أعراسنا. أفراح ولياليها ملاح عريقة في أصالتها. وتقاليدها الجميلة. فهل تغيرت مع الزمن.
26 أكتوبر 2003 - أ . عالية فريدتعيش المجتمعات الخليجية ضمن روابط وعادات مشتركة قريبة من بعضها البعض في الأفكار والعادات والتقاليد، ومراسيم الزواج تعتبر من أهم المعالم البارزة التي تبدوا واضحة للعيان في طقوسها ومنهجيتها وآدائها ضمن إطارواحد وسمات واحدة وإن إختلفت نسبيا فإنها متفق عليها لدى غالبية الخليجيين.وكل زمان له جيله، وكل جيل له سلبياته وإيجابياته فيه الحلووالمر لكن لاداعي لبهدلة الحياة وزيادة العبئ وتراكم الديون، وأن يعيش كلا من الزوجين حالة من القلق والتوتر وتكدر العيش فيحرما أنفسهما متعة الإستئناس والهدووء في بداية حياتهما الزوجية، فالزواج إقتران يعني أمن وسكن وإستقرار وحياة هانئة ملؤها السعادة والحب وتجنب المشاكل قدر المستطاع.
و الزواجلايخلوا من ممارسات ومشاكل خاطئة، لكنه لايعني أنه مشروع فاشل، فهو المشروع الرباني الوحيد الذي إرتضاه لنا الإسلام، وهو المصرف الفطري للمشاعر الإنسانية السليمة والغالب فيه التوافق والود والتآلف، وإن لم يتحقق هذا المقصود لأمر ما فلا يعني بالضرورة فشل الأساس، ربما يكون نتيجة لسوء الإختيار أو لعلاقات محرمة قبل الزواج، أو لعدم الإلتزام بالواجبات الدينية، أو لسوء في التربية الخ. فكيف يتم الزواج في مجتمعاتنا؟ وماهي المراحل التي يمر بها بدأ من الخطبة وحتى ليلة الزفاف؟وماهي الفروقات التي تميز بها الزواج في الماضي وجعل غالبية الناس يحنون إليها تارة ويترحمون عليها تارة أخرى؟ وماهي أهم عوائق الزواج اليوم والتي قد تحول وتقف حجرة عثرة في جمع رأسين بالحلال؟ وماهي أهم الأمور التي يجب أن يراعيها الشباب المقبلين على الزواج؟
يمر الزواج في مجتمعاتنا بمراحل عدة أهمها مايلي:
– الخطبة والإختيار:
تتم الخطبة في السابق بواسطة الأقارب أو الخطابة المتخصصة، وكان يعتمد إعتمادا كليا على رأي الأسرة والأقارب بما فيها الأب والأم والأخوة والأخوات وعادة مايراعى إختيار الأخ الأكبر سنا، ومن ثم ذوي القربى من الدرجة الثانية كالعم والخال والعمة والخالة فهم موكلون بالمساعدة في إختيار الزوج أو الزوجة للفتى أوالفتاة، وبعد عملية الإختيار يقع إتخاذ القرار بيد الشاب أو الشابة وتترك لهما حرية القبول أو الرفض. اما اليوم فقد توسعت عملية الإختيار فهي تجري على يد الرجل بذاته أو بإختيار أصدقائه المقربين أما الأبوين وبقية الأهل فلهم حق المشورة وذلك حسب المواصفات التي يطلبها الشاب فإذا كانت مناسبة له فإنه يختارها حتى لوكانت رغبته مخالفة لوالديه وأهله.
وغالبا ما يشترط في العروس أن تكون جميلة ذات دين و خلقوعلم وأدب، وبعد عملية الإختيار يأتي دور جمع المعلومات عن الخاطب فتحرك أسرة الفتاة جميع أفراد عائلتها وأصدقائها ومعارفها للسؤال والبحث عن الشاب وأخلاقياته وسلوكياته ووظيفته وأصدقائه وإلتزامه لحين تتم مرحلة الإطمئنان والموافقة الأكيدة بعدها يتم تحديد ليلة (الملجة) وهي ليلة يتم فيها حضور المأذون الشرعي لصياغة عقد الزواج.
