كيف نختار صداقات لأبنائنا؟
5 ديسمبر 2003 - أ . عالية فريدكم كانت تلك الأيام جميلة وهي تجمع الرفاق والصحبة في زقاق واحد وحي واحد وسط حارة صغيرة، تكاد تكون أكبر مساحة كونية في نظرهم وهم يركضون ويلعبون ويمرحون بدون سابق معرفة، جمعتهم الأزقة واحتضنهم الشارع في وقت كان للشارع قيمة، تآلفت فيه الأفئدة والتحمت فيه القلوب، وتكاتفت الأيدي مجتمعة على العدو والصديق، فصديقي أخي وصديقه صديقي وعدوه عدوي.ما أروعها من أيام حينما تعصف بنا الذكريات لتسوقنا إلى ذلك العالم الجميل حيث لايوجد تلفزيون أوألعاب إلكترونية أو إنترنت أو أقمار صناعية،عالم من الطفولة البريئة والعذبة التي تجمع الصبية والفتيات سوية على لقمة واحدة، ولعبة واحدة في حلقة واحدة حاملين كتبهم بين أيديهم زرافات زرافات في ذهابهم وإيابهم خارجين من دور الكتاتيب تغمرهم نشوة العلم والتطلع وحب المعرفة, أحلامهم متواضعة وأمانيهم محدودة وتطلعاتهم لاتتعدى خارطة محيطهم. ورغم قساوة الحياة وصعوبة العيش تشكلت حياتهم البسيطة وإنعقدت صداقاتهم الحقيقية الخالية من كل تعقيد، فإذا أصيب أحدهم بفاقة هبوا إليه، وإذا مرض أسرعوا إلى نجدته، وإذا أحس بضيق تنافسوا لخدمته، وإذاحزن إجتمعوا لمواساته، وإذا فرح شاركوه، فليس هناك أغلى من الصحبة والصداقة الحقة التي تمثل لهم الشيء الكبير مما جعل ذلك ينعكس جليا على حياة الآباء والأجداد في علاقاتهم وعلى تشكيلة المجتمع القوي والمتماسك الذي كانوا يعيشون فيه.
أما اليوم بعد حياة التقدم والتطور وتوفر وسائل الحياة المريحة وتكنلوجيا العصر وقنوات الإتصال السريع فقد أثر ذلك تأثيرا كبيرا على مجتمعاتنا، وأوجد تغييرا في أنماط السلوك والعادات والتقاليد الإجتماعية، فأنها لم تضعف التماسك العائلي والعلاقات الأسرية فقط بل حتى العلاقة الحميمية الصادقة بين الأصحاب عملت على تحويلها إلى مفردات تتحكم فيها المادة والمصالح الشخصية على حساب الكثير من القيم والمبادئ الإنسانية التي كانت تشكل ثوابت لايمكن التخلي عنها في حياة الناس. فما هي الصداقة؟ومن هو الصديق؟ وإن إحتفظ الكثير من الآباء بصداقاتهم وحافظوا على إستمرارها وبقاءها فإن هناك الكثير منهم اليوم يعيش الحيرة و القلق على أبنائه فلم تعد الأسرة هي المربي الوحيد بل هناك شركاء في الداخل والخارج إبتداءا من الأسرة والمدرسة والمحيط وإنتهاءا بالشارع والتلفزيون، أو بالكومبيوتر والإنترنت وغيره، ففي ظل هذه الظروف من الإنفتاح ومع وجود كل هذه التحديات كيف يمكن أن نختار صداقات لأبنائنا؟ ولماذا بات الكثير من الأصدقاء يشكلون مصدر خطر على الأبناء؟ لماذا يعيش الآباء التردد والخوف في علاقة أبنائهم بأصدقائهم؟ هل تكفي صداقة الكومبيوتر والإنترنت عن إختيار الصديق؟ هل عزلة الأبناء عن المحيط ضمان لشخصياتهم؟ وماهو تأثير الشللية أوماتسمى ب(ثلة الأقران) على الأبناء؟
جاء في لسان العرب لإبن منظور: الصداقة من الصدق والصدق نقيض الكذب، والصداقة هي صدق النصيحة والإخاء، والصديق هو من صدقك.
وعرف أبو الهلال العسكري في كتابه الفروق في اللغة أن الصداقة إتفاق الضمائر على المودة.
