إيجاد مجلس أعلى خاص بالمرأة السعودية .. ضرورة ملحة
3 نوفمبر 2004 - أ . عالية فريد” خبـــــــــــــــر وتعليـــــــــــــق ”
إيجاد مجلس أعلى خاص بالمرأة السعودية .. ضرورة ملحة
بناءا على القرار الصادر من المقام السامي بتاريخ 11/ 3/ 1424هـ المتضمن الموافقة على إنشاء لجنة وطنية عليا دائمة متخصصة في شؤون المرأة ، مع التنويه بأن المقام السامي كلف هيئة من الخبراء بالإشتراك مع الجهات دات العلاقة بوضع تنظيم شامل مناسب لعمل اللجنة ، وعلى ضوءه ورد لمجلس الشورى قرار أصدره مجلس الوزراء بالموافقة على إنشاء لجنة وطنية عليا دائمة متخصصة في شؤون المرأة تستند في آرائها إلى نساء مؤهلات في مختلف التخصصات ، وتعمل على إعداد لائحة لعمل المرأة تراعي خصوصية المجتمع ، وتؤكد على حق المرأة في الوظيفة والعيش الكريم ، كما تعمل هده اللجنة على دراسة مجالات عمل المرأة دراسة شاملة متجددة تأخد في حساباتها الضوابط الشرعية لعمل المرأة ، والأعداد المتزايدة للمخرجات وتجارب الدول الأخرى ، وأساليب التدريب والـتأهيل المتاحة للمرأة ووضع حلول مناسبة لما قد يعترض عمل المرأة من عقبات ، وسبل توطين ( سعودة ) الأعمال المشغولة بغير سعوديات ، وأسباب عدم إقبال السعوديا ت عليها وغيرها .
” التعليق “
بالطبع إنني مع صدور القرار وتأييده ودعمه بقدر ما أستطيع ، لكن النقاش يدور حول الكيفية والصيغة المناسبة لتطبيقه ، و الدي يعتمد بدوره على الإستراتيجية والخطط الموضوعة في حيز التطبيق من قبل مجلس الوزراء ، يبقى الإتفاق على آلية التنفيد وضرورة إنتقاء الجهات المسؤولة والمعنية في هدا الأمر .
كما يجب أن أوضح مهمة وصلاحية إيجاد مجلس وطني لرعاية الأسرة ، ومجلس آخر متخصص في شؤون المرأة ، حيث لايمكن بأي حال من الأحوال الإستغناء عن كلا الأمرين فلكل مجلس مهامه وآلياته الخاصة والملحة لتطوير وتفعيل عنصر المرأة ومجال عملها من جهة والإهتمام بالأسرة ومشاكلها والتحديات التي تواجهها من جهة أخرى .
نعم نحن كمجتمع بحاجة إلى ل( مجلس أعلى يرعى شؤون المرأة من وإلــــــــــــــى ويتلمس حاجاتها ) وليس لجنة أوهيئة ، فليس كافيا حصر المرأة في مجال العمل ومتعلقاته كما ورد في القرار ، بل أين هو دور المرأة ومشاركتها في السياسة ، وأين هو دورها في الفكر والثقافة ككاتبة ، ومفكرة ، وإعلامية ، وأديبة ، وشاعرة ، وفنانة تشكيلية ، وأين هو المسرح ودور المرأة فيه للمعالجة الثقافية والإجتماعية ، وأين هي الجمعيات و المؤسسات والمراكز الثقافية ؟ وفي المجال الإجتماعي ما مدى فعالية المرأة في المؤسسات الإجتماعية والمعاهد ودور الرعاية ، وأين هي النوادي الثقافية والرياضية ، أين هي مؤسسات التدريب والتأهيل التي تنمي مواهب النساء وتصقلها بالخبرة والعمل والتجربة وتزجها في عملية البناء أين كل دلك ؟
ولو إفترضنا أن هده المؤسسات موجودة ، فأين هي سبل الحماية التي تعزز دورها ومكانتها ، وتصون حقوقها وتضمن إستمراريتها وتشكل مرجعية بالنسبة لها . إننا كمجتمع بحاجة إلى (( مجلس أعلى يرعى شؤون المرأة في مختلف القضايا السياسية والثقافية والإجتماعية والإقتصادية )) وأن يكون مجلسا مستقلا بقراراته وتشريعاته التطبيقية .. شريطة أن تكون رئيسته إمرأة وأعضاءه كلهم من النساء ، فالمرأة أدرى بحاجاتها وألم بمشاكلها أكثر من غيرها ، فهي قادرة على إدارة نفسها بنفسها وأقرب لهموم مثيلتها فيجب أن لانحجم دورها ونستثنيها من المشاركة .
و أكرر المجتمع بحاجة إلى (( لجنة وطنية لرعاية الأسرة والتركيز على جانب الطفولة )) أيضا تكون مستقلة لها أهدافها وأفكارها وبنودها الواضحة فمشاكل الطفولة والأحداث لا يستهان بها .
