الامتحانات. الرهب المنزلي
6 نوفمبر 2003 - أ . عالية فريدمع اقتراب موعد الامتحانات النهائية يزداد معدل الاضطراب النفسي لدى أكثرية العوائل الخليجية. ويتملك الأبوان شعوراً بالخوف والرهب على مستقبل أبنائهما الدراسي، مترجمين ذلك في ممارستهما الشديدة وضغوطهما المتواصلة على الأنباء، حيث تصدر قائمة من الممنوعات تكسر جدار الأنظمة الداخلية للأسرة، فالسهر والتأخير خارج المنزل ومشاهدة التلفاز والمكالمات الهاتفية وجلسات الإنترنت ومتعة اللقاء بالأصدقاء أمور كلها محظورة.وبالمجمل فإن الرهب المنزلي، في هذا المواسم، يخيم على الأسرة، فالأب يهدد ويتوعد و الأم تستنفزف كل طاقتها العصبية لتمارس سلطتها التامة على الأبناء، فتشرع بإصدار الأوامر من الزجر والنهر والتأنيب. والويل ثم الويل للطالب إذا أخفق في الامتحان وكان معدل درجاته لايتوافق مع رغبة الأهل، فالعقاب والتوبيخ والإهانة بانتظاره. ومازلت أتذكر جارنا الذي كان يعرض ابنه للجلد كلما أخفق في سنواته الدراسية، فقد كان يضربه ضربا شديداً على بطن قدمية حتى يتعالى صراخه خارز المنزل مستنجداً بالجيران، مع العلم أن يدخل قاعة الامتحان ويمسك بورقة الإجابة حتى ينسى كل شئ، ومرت عليه الأيام والسنون المؤلمة بين الإخفاق والنجاح حتى أنه أصبح مدرسا قاسيا عنيفا في تعاملة وسلوكه.
لقد حطم والده بالجلد القاسي كافة مواهبه في التعامل، وأفقدة روح النظام والإقبال على العمل بمسؤولية ونضج. مثل هذا الأسلوب في التعامل مع الأبناء حتما سيكون له تأثيره السلبي على حياة. يؤكد ذلك أسعد النمر، أخصائي علم النفس في جامعلة الملك سعود، قائلا: “اذا تكررت نوعية العقاب بصفة مستمرة فإنها ستشكل الرابط الشرطية لدى الفرد بين الموقف الكائن فيه وبين العقاب نفسه، فيصبح الموقف مثيراً للرهبة والتوتر، وقد يتحول إلى خوف أو قلق أو نسيان، ويجعل صاحبه يعيش اضطرابات مستمرة. وإذا ما كان العقاب شديداً فإن صدمته تكون أكبر وتأثيرها أكثر، ولأنها تتبع التنبيه والتكرار الكثير لدافعية التعليم فإنها تولد لدى الابن أو طالب عدم الرغبة في المذاكرة وعدم الرغبة في التعليم ورفض المدرسة بشكل تام”.
وقد يمارس الأبوان العقاب منذ بداية التربية فيتشرب الفرد منذ صغره بنوع معين من الضبط، ومع الاستمرار في تعاطي وجبات دسمة من العقاب يرتسم هذا العقاب في ذهنه وينمو في شخصيته كأسلوب مفضل للتعامل. وحين يصل مرحلة ابلوغ يتطور معه هذا الأسلوب شيئا فشيئاً فيمارس نفس الدور من القسوة والعنف، فالطفل يعيد فيمارس نفس الدور في حياته كوسيلة للضبط، فأحيانا يشب الفرد فيقرأ ويتعلم ويفهم الحياة فيميل إلى تعديل أسلوبه، وأحيانا نتيجة لعدم الوعي يرى الفرد نفسه عاجزاًَ فيلجأ للقسوة والعنف كحل أمثل لمشاكله.
—–
القافلة الاسبوعية