أ . عالية فريد >> أخبار و مقالات


الإرهاب النسائي .. خصوصية تعيق المنـــاصحة وتصعِّب الكـشف عن المتطـرفات

11 يونيو 2010 - جريدة عكاظ

6 تصنيفات لأعمال الإرهاب .. و 4 جهات حكومية ترفع بنـــظام يحدد العقوبات ..عكاظ تنبش خبايا تطرف النواعم

الإرهاب النسائي .. خصوصية تعيق المنـــاصحة وتصعِّب الكـشف عن المتطـرفات

 

 


 عبد الله الداني- نعيم تميم الحكيم

كشف لـ «عكاظ» مصدر مطلع، أن هيئة الخبراء في مجلس الوزراء شرعت في الإعداد لنظام متكامل على هيئة مواد يشكل أرضية لمحاكمات ممولي الإرهاب، لافتا إلى أن ذلك «لا يعني عدم النظر في القضايا الحالية المعروضة على المحاكم المتخصصة». وبين المصدر أن النظام يحوي 65 مادة ونتج عن دراسة مطولة لوزارة الداخلية، لافتا إلى أن النظام يتضمن الجرائم المتفرعة من الإرهاب ومنها: التنظيم، التأسيس، التمويل، التحريض، المشاركة، التخطيط، والمساعدة. كما أن لكل صنف منها سقفا أدنى ومتوسطا وأعلى.

وأوضح المصدر أن وزارة الداخلية استعانت بعدد من الخبراء واستفادت من أنظمة الإرهاب التابعة لعدد من الدول المتقدمة، وأن مندوبي أربع جهات حكومية وقفوا على المشروع قبل رفعه إلى هيئة الخبراء، لافتا إلى أن النظام يأخذ دائرته التنظيمية ابتداء من هيئة الخبراء مرورا بمجلس الشورى حتى يتم اعتماده من المقام السامي. وذكر المصدر أن مشروع النظام انطلق من الوزارة حرصا منها على تدقيق الوصف الجرمي لجرائم الإرهاب وما يتفرع عنها؛ نظرا لتسارع وتيرة الأعمال الإجرامية المتعلقة بالإرهاب.

وهنا أوضح رئيس لجنة المحامين في المدينة سلطان بن زاحم أن النظام في ـــ حال اعتماده ــــ يسهل للمحقق والقاضي تصنيف الجريمة للنظر في تكييفها وإنزالها على القاعدة الجرمية، كما يساعد الجهة الجنائية المسؤولة في حالة التحقيق والقضاء، ويضيق دائرة الاجتهاد في جهات التحقيق والمحاكمة.

وأوضح ابن زاحم أن النظام سيسعى إلى بث ثقافة الأنظمة المتعلقة بالإرهاب للمجتمع حتى يتعرفوا على الصور المندرجة تحت جرائم الإرهاب ولا يقعوا فيها، مشيرا إلى أن للمحامين الحظ الوافر في نشر هذه الثقافة.

وفيما تشير إحصائيات إلى أن 90 في المائة من النساء السعوديات اللاتي نصحوهن عبر حملة السكينة قد تعاطفن مع الأفكار المنحرفة نتيجة تأثر عاطفي بحت، دون قناعات علمية أو شرعية عبر الإنترنت، فإنها تؤكد أيضا انحسار هذا المد وتراجع المغرر بهن بنسبة تصل إلى 50 في المائة.

ثمة مشكلة أخرى تتمثل في الإرهاب النسائي، تكمن في أن المجتمع السعودي يعطي المرأة خصوصية معينة، لا يستطيع معها أحد أن يسأل المرأة عن هويتها أو يكشف عنها، ما يشكل خطرا على أبعاد أخرى قد لا تتضح الآن جليا.

«عكاظ» طرحت قضية التطرف النسائي من وجهتين: الأولى الإرهاب الجديد، وهو استخدام النساء لتنفيذ أعمال دعم لوجستي، كجمع الأموال والتجنيد وتوفير الأماكن الآمنة للعناصر المطلوبة، والجزئية الثانية في التحقيق تتحدث عن أسباب بروز التطرف النسائي في السعودية في أسر المتطرفين ومدى نجاح لجان المناصحة في الحد من انتقال هذا الفكر من رجال الأسر إلى نسائها وأبرز الحلول لمواجهتها في سياق التحقيقين التالييين:

الجانب (1) إرهاب النساء وتجنيدهن

جرائم التمويل

أكد القاضي الدكتور محمد المقرن أن القضاء السعودي نظر في كثير من قضايا جرائم تمويل الإرهاب، وأصدر بحق المتهمين أحكاما متفاوتة، مبينا أن التعميم الذي وجهه رئيس المجلس الأعلى للقضاء لا يعني اشتراك جميع المحاكم في النظر في قضايا من هذا النوع، وإنما هي محكمة متخصصة في جرائم الإرهاب.

