أ . عالية فريد >> أخبار و مقالات


«الأحكام الغيابية» هل تعيد الحقوق لأصحابها؟

21 مارس 2010 - جريدة الرياض

40% من القضايا معطلة بسبب تأخر الخصوم
«الأحكام الغيابية» هل تعيد الحقوق لأصحابها؟

 
تحقيق ـ راشد السكران

التزام المتخاصمين بالمثول أمام القضاة في المحاكم نهج عقلاني يعجل في إنهاء القضايا، ليأخذ كل ذي حق حقه، ولكن عدم التزامهم قد يتطلب أحيانا استخدام القوة الجبرية لإرغامهم على الحضور، وهذا يعطل البت في القضايا المنظورة في المحاكم، وإصدار احكام غيابية كبديل عن احضار الخصوم بالقوة الجبرية سيقلّص تجاهل الكثير الحضور امام القاضي لاسيما فى القضايا المالية أو الشخصية التي يتطلب البت فيها بأسرع وقت ممكن، وتجاهل الخصوم للاستدعاءات التي يوجهها لهم القاضي للحضور يطيل أمد التقاضي.

« الرياض» ناقشت هذا الأمر من خلال هذا التحقيق:

تجربة شخصية

في ساحة المحاكم الكبرى في الرياض قامت “الرياض” باستطلاع آراء المتخاصمين فكان أول من التقتهم لديه قضية مالية مع خصمه يقول: لدي تجربة شخصية، حيث إنني اختلفت مع قريبي أقرضته مبلغا من المال وبعد وقت طويل من المماطلة لإرجاع حقي قمت بتقديم شكوى للقاضي لعلي أسترد ما أقرضته إياه ، لكن دخلت في دوامة تحضيره بتسليمه ورقة لحضوره ،وقد طالت مراجعاتي للمحكمة اكثر من ثلاثة أشهر، وبعد أن يئست من مماطلته وسطت أحد أقاربنا واتفقنا على تقسيط المبلغ وتركت المحاكم لأنني لو جئته بالقوة فلن يدفع لي ريالا واحدا ولن يجبره أحد بالدفع، ولكن لو قام القاضي بالحكم عليه غيابيا بعد مماطلته بالحضور وأصدر أمره بالدفع أو السجن فسوف يمتثل لحكم القضاء ولن يكرر مثل هذا التصرف السيئ، ولكنه للأسف استمرأ هذا العمل وتورط معه الكثير بتسليفه .

مسلسل المماطلات

ويقول آخر: قمت بتأجير فلتي على عائلة بواسطة مكتب عقاري ودفعوا لي أول قسط والقسط الثاني دفعوه بالكاد، وبدأ مسلسل المماطلة، وبحكم أنني خارج المنطقة التي فيها بيتي المؤجر لهم أوعزت للمكتب بأن يتولى قبض الإيجارات منهم وبعثه لي، ولكن دخلت في دوامة النصب والاحتيال من قبل هؤلاء المستأجرين والمكتب، وسار الوضع على هذا الحال سبع سنوات، بإلاضافة إلى أنهم لم يدفعوا إيجارات متراكمة عليهم فقد طال أذاهم الجيران ، واتصلوا بي لأجل إخراجهم من بيتي، فقمت بالاتصال بهم ولم اجد أي تجاوب بل إن أباهم وهو متزوج من زوجة ثانية قال لي بالحرف الواحد ليس لدي حل ولن أدفع عنهم (أرمهم وعفشهم بالشارع)، وقمت بالتوسل لهم لعلهم يرحلوا وأسامحهم ببعض الإيجارات المتخلفة الدفع، ولكن لم ينفع معهم التودد ولا الترهيب ، فقلت لجيراني المتضررين أشتكوني أنا لعلي أستطيع إخراجهم من بيتي بأسرع وقت عبر هذه الوسيلة، واتفقت مع جيران بيتي بأن نلتقي بالمحكمة ويقدمون شكواهم، وبعد تقدمهم بالشكوى علي قال القاضي: لماذا طال أذاك على جيرانك ؟ قلت ليس أنا من أسكن في البيت بل مستأجرين قال: أخرجهم ، قلت: على يدك ياشيخ فبدأ مسلسل خذ لهم إنذار ولكن لم يمتثلوا لأي إنذار، وبعد مماطلة وإنذارات خرجوا من البيت بعد أن خلعوا شبابيكه وكل حديد فيه وتركوه خاويا على عروشه، ولم أراجع ولم اشتك لأنني أعرف أنني سوف أمر بنفس الحلقة التي مررت بها سابقا، وفوضت أمري إلى الله، فلو كان هناك بت سريع أو حضور للخصم أو الحكم عليه غيابيا لكان حفظا لحقوقي معهم، ولكن للأسف الشديد خسرت بيتي بالكامل وهو الآن له أكثر من خمس سنوات لم يؤجر لأنه غير صالح للاستئجار بسببهم، وأرى أن الإشكالية تكمن فى عدم التزام الخصوم بالحضور بسبب أنهم لن يتخذ ضدهم أحكاما ترغمهم على حفظ حقوق غيرهم.

