أ . عالية فريد >> أخبار و مقالات


حقوقنا وحقوقهم الإنسانية

13 مارس 2010 - جريدة الجزيرة

حقوقنا وحقوقهم الإنسانية

مي عبد العزيز عبد الله السديري

 
لقد أعطى الله الإنسان حقه في الحياة، وحرَّم قتل النفس بغير حق، وجعل كرامة الإنسان مقدسة لا يجوز لأحد المساس بها، وعمم ذلك على كافة أبناء البشر.
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة المائدة: {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}.
هذا هو حكم الله إذ إن من يقتل أو يحاول قتل نفس بغير حق فإنه يقتل الناس جميعاً، ومن يحيي نفساً فإنه يحيي الناس جميعاً.
إن ما حدث في أمريكا في شهر أيلول هو أمر مؤلم جداً لنا، ولا يقبله الله تحت أي ظرف من الظروف، ولكن نسأل بالمقابل: هل أصبح القتل الجماعي لغير الغربي أمراً مسموحاً به ومقبولاً في الأوساط الغربية؟ وهل النفس غير الغربية لا قيمة لها في نظر الغرب؟ علماً أن الله تعالى يقول: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
نسمع في كل يوم عن قتل جماعي وقتل استباقي في أفغانستان والعراق والصومال وباكستان وفلسطين وفي أماكن أخرى، ثم يأتي التبرير بأن ذلك قد وقع بالخطأ! أيُّ خطأ هذا الذي يحرم إنساناً من حقه في الحياة رغم أنه لا ذنب له؟! ذلك الحق الذي قرره الله لبني البشر جميعاً، ولم يعطِ الله الحق لأي إنسان في قتل أخيه الإنسان إلا ضمن ضوابط عدل محدودة وواضحة حددها الله في كتابه العزيز.
وهنا يحضرني سؤال وهو: هل هذا الإنسان الذي يُقتل بالخطأ هو غير ذلك الإنسان الغربي، وهل ذلك الإنسان الذي يطبق عليه القتل الاستباقي تحت مسمى أن ذلك الإنسان قد يصبح متطرفاً بعد عشر سنوات هو غير ذلك الإنسان الغربي؟.. لا.. وألف لا.
إن الناس عند الله سواسية كأسنان المشط، وينطبق هذا على جميع الشعوب. ومن المؤلم أن ذلك القتل الجماعي والقتل الاستباقي يوقع في معظم الأحيان عدداً كبيراً من النساء والأطفال.. فأين هي حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل التي تغنى بها الغرب ويشهرها سلاحاً ضد الشعوب الأخرى كلما أراد أن يحقق مصلحة له بغض النظر عن الوسيلة التي يستخدمها مطبقاً المبدأ الميكيافلي أو الغاية تبرر الواسطة؟
لقد جاء القرآن الكريم وساوى بين الناس، لا فرق بين عربي وعجمي ولا بين أسود وأبيض إلا بالتقوى. وكلنا نعرف أن بلالاً قد تساوى مع أشراف قريش بتقواه، وأن ما جاء في القرآن الكريم حول حقوق الإنسان قد سبق الغرب بفترة زمنية مقدارها أربعة عشر قرناً، وأن الفرق بين ما يأمرنا به الله في القرآن وبين ما يطبقه الغرب هو أن القرآن يتكلم بلغة واحدة يساوي فيها بين الناس كافة، وأن ما يسمى بحقوق الإنسان عند الغرب يتكلم بلغتين، اللغة الأولى يطبق فيها الغرب حقوق الإنسان إلى حد ما على مواطنيه، وأما اللغة الثانية فهي لغة تضرب بحقوق الإنسان الآخر غير الغربي بعرض الحائط، وأن ما نراه اليوم في تطبيق الغرب لحقوق الإنسان بالنسبة للشعوب الأخرى غير الغربية ليس سراباً تحت مسمى حقوق الإنسان, والحقيقة في هذا العصر أن مفهوم حقوق الإنسان ذو وجهين، الأول يخدم الغرب والثاني والموجه إلى من هو غير غربي، ليس إلا كلمة حق يراد بها باطل، مفهوم تتجلى به العنصرية بأوضح مظاهرها.
يتكلم الغرب عن حقوق المرأة في العصر الحديث، وفي هذا المجال فإن عقيدتنا قد سبقت القرن بإعطاء المرأة حقها في كافة المجالات، وقد شاركت المرأة المسلمة الرجل في كافة الميادين. إن ما يدعيه الغرب بالنسبة لحقوق المرأة ليس إلا عنواناً فارغ المضمون، لقد كرمت عقيدتنا المرأة فأعطتها حقها في الاحتفاظ بنسبها إلى أهلها بعد الزواج، وأما الغرب فقد حرمها من ذلك الحق ويتبعها بزوجها فتحمل اسمه وينسخ اسم عائلتها. وإذا أمعنا النظر في دور المرأة في الحضارة الغربية فإننا نجد أن دور المرأة قد تلاشى وبقي إعلامياً.
جاءت عقيدتنا فأعطت الإنسان حقه في التعبير عن نفسه وعن إرادته بل وحتى حريته في الاعتقاد، إذ إن عقيدتنا تقول {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، فأين هذا المفهوم عند الغرب؟
احتياجات الرجل في الغرب تختلف عن احتياجات الرجل في إفريقيا أو آسيا فما بالك باحتياجات المرأة، وفي ثقافتنا لا يوجد ما يلتصق بالإنسان طوال العمر.
ثقافتنا تعطي الإنسان الحرية في حياته الزوجية، تنفصل المرأة عن الرجل وينفصل الرجل عن المرأة عندما يصبح الانسجام مفقوداً بينهما فتأتي العقيدة وتعطي الحق لكل منهما في الانفصال فيحرر كل منهما من شقاء بات يعيشه وبعد أن تعذرت متابعة المسيرة، فيجد الرجل امرأة أخرى قريبة منه وتجد المرأة إنساناً آخر قريباً منها، فهل هناك ما هو أعظم من أن يكون الإنسان حراً حتى في الارتباط الزوجي؟ عقيدتنا تقول بأنه لا ارتباط إلا بالله وببر الوالدين.
الزوجة في الغرب تأخذ نصف ثروة الأب إذا انفصلت عن زوجها، أين هي العدالة؟! وأين هي حقوق الزوج والأولاد وبين هؤلاء الأولاد أطفال صغار يحتاجون تلك الأموال. من حق الإنسان أن يحظى بأمنه الغذائي فأين هي حقوق الإنسان في هذا المجال لدى الشركات المتعددة الجنسيات وهي تنتج غذاء غير صحي ولا يهمها إلا الربح، وأين هي حقوق مئات الملايين من البشر الجياع لدى تلك الدول التي تطرح 40% من إنتاجها الغذائي في البحر لكي تحافظ على الأسعار التي تريدها، يقول الله تعالى في كتابه العزيز {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}. ويحضرني في هذا المجال قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟)، هذا خطاب موجه لبني البشر جميعاً وليس للمسلم فقط (يا أيها الناس..) علماً أن هذا الأمر سيضع المسلم وغير المسلم في موقع واحد إذا كان هناك عالم يتصف بالكمال لأن البشرية كلها تعود لأبوين هما آدم وحواء وجميعنا بشر لدينا نفس الحقوق عند الله وأحبنا إلى الله هو أتقانا.

 http://www.al-jazirah.com/498042/rj7.htm

أضف تعليقاً