وأفصح أن «المحاكم نظرت في عدد كبير من قضايا التمويل، كما أن المحاكم التي تتولى النظر في هذه القضايا محددة وليست كلها».

وبين المقرن أن تقدير العقوبة يعتمد على نظر القاضي ورؤيته في القضية، ولا يمكن أن تتحد الأحكام في هذه القضايا، مشيرا إلى أنه يختلف الحكم باختلاف الوقائع والظروف المحيطة ووجود سوابق للمتهم، كما أنه لا يمكن إصدار حكم واحد في قضايا متعددة، فالأحكام تختلف بتنوع الدوافع والظروف المشار إليها.

وأضاف: تتنوع الأحكام باختلاف الفساد والضرر المترتب من الجريمة، مشيرا إلى أنه لا يمكن تحديد حكم معين لقضايا تمويل الإرهاب، ولا يمكن توقع أحكام معينة بشأنها، موضحا «لا يمكن البت في قضايا تمويل الإرهاب إلا بالنظر في جميع جوانبها ولا يمكن الاعتماد على أمور أخرى، سوى الأدلة والقرائن والاعترافات».

ولفت المقرن إلى أن القضاء لا يفرق بين الممول إذا كان ذكرا أو أنثى، فكل من يحدث أفعالا إجرامية أو تخطيطا للإرهاب لا بد أن يخضع للمحاكمة، موضحا أن القضاء يعد ممول العمليات الإرهابية والدافع لها مجرما ومشتركا في الإثم.

وذكر المقرن أن القضاء يرى أن صور التمويل متعددة وكثيرة، منها، التمويل بالكلمة، مبلغ مالي، التخطيط، التدبير، الدعم المعنوي، أو أي عمل يدفع من وراءه لعمل إرهابي.

دليل عجز

اعتبر المشرف على كرسي الأمير نايف للأمن الفكري أن تجنيد النساء من قبل القاعدة دليل على عجزه ووهنه، وذلك بعد أن تم تمزيق شبكاته، ما ألجأهم إلى سلوك هذا الطريق، موضحا أن هذا دليل على أن القاعدة أجبرت بعد تكفيكها إلى فقد المبادرة والاكتفاء بردود الأفعال.

وأوضح الدريس أن استخدام تنظيم القاعدة للنساء لم يكن وليد اللحظة، إذ أنهم كانوا يهتمون بهذا الجانب منذ وقت طويل، مبينا أن عددا من الوثائق والدلائل تؤكد ذلك.

وأضاف: جاء اهتمام القاعدة بالمرأة، لكونها أقدر من الرجل بحكم العادات والتقاليد في المجتمع التي تمنح المرأة حق التخفي والتستر، ما يدحض أي ريبة تقع عليها، موضحا أن استخدامهن يتمثل في أمور منها التبرعات والوعظ والتمويل والتجنيد النسائي ولعب دور الوسيط المأمون أكثر من الرجل.

ووصف المشرف على كرسي الأمير نايف للأمن الفكري تنظيم القاعدة بأنه ميكافيلي، إذ أنه يبيح المحرمات لتنفيذ أعماله الإجرامية، فالغاية عندهم تبرر الوسيلة، موضحا «لا يستغرب من هذا التنظيم المفسد أن يستخدم أي أمر يصل به إلى أغراضه الخبيثة، فإخوانهم في بلد آخر أفتاهم جهلتهم بجواز استعمال الأطفال في عمر الزهور في عمليات انتحارية، بل استعملوا حتى النساء المعاقات عقلياً لتنفيذ مثل تلك الأعمال الدنيئة».

دور لوجستي

وفيما عد المتخصص في شؤون الإرهاب الدكتور يوسف الرميح دور المرأة الإرهابية خطيرا، واصفا إياه باللوجستي، فإن المدير العام للتوعية العلمية والفكرية في وزارة الشؤون الإسلامية الدكتور ماجد المرسال يؤكد أن التيارات المتطرفة تستغل المرأة في المساندة والدعم المادي، ويصل ذلك إلى تجنيدها في عمليات إرهابية.

