أهمية القضاء وحقوق القضاة
22 فبراير 2010 - الاقتصاديةأهمية القضاء وحقوق القضاة
عبد العزيز محمد هنيدي
دار الحديث عن مقصورة النساء في المحاكم في المقالة السابقة لتمكين النساء من مقابلة مساعدات القضاة في تلك المقصورة وشرح ما لديهن من قضايا ومعاناة حتى تستطيع المساعدات مساندة ونصح النساء وتوضيح حقوقهن وواجباتهن ثم المضي معهن للقاضي المختص لعرض قضاياهن وسماع شكاواهن، وبهذه الطريقة تقوى حجة المرأة وخاصة أولئك النسوة اللاتي يعانين من عدم معرفة حقوقهن وليست لهن القدرة على شرح ما وقع عليهن من ظلم أو سوء معاملة ثم بوجود الوسائل والمرافق الحديثة في تلك المحاكم وحضانة الرضع والأطفال تطمئن المرأة ولا تقلق – بسبب بعدها عن أطفالها وقد شاهدت شخصيا في كثير من المحاكم وجود النساء في ممرات وردهات المحاكم أشبه بالضائعات وسط جموع الرجال وحتى عندما يقابلن القضاة يغلب عليهن الحياء والضعف في شرح قضاياهن بطريقة مقنعة – وخاصة في وجود رجال أجانب في غرفة القاضي، ولا شك أن توفير تلك المقصورات بما يلزمها من مساعدات للنساء ومرافق ومشرفات على حضانة الأطفال ليس بكثير على الدولة التي أنفقت المليارات من الريالات لتطوير القضاء ونشر العدالة والحفاظ على كرامة الإنسان وحقوقه، والآن مع توضيح أهمية – القضاء وواجبات القاضي وأهمية مساندته واحترامه والمحافظة على حقوقه التي يستحقها.
يُعرف القضاء في الاصطلاح الشرعي بأنه فصل الخصومات والمنازعات حسبما ورد في كتاب (نظام القضاء في الشريعة الإسلامية) لمؤلفه الدكتور عبد الكريم زيدان، وقد ذُكر في المصدر نفسه أن هناك تعريفاً مختاراً للقضاء هو (القضاء في الاصطلاح هو الحكم بين الخصوم بالقانون الإسلامي بكيفية مخصوصة) وأريد بالكيفية المخصوصة: كيفية رفع الدعوى إلى القاضي والأساليب والضوابط التي يلتزم بها القاضي والخصوم في إجراء التقاضي والترافع أمام القاضي … إلخ، والقضاء من أهم ضروريات المجتمع والسبيل لاستقرار السلام والأمن سواء كان ذلك المجتمع إسلاميا أو خلاف ذلك، كما أن القضاء العادل من أهم مقومات التنمية المستدامة وقد باشر النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – بنفسه القضاء بين الناس حسبما أمره الله تعالى وأراه ليحكم بما أنزله الله عليه، وحرص – عليه الصلاة والسلام – على اختيار من يراه صالحا للقضاء ليرسله قاضيا خارج المدينة، وأجمع العلماء على مشروعية القضاء وأنه لا بد من ظالم ومظلوم بسبب نزغ الشيطان وما يجتاح النفوس من طمع وحسد وتكبر إلا من رحم ربي، ولأهمية القضاء وخطورته قام به أوائل الخلفاء الراشدين أو اختاروا من يرون فيه الكفاية والمقدرة ورغم ذلك فهم يراقبون ويوجهون أولئك القضاة، والقضاء من الأعمال الجليلة والفضل الكبير ومن وسائل التقرب إلى الله تعالى وخاصة إذا نوى القاضي ذلك وراقب الله تعالى في كل ما يقضي به، والقضاء من الوسائل المهمة في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة المظلوم ورد الظالم وإيصال الحق إلى أهله والإصلاح بين الناس والحرص على العدل والمساواة وهذه الأمور من أهم واجبات القاضي، كما أن من حق القاضي ألا يتدخل أحد في قضائه لأهمية استقلال القضاء وأن يهيأ للقاضي المساعدون والأعوان الإداريون الأكفاء ولا يُحمل أكثر من طاقته وأن يُعطى المرتب الكافي لمستوى معيشي مشرف وأن يُهتم بأمنه وسلامته وتدريبه وتطوير ثقافته وأن تحرص الدولة على معاقبة كل من يحاول التأثير فيه بأي صورة أو طريقة أو من قبل أشخاص لهم سلطة ونفوذ، كما يجب أن يلقى القضاة من الجميع الاحترام والتقدير قولا وعملا وأن على المتداعين أن يحترموا ويقدروا مسؤولية القاضي وأمانته، فلا تصدر منهم كلمات نابية أو تصرف مشين ضد القاضي وأن يحرصوا على الالتزام بمواعيد الجلسة ومكانها ومعهم كل ما يلزم القضية من وثائق ومعلومات وشهود كما عليهم الدعاء للقضاة بالسداد والتوفيق والمثوبة من الله تعالى، ولا شك أنه كلما التزم الحاضرون لدى القضاة بما يجب من احترام وتعاون معهم ارتفعت معنوياتهم وكانوا بعون الله أحرص على أداء عملهم كما على القضاة الصبر والحلم ودراسة القضايا والاستعداد للقضاء قبل بدء المحاكمة وألا يحكموا بين الناس وهم في حالة غضب أو مرض أو انشغال بأمور أخرى أو أنهم على عجلة من أمرهم أو أي حالة من الحالات التي تؤثر في دقة العدالة وحسن البت في القضايا، وفي الحلقة القادمة نكمل ما سبق أن بدأناه عن النظام الجديد للقضاء.
المصدر: جريدة الاقتصادية الأربعاء 03 ربيع الأول 1431 هـ. الموافق 17 فبراير 2010 العدد 5973
http://www.aleqt.com/2010/02/17/article_350966.html