الوضع الاجتماعي والقدرة على رعاية المحضون عاملان يجددان الأحقية في الحضانة
15 فبراير 2010 - جريدة الوطن“الحضانة لمصلحة المحضون” توجه جديد للقضاء
الوضع الاجتماعي والقدرة على رعاية المحضون عاملان يجددان الأحقية في الحضانة
الدمام: منى الشهري
يتجه القضاء السعودي في الوقت الحالي إلى تغيير في التعاطي مع قضايا حضانة الأبناء وبرز ذلك في تغيير بعض ما كان عامة الناس يعتبره تشريعاً، خاصة فيما يتعلق بحضانة “البنت” في المجتمع السعودي، حيث لم تعد القاعدة -التي تمّ إقحامها في مناهج التربية والتعليم أيضاً حتى أصبحت مُعتقدا- تناسب مصلحة جميع البنات والتي كانت تقول إن حضانة البنت من حق الأب عند وصولها إلى سن السابعة. وذكر مهتمون في هذا الشأن أنه لا يوجد نص في القرآن والسنة يقول إن الولد يخيّر أو إن البنت تذهب حضانتها لوالدها.وذكر القاضي الشيخ يوسف الفراج أن القضاء السعودي يستمد مرجعيته من الفقه الحنبلي الذي له قواعد تحدّد أحكام الحضانة للذكر والأنثى، ومن أبرزها أن الولد الذكر يخير عند سنّ السابعة بينما تُضمّ البنت لحضانة الأب، وهو القول المشتهر في القضاء، موضحاً أن هناك توجهاً قوياً من قِبل القضاء نحو العمل بقاعدة تختلف عن هذا القول وهذه القاعدة تذهب إلى أن (الحضانة لمصلحة المحضون) فليس كل ابن يُخيّر وليست كل بنت تذهب لوالدها عندما تكبر، حيث إن القضاء يقدم هذه القاعدة على القواعد التي نص عليها الفقهاء في الحضانة، فإذا رأى القاضي من خلال المعطيات المتوفرة لديه حول الوالدين أن مصلحة المحضون عند الأم حُكِم بالحضانة للأم سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة وبغضّ النظر عن جنس المحضون، وهذا القول هو قول ابن تيمية وهو من الفقهاء المؤثرين بقوة في القضاء في المملكة. وأضاف الفراج أن هذه القاعدة مؤثرة أيضا ولو كانت الأم متزوجة, وأما قول الرسول صلى الله عليه وسلم للمرأة “أنت أحق به ما لم تنكحي”, فبيّن أن الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه مع هذه المرأة بحث عن مصلحة المحضون ورأى أن الأم أنسب لحضانة ابنها ولكنه رأى أيضاً أنها إذا تزوجت فإن المعطيات تتغير ولذلك قال لها: “ما لم تنكحي”, فقد يكون الحق لها أو للأب حسب النظر القضائي, ولذلك يجب النظر في معطيات كل حالة، مشيراً إلى أنه وتأسيسا بهذه القاعدة فإن جانب الأم يترجح على الأب في حضانة الطفل الصغير -المحتاج للرعاية الخاصة- حتى وإن كانت متزوجة من شخص آخر، على اعتبار أن الطفل في هذا العمر من مصلحته أن تكون حضانته لدى أمه مهما كان وضعها, وكما جاء في الأثر :”ريحها وشمها ولطفها خير له منك”, بل إن هناك من الفقهاء من يُعطي الحضانة للأم وإن كانت “فاسقة” لهذا الاعتبار , لأن الطفل لن يتأثر بأمه وهو في هذا العمر إضافة إلى أنه يبعد أن تؤثر عليه بما يضر به .وأشار الفراج إلى أن هناك مُعطيات يتم النظر إليها وهي الوضع الاجتماعي للحاضن ومدى قدرته على القيام بشؤون المحضون والرفع من مستواه التعليمي والصّحي، وشدّد الفراج على أهمية الأخذ بعين الاعتبار أن الحضانة حق للمحضون وليست للحاضن ، بل إن القاضي قد يُلزم أحد الوالدين بالحضانة.ومن جهته ذكر أستاذ الدراسات الإسلامية المشارك في جامعة الملك فيصل بالدمام الدكتور عبدالواحد المزروع أن المذاهب الأربعة اختلفت فيما يتعلق بحضانة الفتاة بعد طلاق والديها , حيث أشار إلى أن حضانة الأبناء حتى سنّ السابعة متفق عليها بين المذاهب الأربعة على أن تكون عند الأم، وقال المزروع إنه لا يوجد دليل واضح وصريح في القرآن والسنة حول أن الولد يُخيّر عند وصوله سن السابعة بين والديه وأن البنت تعود لحضانة والدها حتى تتزوج لأن ذلك قائم على اجتهادات العلماء، وأشار إلى أن الشيخ ابن تيمية “من المذهب الحنبلي” ذهب في رأيه إلى أن الأصلح بين الزوجين في حضانة الأبناء هو الأحق بحضانتهم بشهادة الناس، بحيث إنه إذا كان الأب متزوجا من امرأة أخرى ولا تقوم برعاية بناته على الوجه المطلوب فإن الأم تكون أولى برعايتهن من الأب.وبين المحامي عدنان الصالح أن الأصل في الشريعة الإسلامية أن تكون الحضانة للأنثى ولذلك فإن بعض أهل العلم يرون أن الحضانة تكون للأم ومن بعدها لأم الأم وهذا هو القول الراجح الذي رجّحه ابن عثيمين وهو أحد مشايخ الحنابلة. ومن جهته أكد المستشار القانوني الدكتور عبدالله باوارث أنه فيما يتعلق بحضانة البنت فإن المذهب الحنبلي والمالكي قالا إن البنت تذهب لحضانة والدها بعد سن السابعة إذا كان رجلا عاقلا، ولكن القاعدة الحالية تقول مصلحة الأبناء تغلّب على مصلحة الحاضن، فإذا كان الطفل في حضانة والده والمنزل موجود به الجد والأعمام والعمات وربما في أعمار مختلفة وبعضهم متسلط وبعضهم قاصر الفكر فإن ذلك لا يسير مع مصلحة الطفل، وأكد أن كل قضية حضانة تعالج وحدها وبصفة خاصة وتُدرس حيثياتها، ونادى باوارث بأن يتم تشكيل لجان للإصلاح من أفراد المجتمع المتعلمين لدراسة قضايا الحضانة بدلاً من عرضها على القضاة الذين لا يكون لديهم الوقت الكافي للاستماع إلى كافة جوانب الموضوع. ويمكن للبنت أن تعيش مع والدتها المطلقة إذا كان الأب يعيش خارج البلد أو موقوفا بسبب جريمة جنائية ارتكبها أو مسجونا أو قاصرا أو يعاني من مشاكل نفسية.
المصدر: جريدة الوطن الاثنين 24 صفر 1431 ـ 8 فبراير 2010 العدد 3419 ـ السنة العاشرة
http://www.alwatan.com.sa/news/newsdetail.asp?issueno=3419&id=135549&groupID=0