الجهل والعاطفة

وعزا المرسال تورط نساء في أعمال إرهابية إلى الجهل والعاطفة دون وعي بخطورة التنظيمات الإرهابية التي تستخدم سلاح العاطفة في صور متعددة لجذب المرأة، مثل بث الصور والأناشيد الحماسية والخطب الرنانة والقصص المحرفة.

وبين المدير العام للتوعية العلمية والفكرية أن تطرف أحد أقارب المرأة يجعل المرأة أكثر عرضة للعدوى بالفكر المنحرف، داعيا إلى تكثيف جهود التوعية والتوجيه في المجتمعات النسائية، وتحصين النساء فكريا من التطرف بتفعيل دور المرأة في المناصحة.

التحليل النفسي

ويرى الكاتب والمحلل يوسف الكويليت أن خروج هيلة القصير كنموذج للمرأة الإرهابية من عائلة منفتحة وكونها امرأة جامعية، يدعو إلى إخضاعها للتحليل النفسي، لافتا إلى أن «مبدأ الانتقام بسبب زوجها الذي راح ضحية عمل إرهابي مماثل، لم ينسحب على أخريات عانين نفس المرارة وغسيل الأدمغة، وقد وجدت حالات مشابهة في العراق».

واعتبر الكويليت أن الصدمة التي أصيب بها المجتمع، جاءت نتيجة لعدم مواجهة حالات أخرى تدخل فيها المرأة إلى عالم المغامرة المجهولة والانخراط في الإرهاب، موضحا «لا بد أن نصل إلى التعليل الذي يوصلنا للحقيقة، ومعرفة ما إذا كانت هذه الحالة فريدة أم قابلة للتوالد».

استغلال الأعراف

وأبدت المتخصصة في شؤون الأمن الفكري بينة الملحم تخوفها من استغلال تنظيم القاعدة لقيم وأعراف المجتمع لصالح أهدافه، معتبرة أن تدني الوعي الثقافي للمرأة يسهل اختراقها فكريا من خلال أسهل البوابات ولوجا وهي بوابة التدين واستنهاض بعض القيم الدينية التي تخدم مصالح التنظيم كالشهادة في سبيل الله وطلبها وتمنيها وطاعة الأب أو الزوج من طاعة الله.

ورأت الملحم أن رصد التطرف النسائي أمر صعب في ظل عدم وجود مصطلح متفق عليه حياله، إضافة إلى عدم وجود مؤشرات تدل على تطرف المرأة بخصوصيتها المجتمعية وتداخل ذلك مع الخصوصية الشكلية مع كثير من القيم الشرعية التي اختطفها الفكر الإرهابي.

كما لاحظت الملحم أن صعوبة رصد التطرف النسائي يكمن أيضا في ندرة الدراسات العلمية حول موضوع تطرف المرأة من واقع الميدان المحلي الأمر الذي تنبه له كرسي الأمير نايف في أنشطته البحثية.

واعتبرت الملحم أن الثقافة المجتمعية ظلمت المرأة بتغييبها عن المشاركة الثقافية العامة، أو تضييق قنواتها الرسمية التي تخضع للمراقبة والمتابعة، الأمر الذي حصر النشاط الطلابي النسائي في الأنشطة اللاصفية الجامعية أو المدرسية التي تشرف عليها جهات رسمية وتكون في نفس الوقت عرضة للاختطاف من تيار فكري معين.

المواقع والمنتديات

وكشفت حملة السكينة التي تشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية أن النساء يدرن 40 في المائة من المواقع الإلكترونية والمنتديات التابعة لتنظيم القاعدة والمتعاطفة، معتبرة أن هذه النسبة كبيرة جدا.

وأفاد مدير الحملة عبدالمنعم المشوح أن الحملة تحركت للتصدي لمحاولات التنظيمات الإرهابية لاستخدام النساء في الدعم اللوجستي، مشيرا إلى إنشاء قسم نسائي داخل الحملة يستهدف المنتديات النسائية، ويسعى لتعزيز الوسطية والاعتدال ونبذ الغلو والعنف.

متابعة قديمة

وهنا يوضح أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك سعود الدكتور علي الخشيبان أن الإرهاب النسائي ليس وليد اللحظة، خاصة فيما يتعلق بالنشاطات النسائية في القاعدة، مبينا أن متابعة الأمن السعودي له قديم جدا.

