أ . عالية فريد >> حديث الشهر
زنا المحارم كـــــلام في الممنوع !!!
2 مايو 2010 - أ . عالية فريد
زنا المحارم كـــــلام في الممنوع !!!
” رن جرس هاتفي النقال على صوت فتاة عشرينية وهي تجهش باكية، وبنحيب يمزق القلب ويتقطع له الفؤاد صارخة أنا سأقتل نفسي ، سوف أنتحر فقد سدت جميع الأبواب في وجهي حتى بعد إعلان توبتي الى الله بحماية نفسي ، فلا وسيلة أمامي للهروب من هذا العالم إلا الموت ، تمالكت نفسها شيـئا فشـئا واسترجعت هدوءها بعض الشيئ وهي تسترسل في بكاؤها بكل حسرة وألم ، متوسلة بأن لا أسألها عن إسمها أو من تكون ، طالبة مني الإنصات إليها لأكون شاهدة على قضيتها ، ترددت كثيرا في البوح بما لديها حتى إستشعرت الثقة والإطمئنان وبصوت منخفض وحزين أطلقت زفرة ملتهبة بما يختلج داخلها قائلة أنا ضحية إغتصاب وتحرش جنسي ، سألتها مع من هل من علاقة غير شرعية ، هل مع إبن الجيران ، هل من الشارع أو السوق هل عبر الكمبيوتر، لاكن كانت تتلعثم في كلامها خجلة حتى جاء جوابها كوقع الصاعقة على نفسي وهي تقول ” خالي يعاشرني كزوجة منذ خمس سنوات ” .
” سيدة في العقد الخامس من العمر توقظني فزعة في منتصف الليل مطرودة من بيتها مع أربعة من أولادها الصغار ، فزوجها أهانها وشتمها وضربها لأنها إكتشفته يمارس الجنس مع إبنته ذات الأربعة عشرة ربيعا على سرير الزوجية ، فجن جنونها من هول مارأت وذهلت عندما أفصح لها أن هذه ليست المرة الأولى ، أرادت أن تحمي إبنتها وهي تراها كالضحية المستسلمة ترتعش خوفا من غضب أبيها ، فما كان منه إلا طرد الأم وأولادها خارج المنزل “.
“أب يغتصب إثنتين من بناته الثلاث بعد إخراج الأم من المنزل؛ حيث إستفرد بالبنتين وإغتصبهن، وهدد العم عندما جاء لإنقاذهن بالقتل، وبعد القبض عليه هدد الأسرة بإغتصاب البنت الثالثة؛ وهو ما جعل أخاهم يفكر في قتله لإنقاذ الأسرة منه”.
” شاب يعتدي على ثلاثة أولاد في إستراحة ، وبعد إكتشافهم يتضح أن إثنين منهم أبناء خالته ، والآخر إبن عمه ، العلاقات منقطعة منذ خمس سنوات بين الأسر بسبب توتر العلاقات بينهما ”
إبتزاز وإعتداء ، أحداث خطف وإغتصاب لمحارم وغير محارم فلاشات لا تخلوا منها صحفنا اليومية ،، إنها إنذار بالخطر !!!
يتملك القلق والخوف الكثير من مجتمعاتنا ، وينتابها الجهل والتغافل واللا مبالاة بالذات في تعاملها مع القضايا الخاصة بالأسرة وعلى رأسها ” موضوع التحرش الجنسي وزنا المحارم ” فتلجأ الأكثرية إلى الصمت والتخفي خوفا من العار والفضيحة ، او حفاظا على تماسك كيان العائلة من الإنهيار ، أو إحتماءا بالموروث العرفي تحت شعار الستر وبعنوان ” إذا بليتم فاستتروا ” ، وتكون الكارثة أكبر وأشد حينما تتفاقم الحالات وتكثر الضحايا ، فالإعتداء الجنسي وزنا المحارم جريمة بشعة حرمتها الأديان السماوية ، وردعتها الأنظمة والقوانين المحلية والمواثيق الدولية ، وهي عبارة عن سلوك مهين يمس سلامة الفرد وينتهك حقوقه ويضرب في صميم المبادئ والقيم الأخلاقية الذي عاش وتربى عليها المجتمع ، وتضر بالعلاقات الإنسانية .
