ظاهرة العنف تزيد حالات الطلاق في السعودية
22 أبريل 2005 - أ . عالية فريدعلى هامش المؤتمر الآخير الذي أقيم في مملكة – البحرين – في 8 – 9 يناير 2005م حول مناهضة التمييز والعنف ضد المرأة بدول مجلس التعاون الخليجي – جمعتني لحظات رائعة إستمرت بضع سويعات ليتها طالت مع المذيعة رانيا الباز وحقيقة أعجبت بهذه الشخصية لما تمتلك من «كاريزما» خاصة في وعيها وثقافتها وتواضعها الذي يزيدها تألقا إضافيا لتألقها، وبينما نحن نتجاذب أطراف الحديث حول قضيتها وما تعرضت له من عنف قاس وضرب مبرح لم يترك أثرا كبيرا في إيلام نفسها فقط، بل تعدى ذلك إلى تغيير معالم وجهها بالكامل ورغم الجمالية الروحية والعقلية والعذوبة المنطقية التي تتمتع بها فهي تؤكد على أن زوجها ضيع جمالها حتى أنها بصعوبة بالغة تعرفت على وجهها وتقبلت شكلها الجديد في المرآة.وبغض النظر عما آلت له القضية وما إنتهت إليه، إلا أنني توجهت لها بسؤالا كان عالقا في ذهني حول الدافع الذي جعلها تنشر قضيتها وتبثها على الملأ ومثل هذه القضايا كثيرة في مجتمعاتنا وفي نفس الوقت محظورة وحساسة وربما تأخذ طابع من الخصوصية كما يعتقد البعض فكيف إستطعت إيصال صوتك لوسائل الإعلام؟
أجابت رانيا قائلة: أدركت حينها أنني صوت يمثل كل إمرأة وكل إنسانة تعرضت للعنف يجب أن تعبر عن رفضها له، وعليها أن تدافع عن وجودها وكيانها ولا تستسلم، كما لا تنسي أنني إعلامية وتأثر زملائي الإعلاميين كان مثيرا وكبيرا عندما نظروا شكلي قد تغير وإلى ملامح وجهي قد إندثرت وتلطخت بالدماء وسط كدمات وارمة، وكسور مضاعفة، وجروح نازفة، وماكانت عليه حالتي الهستيرية عند دخولي المستشفى.
حينها شرد ذهني وسرح بي التفكير، فرانيا لأنها إعلامية واعية فهي تدرك جيدا معنى الرسالة التي يجب أن توصلها وتعي حجم التأثير الذي ستتركه في الرأي العام، ولأنها كانت شجاعة قررت في لحظة أن لاتبقى أسيرة للذات فتعيش منهزمة ضعيفة مستسلمة ويائسة إلى أن ينقضي عمرها وهي تخضع لضرب زوجها بصورة متكررة، وماذا تنتظر بعد هل تنهي حياتها وتسدل الستارة على المأساة؟! أم ترفض بقاءها أسيرة لتبعية هوجاء فتندفع نحوالتمرد على سلطة الرجل وهمجية تصرفاته؟ وهذا ماصنعته بالفعل وكانت البطلة الحقيقية أتدري أيها القارئ لماذا؟ لأنها إضافة إلى ماذكرت إنتفضت على حاكمية الأعراف الإجتماعية والتقاليد التي يعتبرها البعض دستورا مقدسا لايمكن المساس به والتي تقربأن المرأة التي تتعرض للعنف مقرها ومرجعها هوبيت زوجها فهو- الستر والغطا – وعليها أن تلزم الصبر حتى لوماتت قهرا وذلا وألما فلايمكنها الهروب منه، ولايمكنها طلب الطلاق حفاظا على الأولاد، وماذا سيقول الناس وكيف سينظر لها المجتمع ويعالج قضيتها؟ بل كيف سيتعامل معها؟ هل سينصفها ويحقق العدالة الإجتماعية بينها وبين زوجها؟! أم أنه سيرجح كفة الرجل ويمنحه السلطة المطلقة فهوولي نعمتها وصوته مسموعا كيف لا وهوالأقوى، حتى لوكان سكيرا أومتعاطيا للمخدرات أومريضا نفسيا، المهم إحلال السلام وعودة الأمن والإستقرار الآني والمؤقت – كجرعات مسكنة ومهدئة للأسرة – أي عودة المياه إلى مجاريها – وماذا بعد لايهم، المهم أن نحافظ على بقاء الأسرة بغض النظر عن النتائج وما ستوؤل إليه الأمور في المستقبل كيف ستعيش؟ ماهومصيرها؟ هل ستستمرحياة الأولاد أم لا والخ..