وعرفها علماء النفس: أنها علاقة بين شخصين أو أكثر تتسم بالجاذبية المتبادلة المصحوبة بمشاعر وجدانية وأنها علاقة إجتماعية وثيقة ودائمة تقوم على تماثل الإتجاهات بصفة خاصة وتحمل دلالات بالغة الأهمية تمس توافق الفرد وإستقرار الجماعة.
وأضاف بعضهم بأن للصداقة شق معرفي يتمثل في المعرفة العقلية للآخر ومعرفة سماته وطبائعه التي يتميز بها، مع قناعة عقلية بأنه شخص جدير بالإحترام والتقدير، ومعرفة أوجه الشبه بيننا وبينه مع تفهم لما قد يكون مختلفا فيه عنا، وهذا الشق المعرفي أساس لتكون الشق الوجداني إذ أن القناعة العقلية بهذا الشخص بصفة خاصة تعكس مشاعر موجبة داخلنا تجاهه، فنشعر بالإرتياح لوجوده ونأنس إليه ونشعر بالسرور لرؤيته، وشق ثالث وهو السلوك الذي ينعكس في إهتمامنا بهذا الشخص وحسن الإستماع إليه عندما يتحدث، وإهتمامنا بأن نشاركه خبراته أو مشكلاته ومساعدته في حلها في صورة نصح أو حل عملي أو مجرد الإستماع إليه لتفريغ شحنته، وإشعاره إننا إلى جواره، وكذلك نفضي إليه بأسرارنا ومتاعبنا الشخصية ونطلعه على ما نفكر فيه، كما نشاركه آماله وطموحاته ونتابع بإهتمام أخباره وما يجد له من وقائع.
وتعتبر الصداقة حاجة إنسانية ملحة لايمكن الإستغناء عنها، والإنسان بطبعه إجتماعي فهو حريص على أن يصل نفسه بقاعدة يلوذ بها في الملمات والشدائد ومصاعب الحياة، ويعبر عن شعوره بهذه الحاجة إلى التعلق بأقران ليجعل أفراحه وأتراحه معهم يشاركهم اللعب والعمل ويستشعر اللذة في صحبتهم، كما يقوده هذا التعلق نحو النمو والتطور في طاقاته الفكرية والمعرفية والنضج في أمور الحياة. واستنادا إلى نظرية أفلاطون الذي يعبر فيها مع كثير من الفلاسفة وعلماء النفس بأن الإنسان مدني الطبع و إجتماعي بذاته ويرى أن يكون وسط الجمع والمجتمع، وينظم حياته على هذا الأساس.
فلا يمكن أن يعيش الإنسان بدون أصدقاء،وقد أكدت الدراسات النفسية على ذلك فإفتقاد الأصدقاء يعد من مظاهر إختلال الصحة النفسية والجسمية مثل الإكتئاب والقلق والملل وإنخفاض تقدم الذات والتوتر والخجل الشديد والعجز عن التصرف المناسب عندما تستدعي الظروف إلى التفاعل مع الآخرين، بالإضافة إلى ضعف مقاومة الأمراض النفسية والتأخر في الشفاء.
فالصداقة إذن ثروة ثمينة وغالية يجب البحث عنهاوالعمل على إكتشافها،وهي عملية إختيار قبل كل شيئ يخطط لها مسبقا، ولاتترك للصدفة، لأن الصدفة قليلا ماتكون جيدة وكما قيل – رب صدفة خير من ألف ميعاد – إذ يمكن إكتشاف الصديق بدون سابق معرفة، أو عن طريق تعارف أوزمالة، وربما بمجرد إلقاء تحية أو إشتراك في عمل أوتجاور في سكن أو إشتراك في رحلة. وجاءت تعاليم الإسلام لتوجه الإنسان نحو توخي الحذر والدقة في عملية إختيار الأصدقاء، ففي حديث شريف للنبي محمد (ص) (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) وفي قول للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في وصية لإبنه الحسن قائلا:(يابني الصديق ثم الطريق) وذلك للتأكيد على أهمية الإختيار.