والتحرش الجنسي وزنا المحارم مشكلة قائمة في المجتمعات العربية والخليجية لا يمكن إنكارها أو تجاوزها ضحاياها ذكورا وإناث صغارا و كبار تنتشر في كل الأوساط وبين مختلف الشرائح ، وتتخذ أشكالا عدة قاسمها المشترك كونها ذات عواقب وخيمة على الأفراد وعامة المجتمع ، والتنبيه إليها أمر ضروري ومهم ، والتغاضي عنها سوف يؤدي إلى كوارث إجتماعية ومآسي إنسانية لاتحمد عقباها ، فالضحايا هم أبناؤنا وبناتنا وأخواتنا ومسؤوليتنا حمايتهم ورعايتهم وتوفير الأمان النفسي لهم في ظل الحياة الآمنة والكريمة .
ويعتبر التحرش الجنسي وزنا المحارم نوعا من أنواع العنف الذي يمارس ضد إنسانية الفرد وضد كرامته ، وهو سلوكا مفروضا من طرف المتحرش أو المعتدي ، وفي ذات الوقت هو سلوكا مرفوضا من طرف المتحرش به أو المعتدى عليه ” قد يبدأ بالملاحقة ثم بالنظرات ثم بالكلام المشين ( عبارات وألفاظ مخلة بالآداب والأخلاق ) ، ثم باللمسات وينتهي بمحاولة إغتصاب وإعتداء ”
ومع الأسف الشديد فإن بعض الحالات من مظاهر الإغتصاب والتحرش الجنسي طفت على السطح وأعلنت عن نفسها وبعضها لازال يتكاثر و هو تحت طي الكتمان ، شملت كل حالات أشكال العلاقة المقززة سواء الأب وإبنته ، الأخ واخته ، زوج الأم وابنة الزوجة ، الإبن وزوجة الأب ، زوج الأخت والزوجة ، الخال وابنة الأخت ، ابن الأخ والعمة ، الأب وزوجة الإبن ، الأخ وزوجة أخيه ، ابن الأخ وزوجة العم ، ابن الخال وابن العمة ، البنت مع إبن الخالة حتى بين الأم وإبنها في بعض الحالات وهكذا ، فالإحصائيات العالمية تشير إلى أن 82% من الاعتداءات الجنسية حصلت في أماكن يفترض أن تكون آمنة للطفل، وأن 77% من المعتدين أشخاص يفترض أن يكونوا في موضع ثقة الطفل ، وفي مجتمعنا السعودي مع غياب الإحصاءات والمعلومات اللازمة إلا أن الحالات التي إستقبلتها الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان من قضايا زنا المحارم والتحرش من منطقة مكة المكرمة فقط بلغت 20% من أصل 300 قضية أسرية . ناهيك عن بقية المناطق الأخرى فالحالات في تزايد وعلى أثرها دخل بعض الفتيات إلى السجن نتيجة حملهن زنا من آبائهن ، وبعضهن فض غشاء البكارة .
ولكن كم هي الآثار مدمرة و صعبة على الضحية حيث تعيش في ألم وعذاب لا ينتهي تحمل المأساة معها طوال العمر وتكون ملازمة للفتاة أو الشاب كما الظل ، دون أن يدرك المجرم حجم الكارثه التي سببها . لمجرد نزوة شاذة وشهوة عابرة يقضي بها على حياة إنسان بلا خوف من الله أو خشية أو رادع من ضمير .
أسباب ومسببات ,,
في لقاء جمعني بسيدة خمسينية وهي تتأوة بحسرة والم وتتحسب على عائلة زوجها الكبيرة ، فبعد مرور عشر سنوات على زواجها قضتها بالإقامة معهم ، كان زوجها رجل شهم وطيب ويحترمها كثيرا لاكن مشكلته أن مجال عمله يجعله يسافر عنها كل إسبوعين ، فاستغل أشقاء زوجها ذلك وكانوا يتراودون عليها ، أحدهما كانت تحضر له الطعام أثناء عودته من العمل في أوقات متأخرة بينما أفراد الأسرة كلهم نيام ، والآخر توقظه صباحا للمدرسة إلى أن تطورت العلاقة شيئا فشيئا تقول : غصب عني دون أن أستطيع فعل شيئ غير البكاء والصمت فماذا أقول ؟ ولمن أتكلم ؟ ومن سيحميني ويأخذ بحقي ؟ فلم أستقر إلا بعد أن تمكن زوجي من الإنتقال الى بيت مستقل ، لاكني إلى يومي هذا لم أنسى ماحدث وبرغم أنني قطعت علاقتي معهم إلا أنني أحترق في داخلي ، وأتحسب عليهم في كل يوم ألف مرة وأنتظر العدل الإلهي فالله ليس بظلام للعبيد وهو وحده القادر على إنصافي مما وقع علّي .
