أبناؤنا والتربية أمانة في أعناقنا
15 يونيو 2003 - أ . عالية فريدإختلفت الآراء كثيرا حول التربية وإسلوب التعامل مع الأبناء، لاسيما في هذا العصر الذي يعيش فيه الأبناء ثورة معلوماتية كبيرة، فأصبح العالم كله قرية صغيرة في متناول الأيدي يتحكم فيه الأبناء كيفما شاؤوا مما كان لذلك تأثيرا كبيرا على سلوكياتهم وأفكارهم وتصرفاتهم. فباتت التربية اليوم تشكل هاجسا للآباء وقلقا للأمهات وهم يرون أبنائهم يتلونون بثقافات مختلفة وعادات غريبة عن الواقع والمجتمع، وحيال ذلك قد يقع الآباء في حيرة حول ماهية الإسلوب المناسب في التربية مع هؤلاء الأبناء.
فهناك من يرى ضرورة إخضاع الأبناء للأسس التربوية الواردة في كتب التربية، وهناك من يلجأ للإسلوب القديم الذي تربى عليه، وهناك من يفكر في إعتماد إسلوب القسوة والحزم كطريقة مثلى وصحيحة للتعامل مع الأبناء، وفي المقابل نجد من يؤكد أن التدليل بجانب الشدة يأتيان بنتيجة أفضل، ويرى البعض الآخر أن لغة الحوار هي أنجع وسيلة لصنع أسرة متفاهمة وناجحة، وربما نتسائل ما الإسلوب الأمثل في التربية؟ من هنا يجب ملاحظة عدة أمور أهمها:
1- لكل مرحلة عمرية إسلوب مناسب يتبع، فالطفل في مراحله الإولى يحتاج إلى الحب والعطف والحنان والدلال، وفي المرحلة الثانية يحتاج فيها للثقة بالنفس وغرس القيم التربوية في نفسه كالصدق والتعاون والإحترام والتسامح والشجاعة والوفاء وحب الآخرين، وأن يتعلم المثل ويتحلى بالأخلاق التي وصى بها الدين الإسلامي الحنيف، فلقد وضع لنا رسول الله (ص) منهجا متكاملا في التربية عندما قال (لاعبه سبعا وأدبه سبعا وصاحبه سبعا) وقد ضرب لنا (ص) أروع الأمثلة في تعامله مع إبنيه الحسن والحسين – رضي الله عنهما – ومع أبناء الصحابة.
2- مراعاة الزمان والمكان، وأعني بذلك إختيار الإسلوب المناسب وطريقة المعاملة في التربية، فما كان يصلح مع أجيال سابقة قد لايصلح مع هذا الجيل، فالوسائل والأدوات والمعيشة التي تربى عليها أباؤنا وتربينا عليها نحن من قبل تختلف إختلافا كبيرا عما هي عليه اليوم، وبرغم وجود الثوابت والقيم الإسلامية التي لاتتغير مع تغير الزمن، إلا أن الوسائل المحيطة من إعلام وقنوات وبرامج وغيرها تفرض سيطرتها بشكل كبير على عقول أبناؤنا. لذلك يجب التفكير بكل جدية في مستقبلهم بالذات في ظل هذه الثقافات التي نعيشها، وتصحيح أساليبنا التربوية معهم وقد صدق الإمام علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – عندما قال (لاتقصروا أبنائكم على زمانكم فإن زمانهم غير زمانكم).
3- ضرورة إيجاد لغة الخطاب بين الآباء والأبناء، إن إنعدام لغة الخطاب بين الآباء والأبناء تعد من أهم مسببات المشاكل واستمرار الصراع في الأسرة، ويعود أفرادها على التفكير المنظم والتعبير السليم، وقد قال بعض المربين هذه العبارة مؤكدا عليها (إنصت لطفلك لكي يسمع لك) فالإستماع فن لابد أن يتعلمه الصغار ويحسنه الكبار لاسيما في التعامل مع الأبناء.
وأخيرا يجب أن ندرك جيدا أن جيل اليوم يحمل عقلا متفتحا يسأل ويناقش ويجادل، لاسيما في سن المراهقة هذه المرحلة الحساسة والحرجة التي يمر بها الشاب والفتاة، فلغة الخطاب يجب أن تكون حضارية في إيصال المفاهيم والقيم السليمة إلى عقولهم، فإنها لاتأتي عن طريق الأوامر وفرض الرأي، بل تأتي بالكلمة الطيبة وبرحابة الصدر التي يعامل بها الأب أو الأم أبناؤهما.
لذلك أبناؤنا أمانة في أعناقنا ونحن مسؤولون عنها يوم القيامة يحاسبناالله إن قصرنا فيها، فلا بد أن نقترب منهم ن ونتعرف على مشاكلهم وأحاسيسهم نحاورهم ونستمع لهم، ونناقش أمورهم، عندها نستطيع مساعدتهم على بناء شخصياتهم لمواجهة مشاكل الحياة.