تجاوزات سببها التراخي

أكاديمي شاركنا يقول: لقد شهدت مسألة تحضير الخصوم تجاوزات عدة فعدم استجابتهم لطلبات التحضير ومماطلتهم في تسليمها يقلل من هيبة الهيئة القضائية لدينا، وهذا ما جرأ حتى غيرالمواطنين للتلاعب والتهاون في إنهاء قضاياهم إذا كانوا خصوما، وبين إن قضايا الأحوال الشخصية للأسف تأتي في مقدمة هذا النوع من القضايا خصوصا إذا كان الطرف الآخر إمرأة فهي تحتاج لمراجعات متكررة إلى المحاكم لأنهاء دعاوى طلاقها أو عضلها، أو بشأن حضانة أونحوها، والمدعى عليه قد يتعمد عدم الحضور بقصد تعطيل الفصل في الدعوى المقامة ضده لإرهاق المدعي عله يترك أو يتنازل عن معظم حقوقه بسبب التأخر في البت، فهل الأحكام الغيابية بديلة عن إحضار الخصوم بالقوة الجبرية؟

التثقيف والحزم

وأضاف: إن الخصوم إذا لم يستخدم ضدهم القوة والحزم فسيماطلون ، والمحكمة لابد أن يكون لها هيبتها وأن يقوم النظام بمعاقبة الخصوم في حالة تغيبهم لمنع المتلاعبين ومن يستغلون الثغرات لتمديد القضايا الى سنوات، والمفترض ان يحكم القاضي بالقضية حتى في حالة غياب الخصم أو من ينوب عنه.

وأرى أن من الواجب أن يتم فرض غرامة مالية على الخصوم في حال عدم حضورهم، أو أن يكون لدى القاضي صلاحيات أوسع لإرغام الخصوم على الحضور، ومن المفترض وضع آلية جديدة لتحضيرهم، ولا يقف دورالقاضي عند إعطاء صاحب الحق طلب استدعاء لخصمه أو أن يرسل معه رجل أمن، فاستخدام القوة والحزم يجبرهم على الالتزام في مواعيد الحضور التي يجب أن تكون مواعيدها محترمة.

وقال: أرى أن من الضروري تدريس الثقافة القانونية لأنظمة البلاد والأنظمة الدولية منذ الصفوف المتوسطة، إلى جانب تطوير الآليات الحالية لإحضار الخصوم فلن يكون هنالك وعي دون ثقافة قانونية.

الأحكام الغيابية

المحامي د . عبد العزيز بن دخيل الدخيل تحدث:ل ” الرياض” حول أهمية صدورالأحكام الغيابية فقال: إن الأصل في الأحكام أن تصدر بحضور طرفي الدعوى والمتهمين في القضايا التأديبية والجزائية، إلا أنه قد يتخلف أحد طرفي الدعوى أو من ينوب عنه نظاماً عن الحضور نهائياً أو بعد تقديم دفاعه، لأي سبب، وفي حال حصول مثل ذلك فقد اختلفت القوانين والأنظمة في اعتبار المحكوم عليه قد قدم دفاعه أم أنه لم يعط هذا الحق، وبالتالي يجب معاملته وفق أحكام خاصة، اصطلح عليها بمسمى الحكم الغيابي، وهذه الأحكام التي تصدر في غيبة المحكوم عليه أو من ينوب عنه نظاماً.

وأضاف: والمحكوم عليه هنا إما أن يكون المدعي أو المدعى عليه في الأحكام المدنية والتجارية، أو المتهم في الأحكام الجزائية، وقد تم بيان أحكامها في عدد من الأنظمة في المملكة بحسب تصنيف الدعوى.

الغياب عن الجلسات

وقال المحامي الدخيّل: بينت المادتان (141) و(142) من نظام الإجراءات الجزائية، أنه لا يجوز للقاضي أن يصدر حكمه إلا في حضور المتهم، فإذا لم يحضر المتهم المكلف بالحضور …. ولم يرسل وكيلا عنه … فيسمع القاضي دعوى المدعي وبيناته ويرصدها في ضبط القضية، ولا يحكم إلا بعد حضور المتهم، كما يسري ذلك في حق الغائب في حالة تعدد المتهمين في واقعة واحدة وحضور بعضهم وغياب بعضهم، فلا يحكم القاضي على الغائب منهم إلا بعد حضوره.

و أعطت المادة (141) المشار إليها القاضي حق إصدار أمر بإيقاف المتهم إذا لم يكن تخلفه لعذر مقبول، كوسيلة لإجباره على الحضور.

وفي هاذين النصين ما يفصح عن عدم جواز إصدار حكم غيابي على المتهم طبقاً لنظام الإجراءات الجزائية.

