أ . عالية فريد >> أخبار و مقالات


أين نحن من موافقة خادم الحرمين للتوعية بحقوق الإنسان؟!

24 مارس 2010 - الاقتصادية

أين نحن من موافقة خادم الحرمين للتوعية بحقوق الإنسان؟!

 

د. عبد الله إبراهيم الفايز
قبل أسابيع صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين على برنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان, التي هي من أهم المبادرات التي نبحث عنها منذ عقود. وتلاها تعليق الدكتور بندر العيبان بهذه المناسبة ”إن هذه الموافقة هي مباركة كريمة للبدء في تنفيذ هذا البرنامج الذي يعد إحدى الركائز المهمة التي نص عليها تنظيم هيئة حقوق الإنسان الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم 207 في 8/8/1426هـ الذي يخول مجلس الهيئة بمهمة وضع السياسة العامة لتنمية الوعي بحقوق الإنسان، واقتراح سبل العمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان والتوعية بها, وذلك من خلال المؤسسات والأجهزة المختصة بالتعليم والتدريب والإعلام وغيرها”. وأرى أن موافقة خادم الحرمين هي مبادرة مهمة تضاف إلى سجل مبادراته التي سجلها التاريخ التي هي مبادرات مخلصة للوطن والمواطن. نحن فعلاَ نفتقد توعية بعضنا عن حقوق الإنسان, وكيف نضمن لنا التعايش فيما بيننا ودون أن يتعدى أحدنا خطوطه ليتدخل في حريات وحقوق الآخرين. وهي خطوة أتوقع أن تليها مبادرة لوضع قانون مكتوب لحقوق الإنسان السعودي ومقنن ليتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية. وهو مشروع أساس لا يمكن أن نحمي حقوق الإنسان من دون وجود قانون وعقوبات واضحة ومحددة. وهي مهمة يجب أن تتم دراستها والاستفادة من تجارب من سبقونا, وأن يتم إشراك المواطن والقطاعين الخاص والعام ومن خلال الأجهزة المختصة بالهيئة الجهات المعنية بحقوق الإنسان في المملكة والهيئات والجمعيات المختصة بها في الخارج.

لقد كان لهذه الصحيفة السبق في هذا الموضوع, فقد أشرت في مقالي ”أصبح الأمر ملحاً اليوم لإيجاد هيئة عليا للتوعية الحضارية والإسلامية الصحيحة وليست المبنية على القشور والكسل وعدم السعي إلى العلم وإعداد ما نستطيع من قوة لمواجهة الأعداء. لتضع الأسس الأولى لحقوق الإنسان وحرياته التي هي أساس حقوق الإنسان والحوار الوطني. وأولها أن يكون هناك دستور مكتوب يستمد من القرآن والشريعة, وأن يحترم كتاب الله ولا يزج به في لغط المحاكمات, وأن تسير هذه التوعية في خط متواز مع المجهودات الأخرى التي يجب أن تقوم بها الدولة والمنزل والمدرسة لتوعية المواطن, وأنه من الأولى أن نحترم حقوق بعضنا بعضا قبل أن نطلب من الدولة أو الدول الأخرى احترام حقوقنا”.

يجب أن يكون لدينا قانون, لأن ما بني على غير أساس وقانون يرجع إليه فهو مثل قول ما بني على باطل فهو باطل. والهيئة – وكما أشارت – تتمشى مع سياسة ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الرامية إلى رعاية الإنسان وحماية حقوقه والمحافظة عليها من أجل تمكين المواطن والمقيم من التمتع بحياة كريمة وشريفة تتفق مع الشريعة الإسلامية. هو استمرار لسياسة المملكة الثابتة منذُ عهد المؤسس الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله – المتمثلة في تعزيز مبادئ العدل والمساواة وتعميقها بين أفراد المجتمع.

وكلنا نعرف الوطنية والإخلاص اللذين يتحلى بهما خادم الحرمين للوطن والمواطن, فهو أول من بدأ بوضع أسس أو دستور للحكم وهيئة البيعة. وهي خطوة مهمة أعطتنا الثقة الأكبر في الدولة وفي الوقت نفسه ساعدت على إعطاء ثقة دولية أكبر بمدى الاستقرار الذي تعيشه المملكة, ما يعطيها ثقلها ومكانتها الدولية المتقدمة. واستمرارا لحكمة خادم الحرمين فهو يواصل ويستمر في ترسية الدستور الوطني لحفظ حقوق الإنسان المواطن, وكلاهما مستمدان من الشريعة الإسلامية. وأن يستمد من القرآن والسنة ويكتب للأحكام الحديثة التي لم ترد فيهما.

لذلك فإنني أرى أنه من الأبدى أن يتم تأسيس لجنة لوضع القوانين أو النظام المدني الذي يحفظ حقوق المواطن مع أخيه, فحقوق الإنسان موجودة لكن غير مدونة فقد كفلها الإسلام بين أفراد المجتمع, لكن تنقصنا بلورتها كقانون مدني مكتوب ومن ثم التعريف بالأنظمة والتعليمات والإجراءات المتبعة في المملكة التي تحمي حقوق الإنسان وتفعيلها. فالقانون والعقوبات والتطبيق هي التي تخلق الثقة وتساعد على الحد من انتهاكات حقوق الإنسان. وتليها خطوة التحذير منها والعمل على توافق اللوائح والإجراءات والسلوك التنفيذي للمتعاملين مع الجمهور مع مبادئ حقوق الإنسان ومفاهيمها، والتعريف بالأساليب والوسائل التي تساعد على حماية هذه الحقوق.

إن اهتمام الدولة بحقوق الإنسان المواطن يقابله أحياناً تهاون من بعض المواطنين أنفسهم وبعض المسؤولين الذين هم أصلا جزء من المواطنين الذين تريد بهم الدولة خيرا. فيتهاون أو يتقاعس بعض المسؤولين عن تنفيذ الرسالة الملقاة على عواتقهم ويستهينون بقيمة إخوانهم المواطنين ويضيعون حقوقهم وهو ما لا يرضاه ولاة الأمر. وكما جاءت خطبة الحرم المكي الشريف قبل أشهر عمن يحمل الأمانة وتحليه بها وما أوضحته الخطبة من وجود من ينتهزون الفرص لاحتلال مناصب تنفيذية أو قيادية ليسوا أهلا لها وبكل أنانية واستهتار بالمنفعة العامة بينما هم يعلمون أن هناك من هو أجدر وأحق بتحقيق المنفعة العامة للمجتمع وأن لهم حقوقا للوطن يجب ألا ينسوها وهي مربوطة بمفهوم الحرية والديموقراطية اللتين يطالب بهما البعض دون أن يعرف أن لهما أساسيات وآدابا وقواعد وقوانين. وأن أساسهما معرفة حدود الحريات, وأن حرية كل مواطن تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. الحرية لا تعني أن تزعج الناس بصوت المذياع بحجة أنك حر في تصرفك, بينما هذا الإزعاج يمس حرية الآخرين وحقوقهم. ودون وعينا بهذه المصطلحات الحضارية لا يمكننا المطالبة بأي منها.

http://www.aleqt.com/2010/03/14/article_363300.html

أضف تعليقاً