فاطمة ومنصور : لا يضيع حق وراءه مطالب
16 فبراير 2010 - جريدة الوطنفاطمة ومنصور : لا يضيع حق وراءه مطالب
أتساءل اليوم – بعد أن وضعت قضية فاطمة ومنصور أوزارها بعد أربع سنوات من الكر والفر – كيف لو أن فاطمة استسلمت وخضعت لحيثيات الحكم الصادر في قضيتها ؟ ماذا لو امتثلت فاطمة وطأطأت رأسها أمام صلدة العرف والعادة ، وخشيت المشي في طريق ملغم بالمصاعب والأهوال يتساقط عليها فيه كل يوم عقبة جديدة كفيلة بتفتيت أقوى العزائم؟ ماذا لو خانتها إرادتها وسلمت مركبها لأمواج اليأس العاتية خلال أربع سنوات عجاف من التشرد والغربة في دار الرعاية ؟ كيف لو أنها لم تؤمن بقوة لا تقهر وبعزم لا يُفت بحقها في لمّ شعث أسرتها ؟ ماذا لو خضع منصور للضغوط المستمرة عليه ليستلم صك الحكم ويقبل به ويتنازل عن القضية خاصة بعد التعميم على اسمه لمجرد أن زوجته في دار الرعاية ؟
اذا لو خارت عزيمته وأبواب الوظيفة تغّلق في وجهه وتضيق عليه الدنيا بما رحبت كما صرح في حديثه لموقع العربية ؟
لعبت شجاعة هذه الأسرة الصامدة دورا مهما في الوصول بالقضية إلى بر الانفراج ، وساهمت في حلحلة إشكالية سسيوثقافية على قدر كبير من التعقيد في مجتمع لا تزال القبلية تعيد فيه إنتاج نفسها بأشكال مختلفة ، فيما لو خضعت الأسرة لما أرادوه لها لساهمت في تمهيد الطريق لشرعنة هذه النوعية من القضايا. ولعل قرار المحكمة العليا يوصد الباب أمام النظر في قضايا التفريق على أساس الكفاءة في النسب مستقبلا ! لذا أحيي شجاعة هذه الأسرة التي نحتت الصخر لتنال حقها ، مثبتة ومؤكدة أنه لا يضيع حق وراءه مطالب ، وواضعة علامات مضيئة لغيرها من المظلومين والمقهورين ، ليكون دافعا لهم على مواصلة مسيرتهم لا نتزاع حقوقهم.
أحيي فاطمة الشجاعة ومسيرتها النضالية وكفاحها المستميت لتنال حق أسرتها المشروع في حياة طبيعية تضمهم معا في بيت واحد . أحيي نضال فاطمة الذي لا شك أنه سيضخ في عروق المرأة السعودية وشرايينها قوة دافعة ، لتحرر نفسها ومجتمعها من أسر العادات والأعراف التي يبرأ منها الإسلام ، والواقفة بصلابة ومنعة في وجه أية تغييرات تطال وضع المرأة السعودية . كما أحيي المحاميين الشجاعين عبد الرحمن اللاحم وأحمد السديري اللذين ترافعا عن القضية ووقفا مع الزوجين في معركتهما ، وأحيي كل من وقف مع هذه القضية وساند الأسرة المظلومة ، وأخص بالذكر الناشطة الحقوقية الأستاذة فوزية العيوني التي لم تتوان في رفع لواء قضية منصور وفاطمة وإيصال صوتها للمسؤولين، ولم تألو جهدا في دعم فاطمة في وحشتها داخل الدار.
تنعقد الآمال بعد قرار المحكمة العليا بنقض حكم محكمة الجوف على مرحلة جديدة تصحيحية لقضائنا ترسى فيها قواعد وضوابط جديدة تحد من الأحكام المخالفة لروح الشرع والمنتهكة لحقوق الإنسان، وسرعة تنفيذ مشروع خادم الحرمين الشريفين بتطوير القضاء وتقنين الأحكام وتوحيدها، حتى لا نشهد مآسي قضائية جديدة !
اليوم وفاطمة تمنح كل امرأة مقهورة أملا بأن الصبح لا بد أن ينبلج وبأن لكل ليل نهاية مهما طال، أتساءل ألا تستحق هذه القصة أن تدرس لبناتنا في مناهج القراءة
المصدر: جريدة الوطن الجمعه 21 صفر 1431 ـ 5 فبراير 2010 العدد 3414 ـ السنة العاشرة
http://www.alwatan.com.sa/news/writerdetail.asp?issueno=3416&id=17561