يقول د . أحمد المجدوب خبير علم الاجتماع المصري في كتابه الرائد ” زنا المحارم الشيطان في بيوتنا ” لبس من شك في أن الإقامة معًا تُعَدّ عاملاً مهمًّا في وقوع الزنا بالمحارم، وهو ما لاحظناه في زنا الإخوة بالأخوات والآباء بالبنات، وأزواج الأمهات ببنات الزوجات والذي يمثل 76% من حالات الزنا في مصر ، و ترتفع النسبة إذا أضفنا من الأنماط الأخرى الحالات التي كانت الضحية تقيم فيها مع الجاني في مسكن واحد مثل الخال الذي يقيم مع الأخت وبناتها، والبنت المتزوجة وتقيم هي وزوجها مع أسرتها، بما في ذلك إخوتها.
وهناك أسباب مهمة وكثيرة أبرزها : ضعف الوازع الديني ، التربية الناقصة ، والحرمان العاطفي ( نتيجة كثرة الإنجاب والتركيز على الكم وليس الكيف في عملية التربية ) ، الفراغ ، التأثير السلبي للفضائيات و مواقع الإباحة ، إقلال الأسرة في دورها التربوي والتوجيهي ، ضعف المنابر والوسائل الإعلامية المختلفة في التوعية ومعالجة القضايا الحقيقية للناس ، تأخر الزواج ، الفقر وسوء الأحوال الإجتماعية والإقتصادية ، ضعف المناهج التعليمية في المؤسسات التربوية ، عدم وجود لجان ووسائل الحماية من الإعتداء والتحرش الجنسي في المؤسسات والجمعيات الأهلية .
للجادين فقط .. أصحاب الضمائر الحيــــة ،،
نحن بحاجة ماسة الى جهود مجتمعة وواسعة تعمل على تكسير حاجز الصمت عبر الإفصاح عن هذه الحالات المنتشرة من خلال التعريف بها وبانعكاساتها السلبية ، وتقديم الدعم والتوجيه للضحايا قبل أن تستفحل وتتسلل إلى كل أسرة ، فالمآسي تتكرر ولا ندري هل نلوم الفتاة على صمتها وإستسلامها ؟ أم نلوم الأسرة على تفريطها وتساهلها ؟ أم نلوم المجتمع ومؤسساته ؟ أم ندع المجرم يفلت بجرمه ؟ فمن العار علينا أن تتحول الى ظاهرة قد نفقد السيطرة عليها .
وحتى لا يظن الناس أن مجتمعاتنا سيئة وإنتشرت فيها الفحشاء والرذيلة ، لاكن ظهور مثل هذه العلاقات الشاذة تحذر المجتمع من وجود مرض خطير إذا تم تجاهله قد ينذر بكارثة بشعة . وبناءا على ماتقدم وماذكرته من شواهد هي واقعة بالفعل فإنني أطالب بما يلي :
1- الأسرة هي النواة التكوينية للمجتمع السليم متى صلحت صلح المجتمع ، ولذلك عليها مضاعفة دورها وأداءها في تربية الأبناء ورعايتهم وترسيخ المبادئ الأخلاقية والإسلامية في نفوسهم ، وتهذيب سلوكهم فالأخلاق هي الدين وهي الحضارة وفيها تحقيق سعادة الدنيا والآخرة .
2- القانون أداة أساسية وحاسمة في ردع المتحرشين والمعتدين ، والقانون الجزائي او قانون العقوبات وحتى القانون الجنائي بحاجة الى تعديل والى تجديد ، فمع الأسف تحت مسمى الولاية وملكية التصرف وبحجة ” أن الولد ملك أبيه ” أصبح ولي الأمر سواء كان أبا او أخا هو صاحب السلطة فلا يوجد عقاب أو رادع لمن يرتكب أي جريمة في إبنته او اخته أو قريباته ، والقضاء للأسف يستهين في عقابه أو محاسبته .
