أ . عالية فريد >> أخبار و مقالات


الفقيه لـ «الحياة»: القاضي يحتاج إلى «اللباقة» و«سعة الأفق»… وأن يكون «قدوة»!

21 مارس 2010 - جريدة الحياة

الفقيه لـ «الحياة»: القاضي يحتاج إلى «اللباقة» و«سعة الأفق»… وأن يكون «قدوة»!

الخميس, 11 مارس 2010
الرياض – حمد بن خنين

عايش رئيس محاكم عسير سابقاً القاضي الشيخ إبراهيم بن يوسف الفقيه، القضاء وتعامل مع مراحل التقاضي. وأصدر الأحكام واجتهد في استنباطها وبرز في السياسة الشرعية في التعامل مع الخصوم، وأسهم في حل النزاع وانهاء الخلاف. فكانت تجربة رائدة بحكم ثقافته العالية وعلمه وفهمه لقواعد الشريعة وأحكامها.ويرى الفقيه في حواره مع «الحياة» أن حسن التعامل من جانب القاضي، يورث الجماهير مزيداً من الاحترام له والتقدير. أن القضاء في السابق له مشكلاته وقضاياه، إلا أن زيادة تعلّق الناس بالدنيا، جعل القضاء المعاصر أصعب، وأحوج إلى الصبر… فإلى تفاصيل الحوار.

> يعترض القضاة مشكلات مستجدة ونوازل حادثة، كيف تتعاملون معها، وتعالجونها شرعياً؟

– أحياناً يكون من القضايا الطارئة ما يجعل القاضي في حيرة من أمره، لكن الحاذق يستلهم جهده وفكره، فباب الاجتهاد مفتوح وليس هناك شيء يصعب لأن شريعتنا الغراء صالحة لكل زمان ومكان، فليس هناك أمر يصعب حله ولله الحمد والمنة، لكن الزمن السابق أقل قضايا وأوضح حكماً بسبب سهولة الاجراءات وقناعة الناس وحبهم للخير وقبولهم بالقليل اليسير. فهناك مقارنة بين الحاضر والماضي في التقاضي من حيث الاجراءات إلا أن الأحكام تبقى واحدة لا تتغير ولا تتبدل بتغير الزمان وظروف المكان، فالجميع ينعم بتحكيم الشريعة الإسلامية، ولا أخفيكم أن المطامع في هذا الوقت زادت والآمال تعلق بها الكثير، وزاد الناس فزادت معهم القضايا وتقدم الحضارة فجاءت جرائم ووقائع مستجدة يتطلب معها تنزيل الأحكام عليها بما يضمن الحقوق ويزرع العدل والمساواة بين المتخاصمين.

> ثورة الاتصالات أسهمت في نقل المعلومة القضائية، ألا ترون أنها ولدت الاتكالية وهجر المراجع أم أنها خدمت القاضي؟

– التقدم التقني خدم القضاء وسهل سير اجراءات التقاضي ويسّر المعلومة بل إن معظم المراجع والأصول الأنظمة والتعليمات والتعاميم مختزلة في الانترنت ما أسهم في سرعة تلقي المعلومة وايصالها للقاضي، كما أن الحكومة الالكترونية ستحقق للقضاء الشيء الكثير لتكون الأحكام العدلية في متناول الجميع مما يسهل التعامل معها في كل ما من شأنه خدمة قضايا الناس، فالتحديث مهم مع بقاء قيمة الكتاب كمرجع علمي يرجع إليه المطلع وصاحب التقنية، ولا أعتقد أن هناك هجراً لتلك المراجع لأن المحتاج إليها لا بد أن يرجع إليها وقت الحاجة.

> هناك الكثير من نظرة الشك من جانب بعض القضاة نحو طائفة من المحامين… من وجهة نظرك أنت، هل دور المحامي في الشأن القضائي سلبي أم إيجابي؟

– المحاماة عنصر مهم في المجتمع ومساعد للقضاء الشرعي في الفصل بين الخصومات ويسهم في معالجة الكثير من النزاعات لما في ذلك من تحقيق واقع الدعوى أمام القضاء، إذا ما صاحب الإخلاص ثقافة المحامي وعلمه وفهمه لقواعد الشريعة الغراء، لأن كثيراً من الناس قد يجهل أسلوب الدعوى ومتطلباتها ليكون المحامي خير عون في ذلك، والمحامي إذا كان عالماً بأصول الشريعة سالماً من الهوى لديه الإلمام بالأنظمة استطاع في دعواه أن يوضح معالم القضية من حيث الأسباب والأدلة، فيكون بذلك عوناً للقاضي وشريكاً للعملية القضائية للوصول للحق والعدالة.