ومع ذلك فرانيا كان زملائها معها ساندوها ووقفوا بجانبها وتعاونوا معها حتى إستطاعت أن تحقق ماتريد فنشرت قضيتها وأوصلت صرختها إلى الآذان ليس على مستوى المجتمع وحده فحسب بل على مستوى العالم كله.
وإذا عملت رانيا على ترميم معالم وجهها بندبات تجميلية أوعمليات جراحية فهناك البعض من النسوة اللاتي لم تفد معهن أية علاجات من عمليات ترقيع أوتجميل خاصة من تم الإعتداء عليهن بالحرق وتشويههن بمواد حارقة كالأسيد .
جلست أحتسي كوبا من الشاي بعد إن إعتذرت رانيا لإجراء حديث إذاعي، فانتهزت الفرصة وأخذت أتجول في عالم الأفكار التي تدور في رأسي، حتى إستوقفت عند مئات السيدات اللاتي خطرن ببالي مثل رانيا بل وفي بعض الأحيان يتعرضن لمأساة أكبروأخطر، فكثيرا هن اللاتي مورس بحقهن الضرب وتعرضن لمختلف أنواع العنف ولا زلن أسيرات لهذه المعاناة، وإذا عملت رانيا على ترميم معالم وجهها بندبات تجميلية أوعمليات جراحية فهناك البعض من النسوة اللاتي لم تفد معهن أية علاجات من عمليات ترقيع أوتجميل خاصة من تم الإعتداء عليهن بالحرق وتشويههن بمواد حارقة كالأسيد وغيره – وهناك الكثير منهن يجلدن في منازلهن بعدد وجبات الطعام ولأتفه الأسباب، وهناك المظلومات «مكمماة الأفواه» اللاتي يرفضن حتى الإقراربإنسانيتهن فهن لا يستطعن معارضة الرجل أومقاومته حتى لوكان دفاعا عن النفس، فطاعة الزوج واجبة وإن المرأة لوأمرت أن تسجد لغير الله لأمرت أن تسجد لزوجها، فهي ناقصة عقل ودين وهي التي أغوت نبي الله آدم وأخرجته من الجنة، والمرأة عورة وعلينا أن نستر عوراتنا في البيوت، والمرأة لم تخلق إلا لخدمة الرجل فعليها أن تتحمل الضرب والأذى إلى مالا نهاية، والويل لها إن صرحت لأحد بأن زوجها يضربها أويهينها ففي ذلك عيب ونقصان وذنب لايغتفر فتزداد جرعات العنف ويصبح الكيل ضدها بمكياليين.
