أ . عالية فريد >> أخبار و مقالات
الأمن والاستقرار وثوابت المملكة
25 سبتمبر 2010 - جريدة اليوم
الأمن والاستقرار وثوابت المملكة
-
-
د. أحمد بن علي السند
في 21 جمادى الآخرة 1351 (الموافق 23 سبتمبر 1932) ووفقا لمرسوم ملكي اصدره الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل ال سعود ويقضي بتوحيد مناطق الدولة ومقاطعاتها تم اعلان توحيد البلاد تحت اسم «المملكة العربية السعودية» ، وبصدور هذا المرسوم الملكي تم تدشين المملكة باعتبارها دولة حديثة لها علم واحد وراية واحدة وقيادة واحدة.
لكن اعلان «التوحيد» كان تتويجا لمسيرة شاقة ومضنية ومرحلة صعبة وطويلة من الصبر والعمل والكفاح، منذ تمكن عبدالعزيز ال سعود من استعادة الرياض (عاصمة حكم آبائه واجداده) في يناير 1902 حتى وفقه الله إلى توحيد البلاد في سبتمبر 1932. لكن البلاد مع الملك المؤسس انتقلت من حال إلى حال.
كانت حالة البلاد ـ آنذاك ـ وهي التي اشرقت منها شمس الهداية وبزغ على ارضها فجر الإنسانية وهدت العالم واضاءت ارضه وسماءه وانتشر منها نور الإسلام إلى كافة بقاع الأرض ـ كانت حالة لا تسر حبيبا أو صديقا، اذ كانت قد مضت قرون منذ عهود الخلافة الراشدة، جرت فيها تحولات تاريخية عديدة اصاب فيها العرب والمسلمين ما اصابهم، وفي هذا السياق فقد شبه الجزيرة العربية الكثير من نفوذه وتأثيره الروحي والمعنوي وتعددت فيه اوجه الحكم والسلطة فانتشرت البدعة والضلالة والاباطيل التي تنحرف بجوهر الدين ورسالته، واخذت تتسلل إلى اجزاء عديدة من شبه الجزيرة العربية، لقلة العلماء المتفقهين في الدين، وضعف الاداء التوعوي للناس، ولابتعاد سكان شبه الجزيرة عن التطور الحضاري الذي كان يعيشه العالم المعمور آنذاك وكانت الجهالة سائدة حتى خيمت على معظم الناس.
قبل حكم الملك عبدالعزيز ال سعود وقبل اعلانه (التوحيد) معنى واصطلاحا ومفهوما وتطبيقا عمليا روحيا وزمنيا كانت الحالة الأمنية في شبه الجزيرة العربية في حالة من الفوضى والانفلات، وكانت طرق الحج تعج باللصوص وقطاع الطرق الذين كانوا يهاجمون قوافل الحجاج ويسلبونها ويعتدون عليها وكان الحج في تلك الأيام ـ كما يقول معظم المؤرخين ـ «مغامرة» لا يدري الحاج معها إذا كان سيعود من حجه سالما ام لا، ولقد عجز حكام المقاطعات والامارات والمناطق آنذاك ـ ومعهم الدولة العثمانية التي كانت تبسط سلطتها الاسمية في معظم الاحوال ـ على الكثير من اراضي شبه الجزيرة العربية عن تأمين سلامة الحجاج لدرجة تسيير قوات عسكرية مع قوافل الحجاج ومع هذا فقد كانت هذه القوات نفسها تتعرض للاعتداء، وانتشرت اساليب غريبة لحماية الحجاج، منها دفع «اتاوات» من النقود الذهبية لقطاع الطرق حتى يتركوا قوافل الحجاج تمر بسلام وعلى الرغم من ذلك الا ان الامن والاطمئنان لم يبسطا جناحيهما على قوافل الحجاج بل تواصلت الاعتداءات واستمر النهب والسلب حتى ان قوافل الحجيج باتت تخشى موسم الحج. وعندما تمكن الملك المؤسس عبدالعزيز ال سعود من بسط سلطاته واعلن توحيد البلاد تحت مسمى واحد وراية واحدة وقيادة واحدة كان نشر الإسلام الصحيح ومحاربة البدع والضلالات التي انتشرت وتمكنت من عقول الناس اهم اهدافه، وكان ضبط الامن وتوفير الامان وتحقيق الاستقرار، وازالة الخوف والفزع والرعب والسلب والنهب الذي كانت تتعرض له قوافل الحجيج ابرز اولوياته، فاعلن تطبيق احكام الشريعة وتحقيق الامن للمجتمع الإسلامي ولم يغمض له جفن حتى قضى على عصابات اللصوص وقطاع الطرق وتمكن من بسط الامن في جميع ارجاء المملكة حتى صار الامن في المملكة مضربا للأمثال في كافة بلاد العالم وكان الملك عبدالعزيز يرحمه الله أول حاكم مسلم يدعو إلى «التضامن الإسلامي» ويضعه موضع التطبيق اذ دعا إلى أول مؤتمر اسلامي عام في تاريخ الإسلام في عام 1345هـ وحضرته وفود الدول الإسلامية وصار جمع العالم الإسلامي على كلمة واحدة والعمل الدائم على وحدة كلمة المسلمين من اهم «ثوابت» المملكة واستمرت احدى السمات المميزة لثوابت السياسة السعودية إلى اليوم.
أضف تعليقاً