أ . عالية فريد >> مشاركات
جوال أبو زوجتي..!
8 أبريل 2010 - جريدة الجزيرة
جوال أبو زوجتي..!
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ
الزميل هاجد رسام الكاريكاتير في (الجزيرة)، وجاري في هذه الصفحة، واحد من أهم رسامي الكاريكاتير في المملكة. هاجد ليس مجرد رسام كاريكاتير، وإنّما فنان على قدر كبير من الوعي والمتابعة والقدرة على التقاط الصور الاجتماعية والتعبير عنها برسوماته أفضل تعبير. وأنا ممن يؤمنون إيماناً راسخاً أن الكاريكاتير كأداة توصيل إعلامية أفضل من المقال بكثير. فهو ليس فقط يختصر ما يريد أن يقوله في تجسيد رؤيته في صورة فحسب، وإنما ينتزع منك ابتسامة ساخرة تنفذ إلى وجدانك، فتشكل في الغالب موقفك من القضايا الاجتماعية التي يطرحها دون أن تشعر؛ الأمر الذي يكون له كأداة اتصال تأثير قوي وفاعل في الوصول (الإيجابي) لأكبر شريحة من القراء، حتى أولئك الذين يتصفحون الجرائد، ولا يقرؤونها إلا نادراً.
هاجد رسم يوم (الثلاثاء) الماضي كاريكاتيراً معبراً عن الهيئة، أو بلغة أدق مأساة السعوديين معهم؛ ظهر فيه مواطن يقود سيارته في الرياض، وبجانبه امرأته، وقد رفع لوحة أظهرها من نافذة السيارة كتب عليها: (زوجتي.. واللي ما يصدّق هذا جوال أبوها)!. وهو هنا يعبر عن مأساتنا نحن السعوديين مع بعض أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكيف أن (الشك) في عملهم هو القاعدة، و(الثقة) هي الاستثناء؛ فأيّ رجل برفقته امرأة فهو محل شبهة وشك ومتابعة وتجسس حتى يثبت العكس. ولإثبات العكس لابد لرجال الهيئة أن يقطعوا (الشك) باليقين. ومن يعرف المملكة معرفة حقيقية لا يمكن أن ينفي أن بعض رجال الهيئة تقوم نشاطاتهم على (الشك)، والتلصص، والرقابة، وتفتيش المقتنيات الشخصية، و(التنقيب) عن المنكر حتى من وراء الأسوار، وليس الاكتفاء بإنكار المنكر (الظاهر)، كما هو الأصل في إنكار المنكر بالنسبة للمحتسب في الإسلام.
وكنا قد تأملنا خيراً عندما تسنم الرئاسة العامة للهيئات الأمر بالمعروف الشيخ عبدالعزيز الحميّن؛ كان أملنا أن يجد لهذه الممارسات التشككية والمهينة والإذلالية حلاً، وأن يعيد (تنظيم) الهيئة، واختيار قيادات جديدة، تكون قادرة على (إنقاذ) المجتمع من هذه الممارسات (المهينة)، التي تسيء أول ما تسيء للإسلام، وتظهره بمظهر الدين الذي ينتهك الحريات، ويكرس الشكوك، ويجعل سوء الظن مقدماً على حسن الظن. فالرجل -مثلاً- عندما يصطحب امرأة حتى في الطريق، حيث تنتفي الخلوة المحرمة مطلقاً، فالشك فيه، وفي نواياه، مبرراً كافياً للتعامل معه على أساس أنه (مُدان) حتى تثبت براءته؛ لذلك يجب عليه (حُكماً) أن يدحض الشك بما يثبت البراءة. والقصص التي تثبت ما أقول تنتشر في المملكة وفي كل المناطق دون استثناء؛ وإن كانت هذه التجاوزات في بعض المناطق أكثر إحصائياً من المناطق الأخرى، فهذا يعود إلى تقدير مسؤول الهيئة الشخصي في تلك المنطقة؛ فإذا كان حصيفاً عاقلاً انعكست حصافته على نشطات الهيئة في المنطقة التابعة لسلطته، وإن كان متهوراً مندفعاً فقل على أهل هذه المنطقة السلام.
الشيخ الحميّن مضى عليه الآن في منصبه قرابة السنة، وليس هناك -للأسف- ما يشير إلى أنه سيغيّر الأوضاع، ويكبح جماح التجاوزات؛ فقد أبقى على جهاز الهيئة الإداري تماماً كما ورثه من سلفه؛ فالمتشددون كانوا ومازالوا هم (المسيطرين) على مفاصل القرار في الهيئات؛ وغني عن القول إن تغيير الجهاز الإداري، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وعلى وجه الخصوص في المراكز القيادية في الجهاز، هو أولى خطوات الإصلاح.
إلى اللقاء،،،
أضف تعليقاً