وكي لايكون حديثي هذا مبالغا فيه أسألكم بالله زوروا المستشفيات وطالعوا التقارير الصحية لوسمح لكم بها للتحقق من حالة النسوة اللاتي يراودن ويتنومن في المستشفى على نحومتكرر ياترى ما هي الأسباب؟ إسألوا أقسام الطوارئ كم عدد الحالات التي يتم إسعافها نتيجة حوادث محاولة الإنتحار للنساء في أقسام النساء، إسألوا في كافة المصحات النفسية والعيادات من هم أكثر روادها ومما يشتكون؟ ليت سرائر المستشفى تستطيع أن تفصح بالكلام عما تحتضنه من مآسي ولوتمكنت من ذلك أشهد أنها ستولي هربا من فضاعة الجرم، إسألوا أقسام الشرطة والمحاكم والدوائر الرسمية وأسألوبعض العلماء والمهتمين بقضايا الإصلاح البيني كم هي الحالات التي يتم إستقبالها والتعامل معها نتيجة تعرض المرأة للعنف والإعتداء وكم.. وكم.. وكم..؟ وياترى لماذا تكثر حالات الطلاق في مجتمعاتنا الخليجية وتزداد النسبة أضعافا في السعودية؟ هل تعلمون أن نسبة الطلاق اليوم وصلت إلى 60./0 وهي نسبة مخيفة وخطرة كنسبة عدوان على المرأة، ففي عام 2001م بلغت حالات الطلاق 17 ألف حالة، وفي عام 2002م بلغت نحو19ألف حالة، وفي عام 2003م وصلت النسبة إلى أكثر من 25 ألف حالة، ولازالت النسبة في تصاعد وإرتفاع إلى يومنا هذا، مما يحتم ذلك على الجهات المختصة والمهتمة بالشأن الإجتماعي أن تتخذ موقف الجد والحزم حيال هذا الأمر، وبناءا على ماسبق فإنني أستنتج مايلي:
إسألوا أقسام الشرطة والمحاكم والدوائر الرسمية وأسألوبعض العلماء والمهتمين بقضايا الإصلاح البيني كم هي الحالات التي يتم إستقبالها والتعامل معها نتيجة تعرض المرأة للعنف والإعتداء
1- العنف ضد المرأة ظاهرة عامة لكنها متفشية في المجتمع السعودي ولايمكن إنكارها، فالمرأة تعيش منتهكة الحقوق وتتعرض لمختلف أنواع العنف اللفظي والنفسي والجسدي، وبحكم الإنفتاح الفكري والإعلامي وإنتشار الوعي الديني خلال السنوات الأخيرة بدأت هذه الظاهرة تتقلص وتنكمش عما كانت عليه في السابق حيث كانت تعامل المرأة كمتاع خاص بالرجل يتصرف به كيفما شاء، ويمكن إكتشاف هذه الظاهرة وإحتوائها عن طريق عملية البحث والرصد فالمرأة عادة لاتصرح بهذه الأمور.
2- يتخذ العنف ضد المرأة أشكالا ومظاهر عدة سواءا في المنزل، أومن قبل المجتمع، أومن قبل الأنظمة الرسمية ومن ذلك العنف الضرب والإعتداء الجنسي والتحرش والإغتصاب والإستغلال النفسي كالقهر، والإذلال، والتسلط، إلى جانب عدم الإعتراف بحقوق المرأة السياسية والإجتماعية والثقافية، والتمييز ضدها سواء في العمل أوفي المؤسسات التعليمية أوفي المرافق العامة.
3- غياب التشريعات التي تحفظ حقوق المرأة وتصون كرامتها على مستوى الأسرة والمجتمع مثل القانون الذي يكفل لها الشروط المتساوية في التوجيه الوظيفي والمهني، ومثل قانون الأحوال الشخصية الذي بغيابه فقدت المرأة الكثير من كرامتها وحقوقها وفقدت الغطاء القانوني الذي سيوفر لها ولأطفالها الحماية القانونية في حال تعرضها لأي إعتداء، لا أقلا وجوده سوف يحد من التجاوزات والتمييز الذي يمارس بحقها وضدها يوميا.