وذكر الخشيبان أن معلومات عديدة تكشفت حول الإرهاب النسائي، وخصوصا فيما يتعلق بالنساء التي استعدن من باكستان وأخريات مثل هيلة القصير وغيرها ممن شاركن في تجنيد ودعم القاعدة.

ولاحظ أستاذ الاجتماع في جامعة الملك سعود أن المرأة ليست مستدرجة أو مغلوب على أمرها، وإنما لها دور فعال يفوق بعض الرجال أحيانا، مشيرا إلى أن تنظيم القاعدة درج مبكرا في إبراز الجانب النسائي له.

ورأى الخشيبان أن النساء الإرهابيات لديهن نفس الأفكار التي يعتنقها الرجال؛ لأنهم جميعا تعرضوا لنفس المرحلة الصحوية التي أودت بكثير من الأفراد إلى الإنحراف والتعاطف غير المدروس والمحسوب مع تنظيمات مثل القاعدة.

وعد الخشيبان جانب النساء أخطر من الرجال؛ لأن المجتمع السعودي يمنح المرأة حقا في ستر هويتها وعدم كشفها، داعيا إلى إعادة التفكير في إعطاء المرأة كشفا أكثر لشخصيتها، فهي تتنقل دون أن تطالب بهويتها، الأمر الذي يجعلها تمارس جمع الأموال والتجنيد أكثر من الرجل نفسه.

عناصر أخرى

وأوضح أستاذ علم الاجتماع أنه «لا يمكن الجزم بأن هيلة القصير الأخطر، فربما توجد من هي أخطر منها، ولم يتم الكشف عنهن»، مشيرا إلى أن أنشطة هيلة أصبحت في الفترة الأخيرة أكثر من السابق، وخصوصا في اتصالها المباشر بأعضاء القاعدة من الرجال الذين ليسوا من محارمها الشرعيين، مرجعا السبب في ذلك إلى أنها «كانت تدير وتنفذ برنامج القاعدة الخاص بالتفجيرات».

وعن علاقة هيلة بالخنساء، أفصح الخشيبان أن ذلك أمر طبيعي، «فالخنساء كانت تدير موقعا إلكترونيا ومن الطبيعي أن يتقاطعا في دعم تنظيم القاعدة وخاصة في المجتمع النسائي، وكلاهما يبحث عن النساء».

إدراك مبكر

واعتبرت أستاذة تاريخ المرأة في جامعة الملك سعود الدكتورة هتون الفاسي أن الظروف الاجتماعية القاسية تعتبر معيارا مهما في تطرف المرأة، مثل «تهميش المرأة وضيمها المرتبط بعنف أسري أو حرمان من أطفال أو تعليق دون طلاق أو اعتداء وغيره من الظروف الاجتماعية المعروفة والتي تضعف البيئة القانونية في البلاد العربية عن حلها والتعامل معها وتحولها إلى قنبلة موقوتة ولقمة سائغة في يد من يعطيها أملا بحياة أفضل في عالم آخر، ومن يعطيها الفرصة للانتقام من المجتمع الذي ساعد على إيقاع الظلم بها أو وقف متفرجاً على ما يقع عليها».

أكثر تعقيدا

لكن الفاسي ترى أن الوضع في المشهد السعودي أكثر تعقيدا مما يجري في العراق، مرجعة السبب في ذلك إلى «أن هناك أكثر من بعد يساعد في عملية التجنيد في مجتمعنا من بينها، استغلال قيم وأعراف المجتمع القائمة، انعدام استقلالية فكر المرأة لا سيما في الأوساط التي تعتبر المرأة جزءاً من أملاك الرجل، تدني الوعي الثقافي للمرأة كذات مستقلة، واستغلال استراتيجية المصاهرة الجهادية من خلال قضية المحرم.

ورأت الفاسي أن ما يحصل يدعو إلى «مراجعة أخص التفاصيل الثقافية وأكثرها خصوصية وحساسية لتنقية ما يمكن تنقيته مما يستغل ويضاف بدعاوى مختلفة كسد الذرائع»، متسائلة عن دور هذا المبدأ الفقهي في التسبب في وظيفة عكسية، وخصوصا فيما يتعلق بقضية كشف المرأة عن وجهها لإظهار هويتها.

أضف تعليقاً