– شراء الشبكة:
هناك شبكة رمزية تقدم ليلة العقد، يختارها أهل العريس عادة، لكن الأكثرية يترك إختيارها للعروسين بعد صياغة العقد، ويفضلفي إختيار الشبكة الذهب البحريني أو الإماراتي أو الهندي لأنه راقي في تصميمه وتشكيلته، إلا أنها تطورت الآن بتطور أهل زمانها، فتجدها اليوم مصنوعة من الألماس ألمدموج بالفضة و الأحجار الكريمة كالزمرد والماس الطبيعي،و أصبحت تواكب الموضةويتستخدم فيها الفيروز والأحجار الملونة المصقولة مثل الزفير الأصفر والفير الأزرق والملون حسب الرغبة والإختيار.
بعض الناس يقدم الخطبة ويؤخرلبس الشبكة وعمل العقد (عقد الزواج) لحين يتسنى للطرفين البحث عن بعضهما ويتأكدا من رغبتهما في العيش مع بعضهما البعض، من خلال التفاهم وتقارب الأفكار بينهما عن طريق الرسائل، أو المكالمات الهاتفية (بشرط معرفة الأهل بذلك) قبل مدة الزواج، وتستمر الخطبة لمدة أكثرها 6 وأقلها 3 أشهر بعدها يتم العقد بينهما،، ويتم على أثرها التحضير للزواج ومتطلباته كتجهيز السكن، والأثاث، وتوفير الإمكانيات اللازمة للعرس.
– ليلة الحنة. الحناء:
إشتهرت عشبة الحناء في دول الخليج بشكل كبير جدا، فهي تجفف وتدق وتنخل وتنقى من الشوائب حتى لايبطل مفعولها وتطحن وتخلط بالماء ويضاف لها بعض المواد كالليمون الأسود أو الشاي لتطبع لونها الأحمر الجميل على الجلد، وتستخدم عادة في كثير من المناسبات إلا أن ليلة العرس إشتهرت بها أكثر،والحنة أنواع منه الإماراتي والهندي والخليجي.
كان رسم الحناء سابقا بالعود أما الآن يتم إستخدام عصارة خاصة بمعجون الحناء، في السابق كان يعاد تكرار الحناء لثلاث مرات (طاقين أو ثلاثة) أما اليوم فطاق واحد يكفي كما أنه في السابق يكون الرسم عشوائي بالعجين فيعطي تشكيلة معينة، أي لاتوجد رسمة محددة في البال، فحناء اليوم أصبح أسرع في الوقت، ويحتاج إلى تركيز وتناسق في الخطوط، وعادة ما يعتمد نقش العروس على طلبها، أوحسب ما تقدمه صاحبة الصالون أو(الحناية) الخاصة من عروض.من التراث الخليجي:حناش عجين فاطمة حناش عجين. لازفوش على المعرس لازم تستحين. حناش ورق فاطمة حناش ورق. لازفوش على المعرس زخش العرق. وتطورت الحناء كتطور أصحابها فاتجهن أكثر الفتياتنحو الحنة السوداءوأكثرهن منالمراهقات، فهي خطوط حمراء وعريضة دقيقة في النقش وهي عادة حناء (سودانية أومارونية وهي عبارة عن خطوط سوداء تعبئ بالأحمر) وتستمر من 7- 10 أيام من الظفر إلى الركبة، ومن الكفين إلى المرفقين.
ويتم تحنية العروس حسب رغبتها في الصالون أو البيت أو الفندق، لكن ليلة الحناء تعقد في صالة كبيرة في البيت اوفي صالة مناسبات يجتمعن فيها الأهل والأقارب والجيران والصديقات للإحتفاء بالعروس وإحاطتها بالأهازيج والترانيم الشعبية والتراثية.
