كل مقيم سفير
5 مارس 2010 - جريدة الجزيرةكل مقيم سفير
د. حسن عيسى الملا
لفت نظري في سفرياتي المتعددة، سخط من أقاموا في المملكة لبعض الوقت من الأجانب وغادروها.
قليل منهم من يفتح قلبه ليحكي سبب سخطه، ووجدت أن كل الحكايات تتمحور حول سوء المعاملة التي يلقاها المقيم في بلادنا من بعض المواطنين ورجال الشرطة وموظفي الدوائر الحكومية.
حكايات عديدة تدعو إلى التقزز والنفور، ربما بعضها مفبرك أو قيل عن سوء نية أو حقد أو حسد، لكن المعايش للواقع يعلم أن بعضها على الأقل صحيح.
عندما أوصانا عليه الصلاة والسلام بأن نعامل الناس كما نحب أن يعاملونا به، لم يشترط طبقة معينة من الناس، ولم يفرّق بين الجنسية والدين واللغة، بل إن هذا الحديث وتطبيقه من قبل التجار المسلمين كان سبباً في انتشار الإسلام في العالم.
صحيح أن الحصول على الدخل أو تحسينه هو سبب وجود هذه الملايين من المقيمين بين ظهرانينا، لكن الصحيح أيضاً هو أن الإنسان أياً كان وإن ترك أهله وبلده طلباً للرزق لا يتخلى عن إنسانيته، ولا يقبل الإهانة والتعدي على الكرامة ولو انقطع رزقه.
هناك صورة مشوَّهة للإنسان السعودي سرت في مجتمعات أجنبية بسبب الصورة السلبية التي يحملها مواطنوهم بعد عودتهم إلى بلادهم.
لقد لاحظت في الآونة الأخيرة جهوداً مشكورة من هيئة حقوق الإنسان وجمعية حقوق الإنسان في مكافحة الممارسات المضرة بحقوق الإنسان المقيم، أكانت من المواطنين أم من الأجهزة التنفيذية.
ولعلّني أقترح على الهيئة والجمعية أن تتبنيا خطة مشتركة بعنوان (كل مقيم سفير) تهدف إلى تنوير المجتمع بحقوق المقيم التي كفلها له الإسلام، والتي تعد من صفات المسلم الحق الذي يهتدي بالقرآن وسنة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم الذي قال: (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
إن التركيز الحالي على علاج حالات الاعتداء على حقوق الإنسان المقيم، يحتاج إلى (خطة وقائية) تحد من الاعتداء وتغني عن العلاج، وتصنع من كل مقيم (سفير) للمملكة في بلده.