لدلك القرار بحاجة إلى تروي ومناقشة جادة .
أما حول الإطار الدي يهتم بتطبيق هدا القرار فلا يمكن تحديده في لجنة أو هيئة أو مجلس أو حتى وكالة وزارة تابعة لوزارة الشؤون الإجتماعية قبل أن نحدد ونطلع على صلاحية كل مجلس وعلى أثرها يتحدد المسمى ، فليس ممكنا تسجيل – مجلس أعلى للمرأة – وتبقى صلاحيته محدودة فقط بالإهتمام بوضع المرأة المهني ، بل يعطى المسمى حسب ما يتوفر من إمكانات .
وبالتالي المشاركة في هدا القرار يجب أن تكون شاملة تعالج كافة قضايا ومشاكل المرأة السعودية و عامة في الوقت نفسه على مستوى مندوبات أو ممثلات من مختلف الجهات الرسمية وغيرها ، فهناك الكثير من السيدات الكفوءات في مواقع عملهن والقادرات على التصدي وحمل المسؤولية وبالتالي هن أدرى وأجدر وأقرب لحل مشاكلهن من أن يتصدى لها رجل ، فلا مانع من مشاركة المرأة في وزارة الشؤون الإجتماعية ، ووزارة العمل ، ووزارة الداخلية ووزارةالعدل والشؤون الإسلامية ، والخدمة المدنية والتعليم العالي ، والصحة ، والثقافة والإعلام ، والإقتصاد والتخطيط ، والتربية والتعليم ، والمؤسسات الأهلية ، وسيدات الأعمال المثقفات والمهتمات ، والباحثات في قضايا المرأة وجمعية حقوق الإنسان وغيرها .
وما أأوكد عليه في هدا الأمر يجب أن يكون تمثيل المرأة بالواقع والعمل المأسسي ، فنحن نعيش عصر المؤسسات والعمل الجمعي الدي يوحد الطاقات ويصب الجهود في بوتقة مؤسسات المجتمع المدني ، فلا بد للطاقات والكفاءات النسائية أن تصنع لها إطارات مأسسية تنطلق من خلالها وليس العمل الفردي ، حتى يكون موقعها ودورها دات تأثير أقوى وأكبر في صناعة القرارات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والعلمية والعملية وشيئا فشيئا تصل لممارسة حقوقها المشروعة .
وحول التنظيم أ فضل أن يكون حكوميا أهليا وأوكد على دلك فدمج الجانب الحكومي مع الجانب الأهلي يشكل ضمانه وحماية لتحقيق البنود أو العمل في مباشرة الصلاحيات ، بعكس إدا كان مؤسسة فقط ضمن مؤسسات المجتمع المدني قد تكون معدومة الصلاحية ، فهده لافائدة منها حيث مهمتها تصبح محدودة أو تقتصر على جانب التنظير فقط .
وعلى كل فالنتيجة تبقى تعتمد على نوعية البنود المطروحة من قبل أصحاب القرار ، والصلاحيات المسموح بها .
و إدا كان الإتجاه إلى أن يكون هدا التنظيم حكوميا – أهليا فالوسيلة المناسبة لإختيار الأعضاء غير الحكوميين تتم بعملية البحث والإختيار من خلال مراكز أو جمعيات أو مؤسسات أهلية حيث ترشح مجموعة أسماء على أثرها يتم إنتقاء الشخص المناسب للموقع المناسب .
أخيرا : نحن بحاجة ماسة لإنشاء مجلس أعلى خاص بالمرأة ، ومجلس آخرخاص بالأسرة و رعاية الطفولة ، ولا يمكن الإستغناء عن كلا المجلسين والإكتفاء بواحد دون الآخر ، فكلا الأمرين مهمين وضروريين ، ويمكن إدا إستوضحت الأفكار والبنود إيجاد صيغة تعاونية منسقة بين الطرفين وفي نظري تبقى خطوة قيد التنفيد سابقة لأوانها حاليا .
وبناءا على دلك أتمنى من الجهات المهتمة والمسؤولة الإستفادة من التجارب العربية و الخليجية القريبة في هدا الموضوع بما يتناسب مع ثقافتنا كمجتمع ، وأن يتم إختيار المندوبات أو الممثلات بعناية ودقة تامة بعيدا عن المحسوبيات أو التمييز أوالعصبيات القبلية ، ويراعى فيها التنوع والوعي الثقافي والإجتماعي والإلمام بقضايا الساحة وتقديم المصلحة الوطنية على العادات والتقاليد والموروثات السلبية . وفي الوقت نفسه فإن تطبيق القرار بشموليته وأبعاده المختلفة يعزز مفهوم المواطنة الحقيقية ويكرس ممارسة المرأة لكافة حقوقها وواجباتها، ويؤكد إنسانيتها التي أقرها لها الشارع الإسلامي بعيدا عن أية رواسب وأفكار قديمة وبالية وموروثة على المجتمع أن يتجاوزها ويتخطاها .