و تسبق ليلة الحناء ليلة العرس، وتعتبر من الليالي المميزة في دول الخليج لها مراسيمها وطقوسها الخاصة المليئة بالبهجة والصفاء والحب، ترتدي فيها العروس (الجلابية المطرزة الخضراء) وتنتقش بأزهى أنواع النقوش.
– الجلوة (الجلوات):
بعد ليلة الحناء، تأتي ليلة الجلوات وسميت بذلك لأن العروس تجلى فيها برداء مطرز يلوح به فوق رأسها في إحتفال بهيج خاص بذكرى عطرة لسيرة الرسول المصطفى محمد (ص) وتقرأ سيرة زواجه من السيدة خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها) بنغم خاص مميزوجميل، بعض الأمهات يرغبن في عمل الجلوة قبل الزواج ويفردونها في ليلة واحدة، والبعض يجعل الجلوات ثلاث ليال حسب الرغبة، أما الآن فقد إنتقلت الجلوة إلى بعد ليلة الزواج لكي يتسنى للعريس رؤية زوجته بجلواتها، حيث لايمكن له ذلك قبل العرس.
يرتدى المحتفلين بليلة الجلوةفساتين خاصة بذلكوتكون منقوشة بأجمل النقوش إما (يابانية أو هندية أوصينية) وأكثرها من الجلابيات والعبايات الخليجية المتنوعة والمتعددة في الألوان والأشكال.
– ليلة الزفاف:
أما ليلة الزفاف فهي الليلة البهيجة لكلا الزوجين، يسبقها إقامة الولائم لمدة ثلاثة أيام متوالية، في اليوم الأخير تقام وليمة الزواج يحضرها جمع غفير من أبناء البلدة، ففي السابق كانت العروس تجهز وتزف إلى بيت زوجها قبل حضورهوسط لفيف من النساء والأقارب والصديقات والمدعوات، وهن يهللن الله ويكبرنه وينشدن الأناشيد الإسلامية التي تردد في مثل هذه المناسبات، وتستقبلهن أم العريس وأخواته وأهله وهن يسبحن الله ويحمدنه ويسوقونها إلى غرفتها حيث تبقى في إنتظار الشريك.
أما اليوم أصبحت زفة العروس مشروعا متكاملا يتطلب الجهد الكبير في التجهيز والإعداد، وبذل الأموال، وأصبحت الفتاة اليوم تنتظر ليلة العرس لتقدم (البرستيج المميز) لحياتها مع شريكها منذ الليلة الأولى في دخول الحياة الزوجية، فلا يهمها ماتكبده أبويها من مشقة، وماسوف تعانيه مع زوجها المسكين من مرارة تسديد الدين وتكاليف الزواج، المهم كيف تتميز بين صديقاتها وكيف ينظر لها الآخرون !لقد إندثرت أكثر العادات الجميلة مع الزمن ورحلت بلا عودة، فأين هي اليوم بساطة الماضي وقيمه الإجتماعية الرائعة؟؟
فحتى تستعد العروس لليلة الزواج عليها أن تهتم بتوفير كل هذه المتطلبات فستان العرس ويتراوح سعره من 10000 – 50000 ألف ريال، الزينة وتشمل(الكوافير) ويتراوح سعرها من 2000 – 5000 آلاف ريال، صالة العرس وتترواح بين 15000 – 50000 ألف ريال، إستديوا للتصوير من 5000 – 10000 آلاف ريال، مطربات العرس (طقاقة) تتراوح تكاليفها من 5000 – 30000 ألف إضافة إلى كل ذلك سعر أحلى باقة ورد للعروس، هدايا تذكارية للضيوف والمعازيم، ديكورات الزفة من رقصات أجنبية أو صينية أو هندية، دفاتر مذكراتلكتابة إهدائات الضيوف وووووووما خفي أعظم.
أما أهم الأسباب التي تعيق الشباب عن الإقدام على الزواج فهي كالتالي:
1- فقدان المصداقية الحقيقية للزواج.
