أ . عالية فريد >> أخبار و مقالات


ما زالت البطالة تجثم على صدور شبابنا يا سمو ولي العهد

25 أبريل 2010 - جريدة الوطن

ما زالت البطالة تجثم على صدور شبابنا يا سمو ولي العهد

 

عبدالله ناصر الفوزان

المسؤول المخلص المحب لوطنه ومواطنيه، والحريص على إيجاد الحلول الناجعة للمشاكل المتفاقمة في بلده، لابد عندما تقدم له التقارير والخطط المتفائلة من الفريق الاقتصادي التي تبشر بالعثور على الحلول وترسم الطرق الوردية في آفاق المستقبل في البلد، مثل هذا المسؤول لابد حينئذ أن يفرح ويبتهج ويزف البشرى للمواطنين، وهذا هو ما فعله صاحب السمو الملكي ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود منذ ما يقارب الخمس سنوات عندما أعَدَّ فريقنا الاقتصادي خططاً وأوجد برامج قال إنها ستوفر الفرص الوظيفية لشبابنا…. فقد زف الأمير سلطان البشرى للمواطنين في أكثر من مناسبة مؤكداً أنه خلال خمس سنوات لن يبقى لدينا عاطل بإذن الله.

لم أطلع على تلك التقارير والخطط والبرامج التي أعدها الفريق الاقتصادي ولكن أظن أنها تتمثل في تلك المدن الاقتصادية التي خططت لها وأشرفت على تنفيذها الهيئة العامة للاستثمار ومازالت كذلك، وكذلك في الاستراتيجية العامة للسياحة التي صدرت بقرار من مجلس الوزراء منذ خمس سنوات، وكذلك في المشروعات التعليمية التي بدأنا التوسع فيها عبر المؤسسة العامة للتعليم الفني وهي كليات التقنية، إذ كانت الفلسفة المعدة كما يبدو تقول إن المدن الاقتصادية والمرافق السياحية وما يتعلق بها ستوفر مئات الآلاف من الفرص وكليات التقنية والسياحة ستعد شبابنا لشغل تلك الفرص، وأتذكر أن محافظ هيئة الاستثمار الأستاذ عمرو الدباغ كان يبشر عبر ندواته ومقابلاته الكثيرة آنذاك أن هيئة الاستثمار ستوفر (150000) فرصة عمل سنوياً، أما استراتيجية السياحة الصادرة بقرار من مجلس الوزراء آنذاك فكانت تَعِد بتوفير ما يزيد على مليوني فرصة عمل خلال عشرين عاماً، وافتتاح خمس كليات سياحة كل سنتين، ووقتها كتبت مقالين أعلق على هذا التفاؤل الكبير نشرتهما (الوطن) عنوان الأول (بعض خططنا وأهدافنا هي فيما يبدو أي كلام) وعنوان الثاني (وأهداف استراتيجية السياحة أوليست هي الأخرى أي كلام..؟).

لماذا أتذكر هذا الآن..؟؟

أتذكره لأنه بعد أن مضى على ذلك ما يقارب خمس سنوات ها هي مصلحة الإحصاءات العامة بأرقامها الرسمية التي نقول عنها إنها لا تورد الحقيقة كاملة عن أرقام البطالة تصدمنا بأرقامها الجديدة المخيفة كما نشرت الصحف خلال اليومين الماضيين فتقول إن عدد العاطلين والعاطلات قد وصل إلى (448547) أي إلى ما يقارب نصف مليون عاطل وإن ذلك يمثل 10.5% من قوة العمل في المملكة منهم 44% من الجامعيين والجامعيات و39.9% من الحاصلين والحاصلات على الثانوية العامة وإن 89% منهم في العمر الحرج أي ما بين 24 إلى 29 عاماً.

الأكثر غرابة من هذا أن تلك البرامج والخطط (السرابية) التي وضعها فريقنا الاقتصادي لم تكن فقط تعد باستيعاب شبابنا ومعالجة البطالة، ولم تكن تعد فقط بعدم بقاء مواطنين بلا عمل، بل كانت تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، فقد قال الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز في مقابلة أجرتها معه صحيفة الوطن منذ خمس سنوات تقريباً أي خلال تلك الفترة التي كان فيها فريقنا الاقتصادي يفرش طريقنا بالورود، قال الأمير سلطان في المقابلة ما معناه أنه فهم مما بلغه من ولاة الأمور أنه خلال السنوات القادمة ليس فقط لن يبقى عندنا مواطنون بلا عمل، بل إننا لكثرة ما سيتوفر لدينا من الفرص الوظيفية لن نستطيع سد احتياجاتنا من القوى العاملة حتى من الخارج.