كيف يختار الأبناء صداقاتهم؟
ممالاشك فيه أن الأبناء هم وحدهم المسؤولون عن إختيار صداقاتهم، وليس للآباء تدخلا في الأمر إلا إذا استدعت الحاجة لذلك. ففي مرحلة البلوغ والتغير النفسي والفسيلوجي لدى الشاب تبدأ شخصيته تميل نحو الإستقلال التدريجي عن والديه والإعتماد على الذات، ويبدأ يختار أصدقاء فيوليهم إهتمامه ويعاشرهم بخصوصية تامة تفوق إهتمامه بإسرته، و قد يستمر هذا الأمر إلى آخر العمر، فكلما تقدم الفرد بالعمر كلما ذاد إستئناسه بأصدقائه وإذدادت حاجته إليهم، وبقدر مايهتم الشاب بالبحث عن الأصدقاء بقدر مايجب مراعاة الإختيار في إنتقاءهم ضمن مميزات وصفات معينة أشار إليها علماء النفس أيضا، مثل التقارب العمري في معظم الحالات والتقارب الذاتي بالسمات الشخصية، والقدرات العقلية والإهتمامات والقيم والظروف الإجتماعية مع مراعاة الإستقرار في الصداقة. وأضافوا الثقة بالنفس وكل ما يوحي بالقوة والإستقلال، والميل إلى الحياة الإجتماعية وخفة الظل والإنبساط، والإبتسامة والإهتمام والتواضع في المعاملة، وإظهار الإحترام والإصغاء والتسامح.
ومن أهم الصفات التي حرص عليها الإسلام في إختيار الأصدقاء تتمثل في الإيمان بالله و حسن الخلق،والعلم، والحكمة، والعقل،و حب الخير والفضيلة، والأخلاق والأمانة والصدق والإلتزام بأداء الفرائض الدينية وما شابه ذلك.
الآباء يخافون على أبنائهم
تعددت وجهات النظر لدى الكثير من الأسر حول هذا الموضوع فهناك قسم يرى حرية التصرف للأبناء في إكتشاف صداقاتهم بغض النظر عن طبيعة هذه الصداقة سوية وصحيحة أو العكس، فالقرار بيد الأبناء وحدهم وهم المسؤولون عن مسيرة حياتهم، معللين ذلك بأن الحياة معترك ينجحون من خلالها ويتعلمون من تجاربها تاركين لهم الحبل على الغارب.
وقسم يرى بإتاحة الفرصة للأبناء في تحديد علاقاتهم بأقرانهم مع ضرورة الرعاية الغير مباشرة من الآباء عن طريق المتابعة والرقابة والتوجيه والإستفادة من الأخطاء.
أما القسم الآخر فيرى نفسه المسئوول عن إختيار الأصدقاء لأبناءه فهو من يملك الصلاحية في إبنه مع من يمشي أويصاحب، أويجالس أويراجع دروسه أويتنزه أويستقبل وماشابه ذلك فيربط إبنه به في كل شيئ، غير مدرك لطبيعة ألآثار الناتجة عن ذلك، وكأن بيده جهاز (كونترول) يحركه كيفما شاء، رغم أن هناك الكثير من الدراسات والأبحاث العلمية التي ترفض هذا النوع من التعامل لما يصاب به هؤلاء الأفراد مستقبلا من خوف وقلق يجعلهم مدللين يعانون من الحياء المفرط، وتافهون عاجزون عن إنجاز الأعمال والأمور ويصبحون كفطر إلتصق بجذع شجرة إذ سيفشلون في المستقبل في محاولاتهم الإعتماد على أنفسهم.
وهناك البعض من الآباء يلجأؤون إلى منع أبنائهم من تشكيل صداقات وعلاقات مع المحيط الخارجي مطلقا، ويفضلون بقائهم في المنزل مادام أن كل وسائل الراحة والترفيه متوفرة لهم من تلفون، تلفزيون، كومبيوتر وإنترنت، وغيره. غير مدركين حجم الخطر المحدق بهم وهم في الداخل، فالخطر هنا ليس في العمل على الإنجازات التقنية الحديثة ومواكبة عصرالتطوروإنما فيما يتعامل شباب فيها ومعها، فكم من الأوقات تصرف أمام التلفاز؟ وكم من الساعات تمضي على شاشة الإنترنت بعيدا عن التوجيه والرقابة، فقد أظهرت إحدى الدراسات الإجتماعية إن تصفح الإنترنت للشباب غلب مشاهدة التلفزيون بشكل ملفت للنظر، ومعظم الإستخدامات كانت تتجه نحو ما يعرف ب” الدردشة ” والتي قد تدمر الأبناء بدون أن يستشعر الأهل ذلك، فهم يجهلون مع من يتحدث أبنائهم ومانوع الأفكار والثقافة التي يتلقونها والتي هي سبب لكثير من الحوادث والإنحرافات بدأت بالدردشة وإنتهت بعواقب وخيمة، لذلك يجب توخي الحذر فالفجوات الإجتماعية واسعة والضوابط والقيود التي كانت مفروضة منذ زمن بعيد لم تعد موجودة، وإن الإهمال وعدم الإهتمام مسألة تتعلق بإحساس الأبوين بمسؤوليتهم تجاه أبنائهم، فهم الذين يضعون القواعد الأساسية للنظام والسلوك داخل المنزل منذ البداية بإستخدام الحوار الهادئ والإقناع وتجنب القسوة وإسلوب العنف.