يسرالله الزواج وجعله نعمة من نعم الحياة، حب وبناء وعطاء وسكينة وذرية صالحة، و في عالم الماديات وللأسف الشديد تتغير الكثير من المفاهيم والقيم بالذات لمن يجهلون ثقافة الدين والحياة،فالزواج أصبحرهناللتفكير الماديو شركة قائمة على المصالح والنفعية فقط.فالشاب الغير مؤهل إقتصاديا أوإجتماعيا يسعى للزواج من المرأة العاملة، والمرأة تسعى للزواج من الرجل الممتلئ دون أن ينظر أيا منهما لجوهر الأمور. كما أن جيل اليوم أصبح قاصرا في نظرته للزواج كسكن لحياة مشتركةوتأسيس لبناء أسرة صالحة وسليمة، فالزواج في نظرالكثير من الشبابمجرد تجربة والتجربة قابلة للنجاح والفشل بدون تحمل أدنى مسؤولية من الطرفين، كما أن بعض الفتيات ينظرن إلى الزواج كمتنفس ومخرج من ضغوط الأهل، وبواسطته تنفتحلهن أبواب الحرية والسعادةوتتحقق رغبتهن فيالخروج من المنزل والسفر والذهاب والإياب دون قيد أو رقابة. كما يعتبرن الزواج فرصة لتحقيق المطالب والرغبات من هدايا وفسح وأسواق ومتعة وشراء، وعلى أثر هذه الآمال والأحلام سرعان ما يتصادم الطرفان بمجرد دخولهما العش الزوجيفيفتقدا الأمن والأستقرار ويحيل حياتهما إلى مشاكل و جحيم لايطاق.
2- فقدان الأهلية وتعدد الطلاق:
وذلك بتشجيع الآباء أبنائهم على الزواج المبكر دون أن يدركوا وعيهم لتحمل المسؤولية، وأنهم غير مؤهلين للزواج، وإن إرتفاع نسبة الطلاق في مجتمعاتنا ظاهرة تستحق الدراسة لما لها من خطورةخاصة على الشباب فتصيبهم بالخيبة والإحباط والتراجع عن الزواج، فقد أشارت دراسات أخضعت ظاهرة الطلاق على مستوى دول الخليج للبحث والدراسة إلى أن نسبة الطلاق في الكويت بلغت29،9./0 في حين وصلت في البحرين إلى 34./0 أما في قطر فبلغت النسبة 38./0 وفي الإمارات 37./0 وبلغ عدد المطلقات في الإمارات في عام 1415 هـ نحو 16 ألف مطلقة. وفي السعودية فحالات الطلاق في تزايد مستمر ففي عام 1414 هـ تم مابين 51065 عقد زواج توثيق 12478 صك طلاق في نفس الفترة، وبالمقارنة فإن نسبة صكوك الطلاق إلى عدد عقود الزواج على مستوى المملكة بلغت 24،4./0.
3- التكاليف الباهظة:
كإثقال كاهل العريس بما لايطيق لتوفير ما يحتاجه من مال لشراء ما يتعلق بشؤون الزواج، بدأ بغلاء المهور والحفلاتوالهدايا والولائم، وإنتهاءا بتجهيز السكن والأثاث ومتطلبات الحياة الجديدة، فإذا كانالشاب من أصحاب الدخل المحدود فراتبه لايكفي لتلبية كل هذه الإحتياجات، مما يضطره ذلك للإستدانة من الأصدقاء أو البنوك الأمر الذي يفقده الكثير من الراحة والأستقرار، ويضل بعدها يقضي سنوات يسدد فيها ما تراكم عليه من ديون.
