المرأة ووهم الحقوق
2 فبراير 2010 - جريدة القبسالمرأة ووهم الحقوق
إيمان شمس الدين
قد يعتري الكثيرات منا الأمل حينما يتداعى إلى مسامعنا عن حراكات نسوية حقوقية تطالب بإنصاف المرأة ومساواتها بالرجال، أمل مقترن بعقدة النقص والنزوع نحو الخوف أكثر منه نحو الثقة، وهو ما أدى إلى حالة انكماش ملحوظة للمرأة عن الواقع الاجتماعي والسياسي كرد فعل طبيعي لتلك الحراكات المطالبية.
لست ضد الحراكات الحقوقية للانسان بما هو إنسان، ولكنني ضد الحراكات الحقوقية التي تميز بين جنس وآخر، من دون أساس مبدئي واضح أو مرجعية فكرية ثابتة ومعتبرة لهذا التمييز، ومن دون أيضا أن تأخذ في حسبانها قولبة مطالباتها ضمن منظومة متكاملة شاملة حتى لا نقع فريسة الإعاقة الشكلية لهذه المطالبات فتكون مخرجاتها غير متوازنة وردود الفعل عليها حادة، فنخسر بذلك من جهة المشروع برمته لخروجه عن الأطر السليمة للنهج المطالبي الحقوقي، ومن جهة أخرى تكون هذه المطالبات غير المتوازنة على حساب كينوتها الإنسانية أولا، والأنثوية ثانيا، والأسرية ثالثا وأخيرا الاجتماعية والسياسية.
فترسم لنا هذه المطالبات امرأة من عالم المريخ لا يمكنها أن تعيش بيننا على الأرض وتحلق بعيدا لتجد نفسها فجأة مجردة حتى من جوهرها الإنساني ومبرمجة وفق خطة ومنهج وصورة فقدت فيها بريقها حتى الأنثوي.
إذا ما المطلوب..؟
أعتقد أن أي حراك حقوقي يجب أن يكون منظورا ضمن منظومة شاملة تنظر من الزوايا كافة بعين الانصاف والموضوعية، ولا تغفل دورا لحساب دور آخر ولا حقا لحساب حق آخر، وتكون فيها المرأة جزءا من كل بحيث لا تنفك هذه المنظومة عنها ولا تكتمل إلا بها. والمنظومة الحقوقية للمرأة يجب أن ننظر اليها من زوايا عدة متصلة وليست منفصلة.
أولا:حقوقها ضمن عائلتها كابنة وأخت، وفي الأسرة كزوجة وأم، وفي المجتمع كشريكة للرجل وجزء فاعل ومكافئ له في هذه الفاعلية بمصاديقها كافة.
فلا نطالب بالحقوق السياسية والاجتماعية ونهمل حقوقها الأسرية أو العائلية، ولا نطالب بحقوقها بمعزل عن واجباتها من جهة، وعن حقوق وواجبات الرجل من جهة أخرى، لأن ذلك سيخرج لنا تصورا حقوقيا مشوها ومخلا بالتوازن الاجتماعي السياسي والأسري والعائلي.
إن إلهاء المرأة، وما تمثله كنصف المجتمع وعصبه الحي، بمطالبات حقوقية مجتزأة وغير متوازنة بعيدة عن الواقع وعن مشروع منظومي متكامل هي معركة إيهامية يراد منها اشغال المرأة عن حقيقة دورها المراد منها، وبالتالي تعطيل حقيقي للمجتمع وإفساد واقعي وعملي للأجيال، ثم هيمنة كلية واستخفاف بحاضرنا ومستقبلنا.
المصدر: جريدة القبس الاحد24/01/2010
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=570421&searchText=حقوق الانسان&date=26012010