متى يتدخل الآباء؟
عندما تطفو على السطح بعض النزاعات خلال الصحبة والمعاشرة هنا يستدعي تدخل الوالدين ليلعبوا دور المصلح وليس المدافع عن الإبن حتى ولو على حساب الآخر. ويتطلب التدخل السريع للنجدة في هذه الحالات: 1) إذا كانت أخلاق وسلوك الأصدقاء مثارا للتساؤل، يجب أن يكون الأباء أكثر حذرا بشأن تعلق أبنائهم بأولئك الأفراد.
2) عندما يتعلق الشاب بصديقه تعلقا خاطئا ” عاطفيا ” هنا يلزم التدخل لإفهام الإبن بأن التعلق صحيح،لكن فقدان الشخصية خطأ، فالمطلوب تحريك الفكر والذهن والإستقلالية في الشخصية،وأن لاتؤدي تلك العلاقة بين الصديقين إلى قتل الإبداع والتفكير، أو يكون الشخص فريسة للإنفلات وعدم التقيد بالضوابط أو على الأقل إستشارة ومراجعة والديه في ذلك.
التأثير السلبي للشلــــــــة أو (ثلة الأقران).
من الطبيعي أن ينجذب الشباب نحو أقرانهم وأندادهم، لكن الأقران قد يكرسون ويؤكدون فيما بينهم التوجهات السلبية إن لم تتوفر لهم الأجواء الصالحة، فما أكثر الأشخاص الذين إنحرفوا وتعرضوا للفساد والإنفلات بسبب معاشرتهم لأفراد سيئيين، وكم من الأفراد سلموا بسبب معاشرتهم أفرادا صالحين حتى على صعيد الفتيات، و يشير الدكتور عزت حجازي في كتابه (الشباب العربي ومشكلاته) إلى دور ثلة الأقران في حياة الشاب إيجابا وسلبا قائلا: إن وجود الشاب الإجتماعي يتوزع بين عوالم ثلاثة، الأسرة، ورفاق الدراسة، والأصدقاء (ثلة الأقران) وتنفرد الأخيرة بتأثير خاص في حياة الشاب، فهي جماعته المرجعية التي تسبق في أهميتها غيرها، ويستمد الشاب منها قيمه وعاداته وأساليب تصرفاته ومعايير الحكم على الذات والآخرين وترجع أهميتها في حياة معظم الشباب إلى عدة عوامل أهمها:
ما توفره لأعضائها من صحبة دافئة وتقبل وصداقة حقيقية تزودهم بطاقات متجددة لتحمل متاعب الحياة ومشكلات مرحلة السن، وما تقدمه لهم من فرص تصريف التوترات التي يعانون منها في حياتهم، كما تتيح لهم الإستفادة من خبرات ومهارت بعضهم البعض وتبعث فيهم الشعور بالأهمية الشخصية. غير إن لثلة الأقران وجها آخر تمثله بعض أبعادها السلبية التي من أهمها:
1- التسلط على الأعضاء وقهر فرديتهم وإلغاء إستقلالهم، ومن ثم يعيش الشاب تسلط الرفاق وخاصة العناصر القوية التي تهيمن على سائر الأعضاء.
2- ليس من النادر أن تتسبب ثلة الأقران في زيادة حدة الصراع بين الشاب وأسرته ومربيه والكبار الآخرين، بما توفره له من دعم في تحديه لهم وثورته عليهم.
3- قد تدفع الجماعة أفرادها إلى التورط في ألوان من السلوك اللآ إجتماعي أو المضاد للمجتمع لم يكونوا ليقدموا عليه وحدهم.