4- التأثير السلبي لوسائل الإعلام:
سيطرت مظاهر الحياة المادية اليوموتأثيرها بشكل كبيرعلى عقول البنات، فقد كرست وسائل الإعلام وقنواته النزعة الإستهلاكية في روح هذا الجيل عبر بث وترويج الثقافة الامسؤولة في الزواجبالدعاية والإعلان وإغراء الفتاة بالكلمات الرنانة والشعارات المزيفة، وإدخال موضات وتقليعات جديدة تزيد من أعباء الحياة وتثقل كاهل الراغبين في الزواج، مثل كيف تجعلين زواجك مميزا؟ تسريحة ليلة العمر! أحلى سهرة لعروسين ! حفلة ليلة الزواج ! أين تفضلين قضاء شهر العسل؟مطبخ العروس، الديكور،مواصفات صالة العرس،كيف تمتعين ضيوفك ليلة الزفة، سيناريوا وروبورتاج.الخ مطالب لاتنتهي يدفع ضريبتها الطرفين والعبأ الأكبر يقع على كاهل الشاب حيث يقف عاجزا أمام تحقيق كل هذه المتطلبات فهو بحاجة إلى أن يفني عمره حتى يتزوج. أما بالنسبة للفتاة فهي بحاجة إلى أن تهتم بالأساسيات وتقدم بعض التنازلات الغير ضرورية وإلا فسوف يفوتها القطار.
5-البحث عن الجمال:
هناك هم بات واضحا لدى الكثير من شبابنا وهو كيفية الحصول على الزوجة الجميلة، وكأن مسؤولية الزواج أصبحت محصورة في الجنس فقط، فالبحث يتم عن الفتاة الرشيقة ممشوقة القوام طويلة القامة، ذات لون وشعر ماخالية من العيوب وحسب مواصفات معينة يشترطهاوكأنها من كوكب آخر، فالجمال مطلوب ولكن ليس على حساب المميزات الأساسية التي تضفي على الفتاة جمالا إضافيا فوق جمالها كالدين والعلم والنضج والأخلاق، ولاننسى تأثير الإنفتاح والأنترنت، والأفلام الإباحية والإثارات التي تعرضها القنوات والتي بدورها تثير غريزة الشباب نحو الجنس وتدفع بهم للإنحراف بالعلاقات المشبوهة تحت مسمى الحب والغرام، وهذه الممارسات تسد جزءا كبيرا من حاجتهم وتعوض نقصهم، فلماذا المشاكل والإستقرار مع زوجة ومصاريف وديون وووووالخ بينما بإمكانهم الصيد في الماء العكر بسهولةإذن هذا عنصر مهم في إعاقة الشباب عن الزواج.
6- فقدان الإستقلالية وتدخل أم الزوجة:
لأحيان كثيرة تستسلم الفتاة المقبلة على الزواج تجاه تحديد مستلزماتها ومتطلباتها وتنسيق أمور حياتها الزوجية مع الشريك، فتمتنع عن الإدلاء برأيها حتى في أبسط الأمور إما جهلا أو خجلا تاركة الفرصة لوالدتها في تدبير شؤون حياتها، وهنا تتدخل أم العروس مستعرضة قائمة طويلة من الطلبات التي تستنزف بها أهل الزوج، مما يؤدي إلى إثارة مشاكل كثيرة تؤدي إلى إنفصال الزوجين قبل إتمام ليلة الزواج.
7- الإختلاف الطبقي:
ويعد من المسائل البارزة التي تساهم في تعقيد الزواج، أما لأسباب مادية أو لإعتبارات عرفية متوارثة أو تعاليا على الآخرين، كالفقر والغنى والسيادة والقبيلة والمنصب وماشابه ذلك. هذه كلها أسباب تجعل الشباب يحجم عن الزواج مما يساهم ذلك في تعطيل سنة من سنن الحياة، ويزيد من إرتفاع معدل العنوسة التي بدأ يزداد يوما بعد يوم، ففي آخر دراسة ظهرت قبل عام تقريبا أعدتها وزارة التخطيط السعودية قدر عدد الفتيات البالغات اللواتي لم يتزوجن أكثر من مليون ونصف مليون فتاة (418،529،1) ضمت مكة المكرمة النسبة الأكبر نحو (أربعمئة ألف فتاة) تلتها منطقة الرياض (ثلاثمائة ألف فتاة)، ثم المنطقة الشرقية (مئتان وعشرون ألف فتاة) ثم منطقة عسير (130 ألف فتاة) ثم المدينة المنورة أقل من (مئة ألف)، وكشفت الدراسة أن عدد المتزوجات في السعودية بلغ قرابة مليونين ونصف مليون من إجمالي عدد الفتيات في السعودية البالغ أربعة ملايين ونصف المليون تقريبا، وتوضح هذه الدراسة إرتفاع نسبة العنوسة في المجتمع السعودي إلى أكثر من مليون ونصف مليون فتاة في السعودية.