ثانياً: أحكام غياب أحد أطراف الدعوى في نظام المرافعات الشرعية: أ غياب المدعي: في حالة غياب المدعي عن جلسة من جلسات المحاكمة دون تقديم عذر تقبله المحكمة فتشطب الدعوى، وله بعد ذلك أن يطلب استمرار النظر فيها إذا رغب في مواصلة دعواه طبقا للإجراءات النظامية المادة (53) من نظام المرافعات الشرعية،

ومقتضى ذلك عدم جواز إصدار حكم في الدعوى، إلا أن المادة (54) من ذات نظام قد قيدت ذلك بأنه إذا حضر المدعى عليه في الجلسة التي غاب عنها المدعي أو غاب عن جلسة أخرى دون عذر فله أن يطلب عدم شطب الدعوى والحكم في موضوعها إذا كانت صالحة للحكم فيها، وفي هذه الحالة على المحكمة أن تحكم فيها ويعد هذا الحكم غيابياً في حق المدعي.

اعتراض الحكم الغيابي

الطالب بالمعهد العالي للقضاء عبد الملك بن عبدالعزيز ابالخيل قال: اتفقت جميع الأنظمة في المملكة على حق الاعتراض على الأحكام الغيابية، وفقاً لأحكام خاصة، بعد العلم بها، ولكن اختلفت في كيفية الاعتراض ومدته، ولابد من توافر بعض الشروط العامة لقبول الاعتراض وهي: أن يكون الحكم محل الاعتراض قد صدر غيابيا‏. أن يكون الحكم محل الاعتراض قضى بالحكم على المعترض فإذا حكم ببراءة المدعى عليه أو بعدم مسؤوليته، فلا يقبل الاعتراض.‏ أن يكون للمعترض مصلحة في الاعتراض فالمصلحة شرط هام وضروري في جميع أنواع طرق الطعن سواء كانت عادية أم غير عادية وان يكون الحكم قد اضر بالمعترض بان يكون قد قضى بعقوبة أو غرامة أو تدبير.‏

40% قضايا متأخرة

توصلت دراسة اجراها مركز تدريب قانوني على القضايا المنظورة في المحاكم بالمملكة أن ما نسبته 40% من القضايا المنظورة داخل المحاكم الشرعية السبب في إطالة النظر بها يعود للخصوم أنفسهم.

وارجع رئيس مركز استشاري للدورات القانونية السبب في اطالة امد التقاضي في المحاكم الى الخصوم وعدم إلمامهم بحقوقهم القانونية، وبين أن ما نسبته 40% من أصحاب القضايا داخل المحاكم الشرعية يجهلون الأنظمة واللوائح الصادرة من ولي الأمر وهذا يجعل المطالب بالحق في موقف صعب نظراً لعدم وجود مستند قانوني.

القول الفصل

أما المتحدث الرسمي بوزارة العدل الشيخ عبدالله بن حمد السعدان فقد أوضح ل” الرياض” أن المادة الخامسة والخمسون من نظام المرافعات الشرعية واللوائح التنفيذية التابعة تنص على أنه إذا غاب المدعى عليه عن الجلسة الأولى فيؤجل النظر في القضية إلى جلسة لاحقة يبلغ بها المدعى عليه ، فإن غاب عن هذه الجلسة أو غاب عن جلسة أخرى دون عذر تقبله المحكمة فتحكم المحكمة في القضية ، ويعد حكمها في حق المدعى عليه غيابياً ما لم يكن غيابه بعد قفل باب المرافعة في القضية فيعد الحكم حضورياً.

وأضاف: 55/1 إذا تبلغ المدعى عليه لشخصه، أو وكيله الشرعي في القضية نفسها، بموعد الجلسة ، أو أودع هو أو وكيله مذكرة بدفاعه للمحكمة قبل الجلسة، فيعد الحكم في حقه حضورياً، سواء أكان غيابه قبل قفل باب المرافعة، أم بعده.

وفي 55/2 إذا كان التبليغ للمدعى عليه لغير شخصه، وفق المادتين: (15،18) ولم يحضر، فيؤجل النظر في القضية إلى جلسة لاحقه، ويعاد التبليغ، فإن غاب عن هذه الجلسة، أو جلسة أخرى دون عذر تقبله المحكمة فتحكم في القضية، ويعد الحكم في حق المدعى عليه غيابياً ما لم يكن غيابه بعد قفل باب المرافعة فيعد الحكم حضورياً؛ ويخضع الحكم في الحالين لتعليمات التمييز.

وفي 55/3يلزم تدوين مضمون محضر التبليغ في ضبط القضية قبل الحكم فيها غيابياً، وفي 55/4إذا توجهت اليمين على المدعى عليه بعد سماع الدعوى فيبلغ بذلك حسب إجراءات التبليغ، ويشعر بوجوب حضوره لأداء اليمين وأنه إذا تخلف بغيرعذر تقبله المحكمة عدّ ناكلاً وسوف يقضى عليه بالنكول، وذلك وفق المادة (109)،أما إن كان له عذر يمنعه من الحضور – تقبله المحكمة – فيعامل وفق المادة (110).

http://www.alriyadh.com/2010/03/13/article505975.html

أضف تعليقاً