وللظاهرة أسباب أهمها:
1- التربية والتنشئة الأسرية:
فالأسرة هي اللبنة الرئيسية والمدرسة الأولى التي تحتضن الطفل، ومنها يتعلم مختلف فنون ومهارات الحياة، وهي التي تعزز سلوكه وتقوي ثقته بنفسه وتغرس فيه القيم والمبادئ الخيرة، وللأسف الشديد نحن كآباء أول من نمارس العنف الأسري مع أبناءنا، فهناك تباين وإختلاف في عملية توزيع الأدوار والمسؤوليات، والمعاملة والحقوق، فللذكر ميزات ليس من حق الأنثى الحصول عليها والتمتع بها في السلوك والممارسة، وفي بذل الجهد والعمل والخروج من المنزل وماشابه ذلك ، مما يؤدي إلى عدم الإحترام في التعامل بين الجنسين ويدعم حالة التمييز بينهما، ففي دراسة أجريت في الولايات العربية المتحدة – في أبوظبي – على طلاب ، فالأسرة هي اللبنة الرئيسية والمدرسة الأولى التي تحتضن الطفل، ومنها يتعلم مختلف فنون ومهارات الحياة، وهي التي تعزز سلوكه وتقوي ثقته بنفسه وتغرس فيه القيم والمبادئ الخيرة، وللأسف الشديد نحن كآباء أول من نمارس العنف الأسري مع أبناءنا وطالبات المرحلة الإبتدائية – للصف الخامس – تم فيها سؤال مجموعة من الأولاد لايتجاوز أعمارهم العشرسنوات ماذا ستفعلون لوإستيقظتم في اليوم التالي وإكتشفتم إنكم قد تحولتم إلى بنات؟!
فكان الجواب فكان الجواب عجيبا وغريبا من طلاب هذه المرحلة، حيث ذكر البعض أنهم لن يخرجوا من المنزل، وقال آخرون سننتحر، وقال ثالث سأذهب إلى المستشفى وأعمل عملية تغيير جنس وهكذا فماذا تتوقعون من هؤلاء عند الكبر في طريقة تعاملهم مع زوجاتهم وأخواتهم؟ نظرة إحتقار للجنس الآخر، ولا عجب كذلك أنه عندما تم سؤال البنات الصغار عن موقفهن في حالة إستيقاظهن في اليوم التالي إكتشافهن أنهن أصبحن أولاد؟ كان الجواب أغرب من جواب الأولاد حيث ذكرت إحداهن أنها ستنظم حفلا لن تدعو له إلا الأولاد، وقالت أخرى سأجد الفرحة في عيون والدي، وقالت ثالثة سآخذ حريتي في الخروج والدخول إلى المنزل وقالت رابعة سأرتاح من غسل الصحون!! فكيف سيكون للمرأة عطاء وهي تحتقر نفسها وجنسها؟! ومن المسؤول؟ بالطبع نحن! وبذلك نكون قد هيأنا الأرضية الخصبة لإضطهاد المرأة وصنعنا لديها الإستعداد والقابلية للظلم.
2- الفهم الخاطئ للدين:
فعدم الإلتزام بتطبيق المفاهيم والنظرللنصوص الدينية بشكل جزئي بما يتوافق مع الرغبات والإجتهادات الشخصية أدى ذلك إلى التفسيرات الضيقة للنصوص القرآنية والتعامل معها بقشرية تامة، وجعل البعض من الفقهاء يحمل معه رواسب الثقافة الجاهلية التي كانت سائدة في السابق، فبالأمس توأد الأنثى وتدفن في التراب واليوم توأد طاقاتها وكفائتها وإنسانيتها ويمارس ضدها مختلف أنواع العنف، كل ذلك أدى إلى الخلط بين المفاهيم – لاسيما في الأمور التي تخص المرأة – حتى أصبحت بين سندان الغلووالتطرف وبين مطرقة المفاهيم المغلوطة والعادات والتقاليد الخاطئة، ونتيجة للتمسك بهذه الثقافة ظلمت المرأة، وتم الإفتراء عليها وعلى الدين الإسلامي وتعاليمه السمحاء، خاصة وأن الله سبحانه كرم المرأة وجعل لها مكانة عالية ومنحها حقوقها كاملة ووفر لها الحماية منذ إنطلاقة الرسالة المحمدية، وإضافة إلى ذلك فقد حارب الإسلام إضطهاد ها وحفظها مما يضرها في نفسها ودينها ومنع البعض من الفقهاء يحمل معه رواسب الثقافة الجاهلية التي كانت سائدة في السابق، فبالأمس توأد الأنثى وتدفن في التراب واليوم توأد طاقاتها وكفائتها وإنسانيتها من ظلمها وأمر بالإحسان إليها في مواطن عديدة قال تعالى ﴿ ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ﴾ وقال ﴿ فإمساك بمعروف أوتسريح بإحسان ﴾ وذلك في حق الزوجة خاصة وقوله «وإستوصوا بالنساء خيرا» و«خياركم خياركم لنسائهم» وفي الحديث أيضا «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة».
