذي ضخم الأمور، وأزعج المسؤول، وشغله في قضية تافهة «شغب في دار الرعاية بمكة المكرمة».

ترى ما الذي يجعل المسؤول يعتقد أن الإعلام مهمته لا تتعدى الإشادة، وأن مثل هذه القضايا يجب أن تحل بعيدا عن الإعلام ناشر الغسيل؟

هذه الرؤية للإعلام ربما كرسها الإعلام سابقا، لهذا لم يتعود إلى الآن المسؤول على أن تلك الحقبة لم تكن إعلاما، بقدر ما هي دعاية وإعلان فقط .

ثمة أمر آخر، وهو الأعمق والذي أود تسليط الضوء عليه هنا، وأعني الخلط بين ما هو عام، وما هو خاص أو يحمل طابع الخصوصية الذي من المفترض ألا تتطفل عليه الصحافة.

هذا الخلط سببه أن أغلب المسؤولين حين يأتون للمناصب، يتعاملون مع تلك الدوائر الحكومية أو المؤسسات منطلقين من فكرة «السلطة الأبوية»، فيأخذ ذاك القطاع خصوصية الأسرة أو العائلة، التي لا يحق لأحد اختراقها.
وهذه الفكرة هي من تجعل كل مسؤول يرفض نشر غسيل دائرته في الصحافة، ويدافع عن كل العاملين في ذاك القطاع، لاعتقاده أن المساس بأحدهم هو مساس بفرد من أسرته، وبالتالي سيصبح المسؤول «الأب» متهما عن عدم تربية أبنائه الجدد في المؤسسة العامة.

مع أن الأمر ليس كذلك، والمسؤول ليس والدهم، وأنه هو وباقي الموظفين وقعوا عقودا، ليقدموا أفضل خدمة للمواطن، مقابل أجر يستلمونه نهاية الشهر، وحين يتقاعس موظف أو بعضهم، لا بد أن يكشفهم الإعلام، حتى يتم معاقبتهم، وليعرف القادم أنه إن لم يخدم المواطن، سيتم كشف تقاعسه.

خلاصة القول: متى ينسى المسؤول الفكرة القديمة عن ما كان يسمى سابقا إعلام، وأن ذاك العهد كان دعاية وإعلان؟
وهل يكف أيضا عن خلط الأمور بين ما هو خاص وما هو عام، فمن حقه ألا يخترق أحد خصوصيته، ومن حق المواطنين ألا يحول المؤسسة، لأسرته يدافع وينفي كل خطأ، فهو يستلم مرتبا مقابل أن يوجد آلية لتحقيق مصالح المواطنين، وحين يتقاعس موظف عليه أن يعاقبه لا أن يخفي خطأه، وحين لا يقوم بمهامه، على الإعلام أن ينشر الغسيل، لأن هذا الغسيل ليس غسيله الخاص، بل غسيل عام إن لم يتم كشفه سيتضرر المواطنون؟

 

المصدر: جريدة عكاظ الاثنين25  يناير 2010

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20100125/Con20100125328895.htm

أضف تعليقاً