الأجراس لا تسكتها جدران الطين

علي يحيى الزهراني – « صحيفة المدينة »

كشف تقرير نشره وزير العمل على موقع الفيس بوك ان نسبة موظفي القطاع الخاص من المواطنين السعوديين تقل قليلا عن 10% وان الشباب السعودي يعاني معدلات بطالة هي الأعلى في المنطقة بعد العراق مشيرا إلى ان المملكة تحتل المرتبة الثانية فى العالم بعد الولايات المتحدة على صعيد الحوالات المالية التى ترسلها العمالة المغتربة الى أوطانها ، في الوقت الذي تتبنى فيه الحكومة هدفا لتوفير 1.12 مليون فرصة عمل جديدة للمواطنين بحلول 2014 أي 92% من مجموع فرص العمل الجديدة.
هذا التقرير نقلته بعض المواقع الاليكترونية وهو أوضح من قمر على قمة السروات !! والتقرير على هذا النحو من التركيز يعد على قدر كبير جدا من الأهمية وإذا جاز لي تسميته فلن يخرج عن نطاق (التقرير القضية) وذلك لأنه يختصر اخطر واهم مشاكلنا وهي (السعودة والبطالة) !!
** وهذا التقرير الثقيل يحتاج إلى أكثر من وقفة والى أكثر من قراءة!
وأنا سأقوم أولا ( بتحوير ) الموضوع إلى أكثر من معادلة حتى تقف (الذهنية )على ( كم) المفارقات المذهلة بين أطراف هذه المعادلات
المعادلة الأولي : ثاني اغني دولة في العالم ( بعد الولايات المتحدة الأمريكية ) في الحوالات المالية للمغتربين وأكثر من 1.5 مليون من سكانها حسب إحصائيات غير رسمية فقراء
المعادلة الثانية : مجتمع الثمانية ملايين عامل أجنبي وأكثر من نصف مليون من أبنائها عاطلون
.. هذه المعادلات صعبة فى نتائجها وغريبة في تناقضاتها ولا أظنها تحدث فى أي بلد آخر غير نحن!!
.. ولا ادري لماذا نحن تحديدا ؟؟
هل المشكلة في الاستراتيجيات ؟ هل المشكلة في التشريعات ؟ هل المشكلة فى المناهج وبناء الإنسان السعودي منذ الأساس ؟
هل المشكلة فينا نحن ؟!!
** وللحق .. فلم استطع أن استوعب طرفين من كل تلك الأطراف المتناقضة المتعاكسة !
أولها أن نحل في البطالة بعد العراق مباشرة !!
هل وصلنا إلى هذا الحد ؟!!
هل يعقل هذا ؟ ولماذا يحدث ؟ وكيف؟؟!! كل علامات الاستفهام ( يا سادة) لن تكفي لفهم هذه الحقائق المثيرة !!
وبحسب تصريحات سابقة فان هناك أكثر من نصف مليون عاطل وان نسبة البطالة في المملكة تصل ال 10.5 بمعدل 28 للإناث و40% ممن حصلوا على الشهادة الثانوية في حين كان معدل البطالة فى العام الماضي 10%
يعنى أن نسبة البطالة في تزايد مستمر وهو ما يتطلب مواجهتها بتوفير مئات الآلاف من فرص العمل !!
الطرف الثاني الذي استوقفني كثيرا هو أننا ثاني بلد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية من حيث حجم الحوالات المادية من عمالة في الداخل إلى بلدانها !
وبحسب إحصائية مؤكدة فان إجمالي تحويلات الوافدين من العمال يصل الى 100 مليار ريال أي ما يقارب من 27 مليار دولار سنويا !!
هذه الأموال الطائلة تهاجر إلى خارج البلد في وقت يقبع الكثيرون قرب خط الفقر وبعضهم يسكن بيوت الصفيح !!
** إن خادم الحرمين الشريفين يحمل هذا الهم بشكل كبير !
وزيارته للفقراء ووضع إستراتيجية لمحاربة الفقر والحديث عما كان مسكوتا عنه خلف جدران الطين ثم الإعانات المتتالية وقروض الاسكان ومضاعفة معاشات الضمان والاعانات الخيرية , وأمره الكريم ضمن حزمة الأوامر الملكية بإعطاء مهلة للقطاع الخاص بتوظيف السعوديين ثم آخرها توجيهاته في اجتماع مجلس الوزراء الأخير الأسبوع الماضي بضرورة استيعاب الخريجين من الثانوية وتوظيف الخريجين من الجامعات , كل هذه دلائل كبيرة على ان البطالة والسعودة والفقر هي هاجسه الأكبر يحفظه الله . وما يتمناه كل مخلص غيور فى هذا البلد الطيب ان يكون هناك تنفيذ عاجل وإجراءات صارمة باتجاه السعودة وإيجاد فرص عمل سريعة
نقول هذا ونحن نعرف بان ( البطالة) هي ام المشاكل في أي بلد تحل فيه , وحتى نكون صادقين وجادين فانه يجب ألا نحمل وزارة العمل وزر مشروع ( السعودة) الكسيح الذي هو اكبر من طاقاتها ومسئولياتها وصلاحياتها !!
الكل معني بالسعودة داخل الهرم الكبير وإلا فلن نمنح البطالة إلا مزيدا من استطالة قرونها !!
خاتمة
من مصلحة الوطن ان نواجه مشاكلنا الاستراتيجية بإرادة سريعة لا أن نحثوعليها التراب !!