3- المرأة جزء من واقع متخلف:
مثلها مثل الرجل تماما، هذا الواقع فرضته الظروف السياسية الإستبدادية التي مرت بها الأمة العربية والإسلامية فأفرزت مجتمعات تعيش الظلم والقهر والتسلط، وتفتقد لأدنى مقومات العدل والحصانة الإجتماعية، ومن الطبيعي أن ينعكس هذا الوضع على واقع المجتمع ويؤثر فيه فالقوي يأكل الضعيف، والكبير يظلم الصغير وهذا بدوره – سيزيد الطين بله – ويجعل المرأة تعيش الظلم أضعافا عن الرجل، وعليه فإن حماية المرأة من العنف والظلم لايمكن فصله عن حق المجتمع كله في الحق والعدل والحرية، وحرية المرأة مرهونة بحرية المجتمع كله رجالا ونساء.
متى يلجأ الزوج لضرب زوجتـــــــه؟
الإسلام والتشريع السماوي كرم المرأة وجعلها في أحسن مكانة، وخصها الله سبحانه بسورة كاملة في القرآن الكريم بين فيها الأحكام والحدود ضمن إطار خاص في مواضع شتى، فأوضح حق القوامة للرجل وحدودها، وحدود طاعة الزوج وحرية المرأة في الخروج والحركة، وحق المرأة الجنسي، والمرأة وحق الطلاق، وعدة المرأة وحضانة الأولاد، والمرأة في حالة النشوز.
وعنما تطرقت الآيات الكريمة إلى مسألة ضرب الزوجة ياترى هل في كل الأحوال، وهل يحق للزوج لمجرد إنفعال أوإستحداث مشكلة ما أن يضرب زوجته؟ أويهينها لأنها قصرت في القيام بشؤون المنزل! أولم تعد له وجبة طعام أولعدم قيامها بتأدية أي غرض ذاتي؟
الإسلام عندما تناول موضوع ضرب الزوجة كان ذلك ضمن حالة«النشوز» ووضع ذلك ضمن ضوابط وحدود لايمكن للزوج أن يتجاوزها، فالآية الكريمة في سورة النساء «34» يقول تعالى «واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا».. فالآية الكريمة تبين أنه لايجوز ضرب المرأة إلا في حالة النشوز أي في «حالة إمتناع المرأة عن آداء الحق الجنسي للزوج» ومع ذلك فالآية الكريمة لم تشر إلى إستخدام الضرب في البداية، بل بعد المرور بعلاج تدريجي للمشكلة مبتدأ بـ* الموعظة والنصيحة * الهجران في المضجع، وفي حال لم يفد ذلك‘ فإن من حق الزوج أن يلجأ إلى الضرب كصاحب حق، ولكن أي ضرب؟
وفي حالة إستمرارية الزوج في ضرب زوجته يمكن عرض المشكلة على الحاكم الشرعي أوالمحكمة أي «القانون» أومركزإرشاد أسري – إن وجد – لحفظ حق المرأة
يذكر المفسرون أنه يجب أن يكون ضربا غير مبرحا بحيث لايجرحها ولا يكسر لها عظما ويتجنب الوجه. وفي حال مخالفة ذلك وتعرض المرأة للأذى والإعتداء الجسدي يمكن عرض المسألة على المقربين ومن لهم حق التأثير في الزوج من أجل إعادة التوازن للحياة الزوجية، وفي حالة إستمرارية الزوج في ضرب زوجته يمكن عرض المشكلة على الحاكم الشرعي أوالمحكمة أي «القانون» أومركزإرشاد أسري – إن وجد – لحفظ حق المرأة، وفي حال إستخدام كافة الوسائل والسبل بلا جدوى، فخير وسيلة هي أبغض الحلال إلى الله – الطلاق – الذي يعتبر طريق الهروب من واقع الجحيم والحياة المستحيلة.
