حوار مواطن سعودي مع افلاطون
3 فبراير 2010 - محرر الموقعحوار مواطن سعودي مع افلاطون
دار هذا الحوار بين أفلاطون الفيلسوف اليوناني المعروف (عاش بين 427 ق.م – 347 ق.م) والسيد مستعبد بن محلوب ال مرمطون وهو مواطن سعودي من الطبقة الكادحة (عاش بين 1949 م – 2009 م)، حيث شاءت الأقدار أن يجرف سيل الأربعاء الأسود السيد مرمطون من قويزه إلى أثينا في اليونان حيث كان أفلاطون جالساً على إحدى شواطئ أثينا يتأمل كتاباته ومسرحياته والمحاورات العديدة التي كتبها، وإذا برجل يخرج له من البحر في حاله يرثى لها مما جعل أفلاطون يهرع لنجدته حيث بدت عليه آثار التعب والإعياء التي تدل على أنه تعرض لحادث مريع كاد يودي بحياته. وبعد أن قدم أفلاطون المساعدة اللازمة لذلك الرجل المسكين، دار بينهما الحوار التالي:
أفلاطون : حمداً لله على سلامتك .. ما اسمك أيها الغريب؟ .. ومن أين أتيتنا بهذه الهيئة الطينيه؟
مرمطون : مرمطون .. اسمي مرمطون وأنا من السعوديه
أفلاطون : السعوديه؟ ما هي السعوديه؟!
مرمطون : هي دوله غنيه بآبارها النفطيه ومواردها الطبيعيه وتقع في شبه الجزيرة العربيه
أفلاطون : دوله عربيه نفطيه وغنيه ! .. حدثني أكثر عن هذه السعوديه ..
مرمطون : أتسألني كل هذه الأسئله وأنت بالنسبة لي مجهول الهويه؟
أفلاطون : أعذرني فلم أعرفك بنفسي .. أنا أفلاطون فيلسوف يوناني قديم .. وصاحب الجمهوريه
مرمطون : إذاً أنا الآن في اليونان .. ولو بقيت في جده لكنت نسياً منسيا!
أفلاطون : جده؟ ألم تقل أنك من السعوديه .. تلك البلد النفطيه الغنيه؟
مرمطون : نعم .. فمدينه جده تقع في السعوديه .. في المنطقه الغربيه .. وهي مدينه ساحليه .. بحرها ملوث وبحيرتها مسكيه.
أفلاطون : هكذا هي إذاً القضيه .. فمن شواطئ جده أتيتنا سابحاً كالحوريه
مرمطون : ليس بالتحديد .. فالقضية لها أبعاد أخرى خفيه .. ولكنها مدعاه للسخريه
أفلاطون : أفيلسوف أنت مثلي؟ أم أن هذه أحجيه؟
مرمطون : كلا يا سيدي لست فيلسوفاً ولكن الصدمة كانت قويه
أفلاطون : أي صدمه تلك التي تتحدث عنها؟ يبدو أنها قصه مأساويه !
مرمطون : هي كذلك يا صديقي وسأتلوها عليك بكل أريحيه .. لقدت هطلت علينا أمطار قويه نتجت عنها سيول طينية راحت تقتل الضحيه تلو الضحيه
أفلاطون : سيول قويه في بلد غنيه مليئه بالموارد النفطيه؟! أين الحكومه؟ أين البلديه؟ أين هي البنية التحتيه؟
مرمطون : لا تسألني يا صديقي إنه والله البلاء وإنها والله البليه
أفلاطون : أناشدك الله أن تصارحني .. كيف يحصل ذلك في السعوديه؟ هذا لا يحدث في بنغلادش ولا حتى الدول الإفريقيه .. فما بالك بدوله نفطيه غنيه كالسعوديه
مرمطون : يا صديقي نحن دوله غنيه .. نعم غنيه بالموارد النفطيه .. بل نحن أكبر مُصدر للنفط على الكرة الأرضيه … ولكن الحق والحق يقال ليس عندنا بنيه تحتيه .. وهذه هي مشكلتنا الأزليه
أفلاطون : من وجهه نظري الفلسفيه فهذه ليست كارثه عاديه .. بل هي جريمه في حق الإنسانيه .. كيف يعقل أن يحصل هذا في دولة نفطيه؟ .. ثم أن بناء البنية التحتيه عند كثير من الدول الفقيره هو من الأمور البديهيه .. فما بالك بدوله نفطيه مثل السعوديه!
مرمطون : نعم .. ولكن الفساد زاد بطريقه همجيه وأصبح المسئولون يلهثون كالكلاب وراء المكاسب الماديه بدون أدنى إحساس بالمسئوليه
أفلاطون : وكيف تم تبرير ما حصل؟ كيف تم شرح القضيه؟ من الذي يتحمل المسئوليه؟
مرمطون : البعض حمل المواطنين الضعفاء المسئوليه، فهم من بنو بيوتهم في بطون الأوديه وفي مجاري السيول القويه .. والبعض حمل المسئوليه للأمطار والأحوال الجويه .. والبعض قال أن هذا بسبب ذنوبهم وأنها العقوبه الإلهيه
أفلاطون : ماذا؟ هذه مهزله! هذه همجيه! هذه بربريه! أيعقل أن يكون المواطن هو المسئول وهو في الحقيقه الضحيه؟ هذه نكته! هذه مسرحيه! هؤلاء القتله يجب ان يحاكموا وعليهم أن يدفعوا الديه
مرمطون : تستطيع الآن أن تستنتج أين تذهب الميزانيه؟
أفلاطون : نعم لقد اتضحت القضيه .. قل لي يا صديقي مرمطون، كيف تدفعون عجله التنميه في السعوديه؟ هل لديكم خطه وطنيه إستراتيجيه؟
مرمطون : نعم .. لدينا خطط خمسيه .. وهي قديمه ومصديه .. واهتمت بالبنيه السطحيه وتركت البنيه التحتيه .. ولكن المسئولين يقولون لنا أن كل شيء على ما يرام وأن كل الأمور ميه ميه
أفلاطون : هذا يقودني لسؤال آخر أكثر أهميه .. كيف هي الديموقراطيه في السعوديه؟
مرمطون : الديموقراطيه؟ ماذا تعني بالديموقراطيه؟ نحن لا نعرف سوى الجوازات ومكتب الاستقدام والأحوال المدنيه والأجهزه الحكوميه الغارقه في البيروقراطيه
أفلاطون : الديموقراطيه يا صديقي هي شكل من أشكال الحكم السياسي تقوم على مبدأ حكم الأكثريه وحمايه حقوق الأقليه والمشاركه الشعبيه في الشئون السياسيه .. ومن أهم مبادئها فصل السلطات التشريعيه والقضائيه والتنفيذيه
مرمطون : إن كان هذه ما تقصد فالجواب نعم لدينا ديموقراطيه حيث أننا نشارك في انتخابات المجالس البلديه وانتخابات الغرف التجاريه وفي التصويت أيضاً على القنوات الفضائيه
أفلاطون : هذه ليست ديموقراطيه يا صديقي مرمطون .. هذه أشبه بأكله شعبيه عندكم .. تسمى الملوخيه
مرمطون : دعنا الآن من الديموقراطيه فأنا أحتاج إلى أشياء أخرى أساسيه .. أحتاج إلى بيت بعد أن فقدت بيتي وأهلي ولم يتبقى معي سوى هذه الملابس الطينية
أفلاطون : معك حق يا صديقي .. إنك فعلاً مرمطون .. تلهث وراء احتياجاتك الأساسيه .. وصدقني ستبقى مرمطون إلى ان يشاء رب البرية