ففي القانون الجنائي كأبسط مثال ماتثيره وسائل الإعلام هذه الأيام حول قضية الأب الذي تجرد من إنسانيته وقام بإختطاف طفلتين إحداهما لا تتجاوز 12 عاما تحرش بها واعتدى عليها ، فما كان من محكمة محافظة القطيف إلا إن حكمت عليه بعقوبة مخففة لا تتناسب مع حجم الجرم الذي قام به ، فأصدرت في حقه 4 سنوات و1500 جلدة ، وفيما تعمل الجهات المعنية على تطبيق الحكم بحقه حتى تم إخراجه بكفالة ، وقبل يوم واحد من عقد الجلسة الأخيرة الخاصة بقضيته الأولى في عملية إختطاف الطفلة ، أقدم على إختطاف فتاة أخرى في عمر 15 عاما وبعد إن عرضها للضرب والتهديد ليتمكن منها تدخلت العناية الإلهية وهربت من بين يديه حيث قام بتقييدها وتمزيق ملابسها وتركها عارية .
إن مثل هذه الجرائم إن سكت عليها المجتمع فإنه يزيد من تفاقمها ، وإن عدم صدور أحكام قضائية صارمة كتنفيذ “حد الرجم” حتى الموت أمام الناس قد يكثر منها. ، مع التشهير بالمجرم وبفظيع فعله ، مما سيحد كثيرًا من هذه التصرفات غير المسئولة من قبل بعض أولياء الأمور الذين ينتهكون حرمات محارمهم”.وغيرهم من المجرمين ممن يمارسون هذا النوع من الإعتداء ، و أن لا تقتصر العقوبة على السجن ولفترة محدودة فقط بل إيقاع أقصى أنواع العقوبة على المعتدي .
3- على الدولة فسح المجال أم إطلاق مؤسسات المجتمع المدني وتفعيل دورها في الإهتمام بمشاكل الناس وحل قضاياهم بما يساهم في ترسيخ إحساسهم بالأمن وتقدير الذات الإنسانية والكرامة الوطنية ، وبالذات فيما يتضمنه هذا الموضوع الخطير من ” إخبار وتوجيه وتمكين ” وإعداد إستراتيجيات تدفع بجميع المهتمين من باحثين واجتماعيين وتربويين وأطباء ونفسانيين ومحامين وأكاديمين وفاعلين حقوقيين ومسؤولين في الأجهزة التنفيذية والتشريعة للتعاون ومناهضة هذا الوباء الخطير فالوقاية خير من العلاج .
4- نصيحتى للمعتدى عليه أيا كان فتاة ، شاب ، سيدة كل من يتعرض لإعتداء أو تحرش جنسي في أي مكان وفي أي زمان عليه بالثقة بالنفس ومواجهة الخوف والعزلة وعدم الإحساس بالذنب ، بمعنى” تجنب الصمت فالسكوت لن يحميك ، ولن يضمن لك الحفاظ على نفسك ” .
عليك بالتحدث إلى شخص قريب منك أو بعيد المهم أن يكون موضع ثقة يمكنه أن يسدي لك النصح ويساعدك سواء كان من أفراد العائلة أو أحد الأصدقاء أو المعارف المقربين ، وإن ضاقت بك الدنيا لاتنسى أن تتصل بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وتقدم شكايتك فهي حتما ستفيدك .
المصادر : جريدة الوطن السعودية
جريدة اليوم 28 ابريل ،
الملف الصحفي ، الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان
كتاب ” دليلك إذا تعرضت للتحرش الجنسي ” الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء ، الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب
أضف تعليقاً
16 مايو 2010 في الساعة 10:10 ص
الله يعطيك العالفية
22 مايو 2010 في الساعة 10:07 ص
الله يعطيك الف عافيه اختى على المقال الرائع
فعلا قضيه تهز لها الابدان
ا
1 يونيو 2010 في الساعة 1:22 ص
زنا المحارم بدأ يطفو على السطح وبدأنا نشعر به كحالة شاذة في مجتمعنا بسبب زيادة الكبت والظلم والقهر تجاه المرأة وعدم إعطاءها أبسط
حقوقها في بلد لا تستطيع المرأة كإنسان أن تقول فيه كلمة لا كيف تستطيع أن تواجه كل هذه التيارات المعاكسة دينيا وإجتماعيا ونفسيا
نحتاج لمتنفس حقيقي علينا أن نبدأ بأجيال المستقبل أطفالنا كيف نعلمهم ونوجههم ليتأقلمو ضمن مجتمع لا يسمح لهم إلا بأفق محدود من
الحرية
لكن يبقى الأمل بأن الغد سيكون مشرق بإذن الله