لذلك مسؤوليتنا جميعا الأخذ بالأسباب لنساهم في العلاج ووضع الحلول التي تناسب الشباب، وهذا يتطلب منا مايلي:
1- العمل على تأهيل المقبلين على الزواج، وذلك عن طريق بث التوعية والتوجيه، وإعادة صياغة خطط جديدة قائمة على المبادئ والقيم الإسلامية في تيسير أمور الزواج، فنحن نمتلك رصيدا ثريا من الروايات والنصوص والتجارب الغنية في هذا الجانب، والتأكيد على تعاليم الرسول (ص).
2- ضرورة العمل على تصحيح المفاهيم والنظريات الخاطئة حول مفهوم العلاقة الزوجية في أذهان الشباب، فهناك بعض الأفكارالملتبسة لازالت عالقة في الأذهان نتيجة لما يعرض من تجارب فاشلة على الساحة الثقافية وفي وسائل الإعلام، والتي غالبا ما ترسم صورة سيئة للتعامل مع المرأة، وتضخم الرجل كسلطة متمردة،فمن أراد أن يعد العدة للحرب عليه بالزواج، ومن أراد أن يسجن فليغامر بدخول القفص الزوجي، وحول عنف الأزواج وضرب الزوجات، والإنتقام من الزوج، وعراك الحموات ومشاكل أم الزوج، وقضايا الطلاق وماشابهها، وللأسف الشديد فإن أكثر الكتب المعروضة والتي تتناول العلاقات الزوجية وتتحدث عنها أكثرها كتب تعرض تجارب فاشلة أصحابها يعيشون الإنفصال والمعاناة في عدم التوافق والإستقرار، وإن كانت هناك بعض المبادرات الرائعة في هذا المجال فإنها قليلة بحاجة إلى الإنتشار أكثر فأكثر، وذلك لأن أبنائنا بحاجة إلى النموذج المشرف الذي ينقل لهم التجارب الصحيحة والناجحة ليقتبسوا منها، ويندفعوا من خلالها، ويتعلموا عن طريقها كيف يتجاوزن الخلافات.
3- تقديم النموذج الجيد في ممارسة فنون الحياة الزوجية وفي طيب العلاقة وحسن المعاشرة لممارسة الوالدين في الأسرة، لأن الفتاة تقتدي بتصرفات والدتها، والشاب يقلد أباه وهذا بدوره يرسم صورة إيجابية وجميلة تنمى في نفوسهم معنى السعادة الحقيقية في الزواج.
4- على الباحثين والمهتمين بمؤسسات الزواج العمل على إيجاد مشاريع تسهم في حل المشاكل الأسرية عبر الإستشارات من خلال نخبة من الإختصاصيين، وكذلك التخطيط في الإسهام للتوفيق بين الراغبين في الزواج، إضافة إلى التوعية الأسرية بقضايا الزواج، وذلك عن طريق إصدار نشرات توعوية، وإعداد دراسات وأبحاث علمية متصلة بقضايا الزواج، وتنظيم دورات تثقيفية للمقبلين على الزواج، وأخرى للمتزوجين وإرشادهم إلى كيفية التعامل مع الحياة الزوجية، كما عليها أن تقيم دورات للمهتمين في الإستشارات الأسرية وقضايا الإرشاد الأسري.