إذن لإستمرارية الحياة بين الرجل والمرأة، وحفاظا على المؤسسة الزوجية من الشتات والضياع ورد موضع الضرب بشكل جزئي كحلا واقعيا لمشكلة خاصة، فالزوج لأنه يتحمل مسؤولية الزواج والأسرة والمهر والإنفاق فإنه يملك السلطة القانونية في معالجة المشكلة الزوجية بـ«الضرب التأديبي» الهدف منه الإصلاح وتقويم سلوك الزوجة، بالضبظ مثل الأم حينما تلجأ لضرب إبنها من أجل تأديبه كإجراء مثالي رادع وليس مبررا للعنف ضد المرأة.
للحد من ظاهرة العنف ضد المرأة في مجتمعاتنا فإننا نحتاج إلى إمور عدة أهمها مايلي:
1- تكريس المرأة السعودية جهودها ليكن لها موقعا رياديا في أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية، وعن طريقها يمكن إيجاد مجلس أعلى – رسميا – خاص بالمرأة يهتم بقضاياها ويحل مشاكلها.
2- حاجة المجتمع إلى مؤسسات إجتماعية كملاجئ ودور إيواء تحتضن المرأة وتحفظ حقوقها الشخصية وتكفلها هي ومن بحوزتها لاسيما المعنفة أو«المطلقة» فهي الضحية بالدرجة الأولى، فالزوج قد يجد الفرصة وتقع بين يديه ضحية أخرى، أما الزوجة فوصمة عار إجتماعية بعنوان – إمرأة مطلقة – فتقع بين معاناة الأهل والتحكم في مصيرها، ومراقبتهم لها في الخروج والدخول والتدخل في شؤونها ويجعلها أسيرة القلق والإضطراب النفسي، أوتتزوج وتصبح رهينة حظها العاثر لاسيما إذا كانت غنية أوموظفة فتتكرر المشكلة وهنا تبقى بين خيارين إما الصبر أوالتنازل لأجل الزوج.
3- تفعيل مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني خاصة لمعالجة مشاكل الأسرة، والإهتمام بتوعية المرأة وثقافتها الحقوقية في مختلف المجالات التي تخصها.
4- إيجاد محاكم قضائية شرعية أسرية خاصة ومستقلة تهتم بقضايا المرأة والأسرة.
5- إيجاد قانون للأحوال الشخصية يطرح نصوص خاصة لتشديد العقوبة على الزوج – من أمن العقوبة أساء الأدب – خاصة في حالة الإعتداء بأنواعه لأنه إيذاء قد يوصل إلى الموت أوالجنون.
6- إيجاد صندوق تكافل عائلي للعناية بالأسرة التي تتعرض للعنف.
7- التوعية بالحقوق والواجبات دور مراكز الإرشاد ومؤسسات الزواج، والإهتمام بالثقافة الدينية وغرس القيم الأخلاقية التي تدعوا للإحترام وحسن العشرة والمعاملة والحفاظ على الحقوق والواجبات.
8- دور الدعاة والعلماء أثناء إجراء عقد النكاح لتعريف كلا الزوجين بما لهم وماعليهم من إلتزامات يتعاون فيها الطرفين لتأسيس حياة سعيدة مشتركة.
9- دورالإعلام في تسليط الضوءعلى واقع المرأة والمساهمة في حل مشاكلها.
وأخيرا: نحن بحاجة إلى مؤسسات أهلية منظمة تمسك بزمام المبادرة لتقوم بدور فاعل وسط المجتمع، وتعمل من أجل مشاركة إيجابية في حلحلة المشاكل والقضايا الإجتماعية، فبالرغم من تواجد لجان العمل التطوعي والأهلي وقيامه بأدوار متنوعة ومتعددة إلا أنه لايزال قاصرا في خدمة المجتمع.