مقصورة النساء في المحاكم
16 فبراير 2010 - الاقتصاديةمقصورة النساء في المحاكم
عبد العزيز محمد هنيدي
دار الحديث في المقالة السابقة عن أهمية الثقافة في مجال حق الإنسان في التقاضي واللجوء إلى القضاء العادل المستقل الذي يتمتع بإقران العدل بسرعة البت ، وأشرت إلى مجموعة من الموضوعات التي تعزز الثقافة المذكورة وتبرز حقوق الإنسان في مجال التقاضي فلا يتعرض للظلم أو سوء المعاملة مما يخدش كرامته ويدفعه إلى اللجوء للمحامين الذين قد يستغلونه وخاصة إذا كان قليل المعرفة ومن أصحاب الدخول المحدودة، أو ربما يحجم عن متابعة قضيته أو يقبل بأنصاف الحلول أو أرباعها ! كما أشرت إلى كتيب ( حق المتهم ) الذي صدر من جمعية حقوق الإنسان الوطنية والذي يفند حقوق الإنسان المتهم من وقت القبض عليه والتحقيق معه وتفتيشه وسجنه ومحاكمته، وأشرت إلى نظام الإجراءات الجزائية الذي صدر بمرسوم ملكي في عام 1422هـ والذي يهدف إلى صيانة حق المتهم ويمنع الاعتداء على كرامته والحفاظ على حقوقه المادية والمعنوية وحريته ، كما أشرنا سابقاً إلى حق الإنسان المظلوم سواء كان متهماً أو مرتكباً جناية في طلب التعويض عن أي ظلم لحق به مثل تأخير البت في قضيته أو إطالة مدة توقيفه أو سجنه أو أي ضرر يلحق به من جراء محاكمته أو بعد صدور الحكم عليه ، كما أشرت إلى وسائل وأدوات ثقافة حق التقاضي مثل وسائل الإعلام والقضاة المتقاعدين والمحامين لنشر تلك الثقافة المهمة في أوساط المجتمع، ولا شك إذا عرف الإنسان المتهم أن له حقوقا فإن معنوياته ستزداد ويقدم بكل ثقة إلى المحاكمة ، كما أن القضاة عندما يعرفون أن المتهم الماثل أمامهم يعرف حقوقه فسيحرصون على أن يكونوا أكثر عدلاً معه وأسرع وأذكى في إنهاء قضيته حسبما يتطلبه الشرع وسيزداد احترام القضاة للمتهمين مما يزيد في احترام الناس للقضاة لحسن معاملتهم وعدلهم ، كما أشرت في حلقة سابقة إلى أهمية نظافة المحكمة وتوافر جميع الوسائل والمرافق مثل دورات المياه الحديثة وجزءاً منها للمعوقين وصالات انتظار مثالية وركن للمطالعة إلخ… ، وفي هذه الحلقة أرغب في التركيز على ضرورة وجود مقصورة خاصة بالنساء في جميع المحاكم وتزود بكل الإمكانات والمرافق الضرورية مثل دورات المياه وتخصص غرفة لحضانة الرضع والأطفال بإشراف متخصصات في العناية بهم وتوافر ألعاب وتسليات مناسبة للأطفال والأبناء الصغار، كما يجب أن تكون في تلك المقصورات مساعدات للقضاة من النساء المؤهلات ليساعدن النساء في شكاواهن وقضاياهن المعروضة على المحاكم ولا شك أن الشاكيات أقدر على توضيح قضاياهن للمساعدات بدلاً من مواجهة القضاة مباشرة ، وبوجود المساعدات وتفهمهن لحقوق النساء يقمن مع الشاكيات بمقابلة القضاة لشرح القضايا، وربما استطاعت المساعدات على حث النساء على التسامح واللجوء لإصلاح ذات البين بدلاً من اللجوء للمحاكم كما يؤدي دور المساعدات لمعاونة النساء المطلقات لتوضيح حقوقهن في مسائل النفقة والرضاع والحضانة والعدة والأولى برعاية الأطفال إلخ..، مع قيام المساعدات بمتابعة قضايا المطلقات في المحكمة التي عادة ما تستغرق مدة طويلة وربما تؤدي مساعي وجهود المساعدات إلى رجوع المطلقات لأزواجهن كلما أمكن ذلك، وإذا ما تم إنشاء تلك المقصورات للنساء في المحاكم وخاصة في المدن الكبيرة فلاشك أن المرأة ستسعد بذلك كثيراً وستحصل بعون الله تعالى على حقوقها وبطريقة أسرع في جو وبيئة مريحة وبعمل مؤسسي يخدم الإنسان ويحافظ على حقوقه وكرامته، وكلي أمل أن يلقى هذا الاقتراح استحسانا من معالي رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي يحرص فضيلته على كل ما يسهم في تطوير وتقدم القضاء وفقاً لتوجيهات الدولة. وفي الحلقة (108) نكمل ما تبقى.
المصدر: جريدة الاقتصادية الأربعاء 26 صفر 1431 هـ. الموافق 10 فبراير 2010 العدد 5966
http://www.aleqt.com/2010/02/10/article_347609.html