> بما أنك أصبحت محايداً بعد تقاعدك… ما تقويمك لحزمة الأنظمة العدلية، ومستوى تفعيلها حتى الآن من جانب المؤسسة القضائية؟

– الأنظمة العدلية: دستور إيجابي مستمد من أصول الشريعة الإسلامية وتطبيق الأنظمة أمر واجب لا جدال فيه، لأنه أعمال خدمية لحفظ حقوق الإنسان وتفعيلها في قضايا المجتمع، وهو ما يعطي انضباطاً متكاملاً إذا ما حصل تعاون على تطبيق فقراته من المسؤولين، كل بحسبه، حتى يشعر كل فرد بمشروعية هذا النظام وحرمته في المجتمع. كما أن تعدد الأنظمة أمر ايجابي ودليل تطوير وزيادة ضبط، وهذا أمر مشكور نتطلع فيه إلى المزيد.

> هنالك اتهام لبعض القضاة بأنهم يعتبرون التوبيخ والتجهم من هيبة القضاء… فهل لسلوكيات القاضي دور بالفعل؟

– فن التعامل مع الآخرين ثقافة يجب الحث عليها، ولا سيما القاضي، لأن ذلك من السياسة الشرعية التي تُكسب القاضي زيادة في اللباقة والحذق وسعة الأفق.

وقد نجد استفزازاً من القاضي أو من الخصم ليوقع الآخر في الغضب والاندفاع، ولكن مثل هذا الموقف يجب أن يُحتوَى، وعلى القاضي أن يتفهم الحياة الاجتماعية ويتحلى بالصبر والحلم والأناة ويذكّر بأن الدنيا لا تؤخذ غلاباً. وتبقى مسألة تكثيف الدورات في هذا الجانب مسألة مهمة لتحسين التعامل مع مختلف الطبقات. فالجانب السلوكي مهم للغاية ليكون الشعور أكثر رحابة واستيعاباً.

> تأخر الخصوم أو عدم حضورهم… ألا يؤثر ذلك في تأخر سير القضية ويعطل مصالح الناس والقضاة شبه مستسلمين كما يتردد؟!

– هذه ظاهرة واقعة، ولكن النظام ضبط هذا التصرف، فالمدعي إذا ترك الدعوى تُرك، أما المدعي عليه فهناك عدد مقنن للتخلف ومن ثم يحكم غيابياً، وله حق الاعتراض إن رغب. وإذا اتضح أن أحد الخصوم متلاعب في دعواه فللقاضي تأديبه بما يردعه.

المسألة تعود إلى جدية القاضي وحزمه في سياسته وقوة انجازه وتبقى مسألة القدوة مهمة، فالقاضي المنضبط في حضوره وأدائه للعمل وسرعة الانجاز، سيجد الخصوم والمتقاضين مضطرين إلى احترام صفته الاعتبارية.

> لماذا لا يتم النظر في حلّ التعامل وحرمته قبل السير في القضية؟

– النظر في حلّ التعامل وحرمته أمر واضح في الشريعة ولا ينطلي على من لديه إلمام بأصول الشريعة وقواعدها. وإذا اكتشف القاضي أن القضية ليست من اختصاصه عليه إعادتها. أما إذا كانت تتمحور في مال ربوي أو غسيل أموال ونحو ذلك فعليه التوقف ورفعها للجهة المختصة.

ونحمد الله تعالى أن ذلك نادر ولا يعتبر ظاهرة.

> ماذا تقول لقضاة اليوم، بعد أن تناول كثيرون عمل بعضهم بالنقد؟

– عملت أكثر من 33 سنة لم يلاحظ على مسيرتي القضائية شيء، وهذا فضل من الله تعالى، وعلى رغم صعوبة العيش في زمننا إلا أنني أرى أن التقاضي أفضل من ناحية رضا الناس وقبولهم للحكم لكن في هذا الزمن كما ذكرت ازداد حب الدنيا في النفوس ومع ذلك شاهدنا نقلات متتابعة لتطوير القضاء وخدمات جليلة وتطورات.

وما نظام القضاء ونظام ديوان المظالم ومشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرافق القضاء إلا نقلة مباركة وشاهد على هذا التحول، ولا سيما أن مراحل التقاضي جاءت على نحو المحكمة الابتدائية «العامة» ومحكمة الاستئناف والمحكمة العليا.

http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/117954

أضف تعليقاً