الطاقة النووية هل هي نعمة أم نقمة على الشعوب ؟
24 أبريل 2010 - أ . عالية فريد
الطاقة النووية هل هي نعمة أم نقمة على الشعوب ؟
لازالت الصورة مختزنة في ذاكرة العالم حول تفجير القنبلتين في مدينة “هيروشيما وناغازاكي “
باليابان عام 1945 م وما خلفته من رهاب نفسي وفزع نووي شامل يتذكره الناس ، ولازالت صور الضحايا من آلاف الأبرياء الذين تلضوا بشظايا هذا الإنفجار تنغرس في مخيلتهم ، إضافة إلى ماخلفته بعدها من عاهات وتشوهات وإعاقات لم تسلم منها حتى الأجنة في بطون أمهاتها ، وما أدت اليه فيما بعد من تفشي حالات الإصابة المستمرة بالسرطانات وحدوث الولادات المشوهة ، وغير ذلك من الأمراض والأعراض الخطيرة الناتجة عن تأثيرتلك الإشعاعات النووية والتي لازالت معاناتها ومأساتها الإنسانية تتوارثها الأجيال .
إن ما جعلني أتناول هذا الموضوع هو دعوة أحد الأصدقاء لحضوري مؤتمر ” التكنولوجيا النوورية لخدمة المجتمعات الإقليمية ” الذي أقامه مجلس الخليج للشؤون الخارجية الشهر الماضي في مملكة البحرين ، ويقدر ما ألح علّي فضولي للتعرف على هذا المجال وإكتشاف الجديد فيه بقدر ما حلقت بي الذكريات نحو تلك المأساة ، لأرى النقمة النووية وبعد مرور مايقارب 65 عاما منصرمة تتحول إلى نعمة ، فقد إستطاعت البلدان المتطورة أن تتوصل إلى جملة من التطبيقات السلمية للطاقة النووية وتصدير هذا الإكتشاف إلى مساحة واسعة من العالم ، فياترى هل ستستمر هذه الدول في توظيف التكنلوجيا النووية بشكل إيجابي لخدمة الشعوب ؟ ام تجعلها ذريعة عسكرية – تسلح نووي – للعبث والدمار ؟
ماعرفته في المؤتمر بأن الطاقة النووية حاليا هي أفضل مصدر لتوليد الكهرباء ، وقد شملت مجالات عدة متنوعة فدخلت في الصناعة والزراعة والطب و إنتاج الكهرباء ، وفي الوقت ذاته تستخدم في أبحاث المياه الجوفية والمياه السطحية، وفي أبحاث إستكشاف البترول ، وفي التقنيات مثل تعقيم التمور وتحسين الذرة وغيرها. واليوم وبعد مرور مايزيد عن نصف قرن تعد الطاقة النووية مصدراً لإنتاج حوالي 20% من مجمل الطاقة الكهربائية في العالم. وتجهز الطاقة المتولدة في المحطات الكهرو نووية في الوقت الحاضرما يقرب من 35% من احتياجات دول الاتحاد الأوروبي. وتعد فرنسا الوحيدة من أكثر الدول إستخداما للمفاعلات النووية التي تنتج 80% من الكهرباء ، وإن الولايات المتحدة الأمريكية يعمل بها 104 مفاعلا نوويا وتخطط لإنشاء 31 مفاعلا جديدا ، وقد وقعت أمريكاعلى 25 إتفاقية تعاون مع عدد من الدول في هذا المجال منها المغرب ومصر واليابان وأوكرانيا ، والصين والهند وروسيا وتايلند ورومانيا، ودولة الإمارات العربية المتحدة التي تم توقيعها في 17ديسمبر 2009م لبناء أربع محطات نووية ، وإضافة إلى ذلك أعلنت وكالة الأنباء السعودية مؤخرا بأن المملكة أكبر بلد مصدر للنفط في العالم تعتزم إنشاء مركز علمي للطاقة النووية وذلك لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء ، إذن فسر إنجذاب العالم إلى الطاقة النووية هو تخفيف الإعتماد على النفط والفحم والغاز لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه .
وفي المؤتمر تداول الضيوف الحديث على أثار المخاطر المرتبطة بالطاقة النووية ، والتحديات الإقليمية التي ستواجهها المنطقة خاصة فيما يتعلق بالطاقة والسلامة والإشعاعات النووية، كما بحث المؤتمر مشكلة الوقود المستهلك والنفايات النووية وطرق التعامل معها.
إن مالفت إنتباهي وشدني مشاركة الضيف مسؤول الأرصاد الجوية حيث أخذ يشرح عن إنعكاس حركة الرياح في دول الخليج وتأثيرات الطاقة المناخية ومخاطر التلوث من جراء المفاعلات النووية ، والتأثيرات السلبية وإنعكاسها من عدم توفر برامج السلامة النووية المنسقة بين دول الخليج العربي ودول الجوار، فساقتني خواطري حينها لحرب الخليج الأولى عام 1991 م والتي لازلنا نلمس أضرارها على المنطقة ، نتيجة لإنتشار التلوث الإشعاعي البيئي على نطاق واسع في العراق والكويت بسبب إستخدام اليورانيوم المنضب ” المشع ” في اسلحة الدروع وغيرها . وما إنتشار الأمراض السرطانية والعاهات والتشوهات ، والولادات الميتة والأمراض الرئوية والكلوية والإعتلالات العصبية وتزايد الوفيات مؤخرا باللوكيميا الا نتيجة الإصابة بهذا التأثير .
حاولت حينها أن أشرد بذهني ولاكن إستوقفتني أحداث غزة أيضا والحرب الأخيرة على إخواننا في الأراضي المحتلة وأطفال فلسطين وقنابل اليورانيوم والعناقيد الفسوفورية وأثارها الوخيمة وأضرارها النفسية والصحية التي قضت بها على جيل وستلحق بها أجيالا أخرى ..
أفقت بعدها مصروعة على كلمة الضيف وهويعلن عن وجود 440 مفاعلا نوويا لأغراض التطبيقات السلمية على الأرض ، و يؤكد على أهمية السلامة وحماية البيئة من خطر تسرب المواد المشعة من مفاعلات انتاج الطاقة النووية .
فتأكد لي حينها ، أن أبرز حالات إنتهاك حقوق الإنسان في العالم وفي مجتمعاتنا بالخصوص هوالظلم البيئي وغياب العدالة البيئية ألمتمثل في حجب المعلومات عن الأضرار البيئية للمشاريع التنموية وعدم إيضاحها للناس، فمن حق الأفراد و الشعوب العيش في بيئة مناسبة لصحتهم ورفاهيتهم وللتمتع بحقوقهم الأساسية ، فمن المسؤول عن هذا العبث؟
1 يونيو 2010 في الساعة 1:42 ص
المسؤول الأول هم حكومات الدول التي تعرض مواطنيها لشتى انواع التلوث
المسؤول الثاني هم الشعوب التي تسكت على الظلم الذي يقع عليها من جراء القرارات التعسفية التي تتخذها الدول فيما بينها لمصالح نووية
في المقابل فلنأخذ اليابان كمثل منذ 65 عاما اصابها زلزال نووي اهلك الشجر والبشر واصبحت الحياة شبه معدومة فيها
ولكن الآن لو نظرنا لليابان اليوم ماذا أصبحت ؟؟ قوة إقتصادية ضاربة
استطاع شعبها أن يبني نفسه بنفسه ويؤمن أن العلم و العمل هما الوسيلة للنجاح والتقدم
بينما على المقلب الآخر نحن العرب نتحسر على أمجاد ولت منذ مئات السنين