لماذا أقول الآن هذا الكلام..؟؟

أقوله تعليقاً على التقرير الذي قدمه محافظ الهيئة العامة للاستثمار الأستاذ عمرو الدباغ لصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلطان منذ عدة أيام عن إنجازات الهيئة خلال السنوات الخمس الماضية الذي ورد فيه أن المملكة استقطبت بجهود الهيئة استثمارات أجنبية تصل إلى 143 مليار ريال وأن تلك الاستثمارات أسهمت في إيجاد 335 ألف فرصة عمل وصلت نسبة السعودة فيها إلى 27 بالمئة علاوة على ما حققته الهيئة من تطور في إنشاء المدن الاقتصادية في المملكة.

أولاً يقول التقرير إن الاستثمارات أسهمت في تحقيق تلك الفرص الوظيفية ولم تحققها بالكامل مما يعني أن جزءاً كبيراً من هذا الرقم جاء من قنوات أخرى، أما ثانياً فإن الأستاذ عمرو الدباغ كان يبشرنا سابقاً بأن الهيئة ستعمل على توفير (150) ألف فرصة عمل سنوياً، أي أن الفرص التي يفترض أن الاستثمارات التي جاءت عن طريق الهيئة قد وفرت خلال السنوات الخمس التي شملها تقرير الهيئة ما يزيد على سبعمئة ألف فرصة عمل وليس فقط ثلاثمئة ألف، ثم إن كثيراً من الاستثمارات التي شملتها الـ143 ملياراً التي شملها تقرير الهيئة كانت في مشاريع بتروكيماوية، أي أن الغاز الرخيص الذي تقدمه المملكة لتلك المشروعات هو الذي اجتذب تلك الاستثمارات، كما أن هناك جزءاً من تلك المليارات كان أصلاً موجوداً في المملكة في مشاريع مشتركة مع مواطنين ونظام الهيئة هو الذي جعل أصحاب تلك الاستثمارات ينفصلون عن الشراكة مع المواطنين ويستقلون بمشروعاتهم، ولهذا فهل يتكرم الأستاذ الدباغ ويقول لنا ما هو حجم الاستثمارات التي استقطبتها المملكة بجهود الهيئة مما لم يستقطبه الغاز الرخيص ولم يكن موجوداً أصلاً في شراكة مع مواطنين..؟؟

إنني لا أقصد التقليل من جهود الإخوة في الهيئة وفي فريقنا الاقتصادي، ولكن قصدت القول إن هناك مبالغات واضحة وتفاؤلاً ضاراً في خططهم وبرامجهم ووعودهم. وأردت القول أيضاً إن من أخطر الأمور وأكثرها ضرراً تقديم الخطط (السرابية) التي عندما يزحف الزمن وتأتي ساعة الحقيقة لا نجد أثراً يذكر لنتائجها، ثم إنه ليس هناك ما هو أسوأ من تقديم تقارير وبرامج وخطط تقدم صوراً وردية لولاة الأمور لا تستطيع الوقوف على قدميها عندما تخرج للميدان العملي.

إنني أعتقد أن فريقنا الاقتصادي يحاول حل مشكلة البطالة عندنا بالأسلوب الخطأ، فاستفحال البطالة لم يحصل لعدم وجود الفرص حتى يعمل على إيجاد فرص جديدة، فالفرص موجودة لكننا فشلنا في إيجاد أسلوب حاسم حازم يؤهل المواطن للحصول عليها، وما لم نوجد هذا الحل الذي يضمن إحلال المواطن محل غيره في تلك الفرص التي تعد بالملايين الآن وليس بمئات الألوف فإننا لن نفلح في مواجهة البطالة حتى لو سخرّنا كل احتياطياتنا لإيجاد ملايين الفرص الجديدة.

الخلل لا يكمن في قلة فرص العمل بل يكمن في مجتمع يتواجد لديه ما يزيد على السبعة ملايين غالبيتهم يعملون في الفرص المتوفرة لديه وقد يكونون أكثر من حجم قوة العمل أصلاً ومع ذلك يعاني شبابه من البطالة القاتلة… هذا أمر مضحك.. وشر البلية ما يضحك.

http://www.alwatan.com.sa/news/writerdetail.asp?issueno=3494&id=19002&Rname=110

 

أضف تعليقاً