من وراء إضراب الفتيات؟

راكان حبيب

صحيح أن الأمر يبدو كأننا نسمعه لأول مرة : فتيات يثرن الشغب ويحتجزن رهائن! ليس في الأمر إشاعة فهذا ما حدث فعلاً في دار رعاية الفتيات بمكة المكرمة فكشف عما كان مستوراً. مهما حاولت الشؤون الاجتماعية بمكة إخفاء السبب الحقيقي فإن الصحافة رصدت مجموعة من الأسباب منها خطأ تتحمله مديرية الشؤون لوحدها. والمطلوب الآن من وزارة الشؤون الاجتماعية أن تبادر بمعالجة الأخطاء ومحاسبة المقصرين وليس كما طالب مديرها العام بعدم مناقشة هذه القضية في وسائل الإعلام.

بعيداً عن أية آراء انطباعية، سوف أتكلم بالشواهد والأدلة. فالوضع لم ينفجر فجأة، بل كانت له مقدمات عندما بدأت تتسرب شكاوى من فتيات الدار. ويؤكد صحتها مصدران: أولهما جمعية حقوق الإنسان التي رصدت المخالفات بعد زيارتها للدار وأرسلتها (قبل عامين) إلى وزارة الشؤون الاجتماعية. والثاني وجود شكاوى قديمة لدى إمارة مكة المكرمة. فقد كشفت هذه المقدمات عن قسوة المعاملة وسوء الإعاشة وأمراض نفسية.

إضافة إلى ذلك، أمامنا معلومات نشرتها الصحف تشير إلى وجود (تقصير) في المسؤولية و(سوء معاملة) تجاه الفتيات. ففي محاولة لامتصاص الوضع ذكر مدير عام الشؤون الاجتماعية عدة أمور تدلنا على مكمن الخطأ منها: حاجة أغلب الدور إلى ترميم وتأهيل لتواكب الحياة، وأن تأخير المبنى يرجع إلى المقاول .. وهناك فتيات انتهت فترة عقوبتهن ولم يقم ذووهن باستلامهن. ترى أليست معالجة هذه الأمور تقع تحت مسؤولية الشؤون الاجتماعية وتتطلب منها المتابعة؟
سؤالان مهمان أفرزتهما هذه الحادثة. الأول، أين كانت الوزارة طوال هذه المدة عن هذه الظروف داخل الدار؟. وبالتأكيد لو أنها عالجت الوضع لما تفاقم وأصبح عيباً مكشوفاً. الثاني ما معنى أن تعبر الفتيات عن ارتياحهن لما قمن به ؟.. ألا يعبر عن يأس دفعهن لنقل مطالبهن إلى الإعلام وللفت الجهات الرقابية لوضع الدار؟

 المصدر: جريدة الوطن الثلاثاء 11 صفر 1431 ـ 26 يناير 2010 العدد 3406 ـ السنة العاشرة

http://www.alwatan.com.sa/news/writerdetail.asp?issueno=3406&id=17343