أ . عالية فريد >> أخبار و مقالات


جهود القضاة والقضاء تتبخر

22 فبراير 2010 - جريدة الحياة

جهود القضاة والقضاء تتبخر

عبدالعزيز السويد

هناك مساحة تتمدد فيها جهات حكومية تسمح لها في النهاية بإحباط تنفيذ أحكام قضائية أو المماطلة والمداورة في تنفيذها. أليس في هذا عدم احترام للقضاء، بل تشويه لصورته في الداخل والخارج؟ خذ مثلاً خبراً نشرته «الحياة» أخيراً: ألغت وزارة الحج ترخيص شركة «لبيك للتشغيل والتسويق»، رفعت الشركة قضية في ديوان المظالم، فحصلت على حكم قضائي لمصلحتها، لم ينفذ، وبعد سنوات حصلت على حكم قضائي آخر من ديوان المظالم واجب النفاذ، ولم ينفذ أيضاً. هذا نموذج نشرته «الحياة» وصحف أخرى. والمسؤولون في جهات تماطل في حضور المندوب والتنفيذ يقولون إنهم يحترمون القضاء وأحكامه، لكنهم عند التطبيق يستطيعون تجميده، وكأنه لم يكن، اللهم إلا من خطابات تلف وتدور.

هذه الممارسات تعطي صورة سلبية لنتائج الجهد القضائي الطويل والشاق، فلا يمكث منه شيء في الأرض ينفع الناس، وعلى المتضرر أن يلجأ مرة أخرى لاستصدار حكم جديد! واقع يستلزم إصلاحاً جذرياً، ومثل هذه قضية في غاية الأهمية، وهي آليات تنفيذ الأحكام القضائية ووضوحها بحيث يتحقق منها الغرض في إشاعة العدل، لأن الواقع الحالي في القضايا أن الحكم يصدر ويبقى الضرر، لمتاهة وعدم وضوح في آليات التنفيذ والجهات المناط بها ذلك.

وفي ما يخص القضايا المرفوعة ضد جهات حكومية لدي اقتراح أعرضه للتفكير والنظر في إمكان الاستفادة منه، بهدف تحديد المسؤوليات وعدم ترك مساحة فسيحة للجهة الحكومية، يمكن للمسؤول فيها اتخاذ قرارات تتحقق منها اضرار مع سلامته من التبعات. يتلخص الاقتراح في ربط القضية بالمسؤول عن اتخاذه القرار المسبب لها، تنتقل مسؤوليتها معه إذا انتقل عمله أو عُين سفيراً أو تقاعد حتى، لأن جهات حكومية بشخصيتها الاعتبارية تتيح لمن يدير مقاليدها أن يتصرف وقد يحدث من ذلك إضرار على آخرين، ليتم المماطلة في إصلاحها، ثم تنقل هذه التركة إلى أي مسؤول جديد وصل للتو «ليبتلش» فيها. ومعلوم أنه في حال التعويض في حكم قضائي تجاه جهة حكومية لن يدفع المسؤول شيئاً من جيبه، بل ستتحمل موازنة الجهة الحكومية قيمة التعويض، وهذا في تقديري يسهم في المماطلة، ويضر بالمال العام، مثله مثل المضارب في الأسهم بأموال غيره. اقترح هذا مع الاعتراف بأني لست متخصصاً.

والخلاصة أن تركيز الجهد على آليات تنفيذ الأحكام القضائية ومكافحة المماطلين وإيضاح المسؤوليات والتبعات عند اتخاذ القرارات سيؤدي إلى انفراج وتيسير في العمل القضائي، وتخفيف لعدد القضايا والجلسات والمواعيد، وربما الازدحام المروري! وسنرى الأثر الإيجابي لذلك في قلوب الناس، وعلى صفحات الصحف.

 

المصدر: جريدة الحياة الإثنين, 15 فبراير 2010

http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/109125

أضف تعليقاً