4- غالبا ما يكون النشاط داخل الشلة عشوائيا لاهدفا موضوعيا له، وغالبا ما تنغلق الثلة على نفسها وتصنع لها عالمها الخاص، مما يعزلها عن الواقع الإجتماعي ويدمر علاقاتها به.
لذلك على الآباء أن يتخذوا دورا متميزا في إيجاد العلاقات الإنسانية والسيطرة عليها في سلوك الأبناء،و أن يختاروا أصدقاء مقارنين لأبنائهم من حيث الظروف الإنسانية والعائلية والثقافية والتربوية، وعليهم الوقوف إلى القيمة المعنوية،وأن لايقبلوا بإستمرار علاقة أبنائهم مع الأشخاص المجهولين والغير موثوقين بالصلاح.
لكي لانخسر أبنائنا دعنا نكسب صداقتهم:هذه بطاقة دعوة مفتوحة للآباء والأمهات
1- إدفعوا أبنائكم تجاه تكوين علاقاتهم وصداقاتهم، وعلموهم كيف يحترم الصديق صديقه، ويصون كرامته، ويدافع عنه،ويراعي حقوقه، وزودوهم بتجاربكم مع أصدقائكم الناجحين والمتميزين، فكل صديق لايخلومن صفة محببة تجذبك إليه، فلا تبخل أيها الأب بعرض تجربتك مع أصدقائك في النجاح والفشل، وفي أصعب المواقف التي إحتاج فيها صديقك إليك،و كيف قدمت له عونك ومساعدتك.
2- صاحب إبنك وإذا عجزت عن مصاحبته لاتتركه وحيدا، (فإذا كبر إبنك خاويه) و(من كان له صبي فليتصاب معه) هكذا علمنا رسول البشرية (ص) وهو القائل (أكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم) فادفع إبنك وشجعه، علمه وأحسن تهذيبه، علمه آداب الصحبة والمعاشرة في التفاهم والإتفاق، في التنازل ومراعاة الحقوق، في تحمل المسؤولية والمحافظة على المصالح بعضها ببعض، علمه الإعتذار عندإرتكاب الخطأ…الخ. وإذا لم تتوفر إليك الفرصة فأرشده إلى من تطمئن لأخلاقه وسلوكه، وحثه على الإنضمام إالى الجمعيات والنوادي والمؤسسات الإجتماعية والثقافية، ومعاشرة الأفراد والأصدقاء فإن ذلك سينميه ويطور ثقافته ويصقل شخصيته، ولاتنسى أن توضح له بأن لايستسلم لكل من هب ودب، فإن لكل فكر ورأي ووجهة معينة مما يتعين عليه أن يحافظ على شخصيته الأصيلة كي لاتذهب جهودك وتربيتك أدراج الرياح.
3- تربية الأبناء على حرية الإختيار التي تدعوا للمحافظة على النظام لا العبثية، ولابد للأبناء أن يفهموا بأن الحرية لها حدود وشروط وأخلاقيات إسلامية لايمكن تجاوزها حتى مع الأصدقاء.
4- الرقابة المستمرة من الآباء للأبناء، فإنها توفر للإبن ضميرا يقظا واعيا يرفض به أي إعتداء على قيمه وأخلاقه.فكما تخطط الأسرة لإختيار أصدقاء لأبنائها، يجب أن لاتغفل عن أن الإستخدام السيئ لهذه التقنيات الفيلم السينمائي، والتلفزيون، والمجلة،وبرامج الإعلام، والكمبيوتر والإنترنت كل هذه أيضا أصدقاء للقيم التي يحملها الشاب، فلا تقف أمامها موقف المتردد فإنها عدو يدمر عقول الأبناء.
5- وأخيرا الصداقة والتوجيه ورسم معالم الطريق أهم مايحتاجه الأبناء،لاسيما الشباب، فقيم المراهق لاتتغير كثيرا عن قيم أسرته، رغم أنه يميل إلى التمرد ويرغب في تقليد التصرفات السيئة لأصدقائه، لكن بالنتيجة يعود للقيم الذي تربى عليها مادام لايملك القابلية للإجرام والإنحراف.
فلا داعي لليأس أو الخوف أو الإنزعاج ولكن المطلوب هو الكثير من الفهم والكثير من الصبر والثقة لإستقبال الحياة.