اليوم الوطني السعودي والمواطنة الواعدة؟!
28 سبتمبر 2013 - أ . عالية فريدبغض النظر عن الاسلوب أو طريقة التعبير المعتادة في احياء اليوم الوطني السعودي، سواء بالاحتفالات أو المهرجانات، أو أي تعبيرآخر يعكس مظاهر الابتهاج والوطنية، أو بمجرد استغلال هذا اليوم كإجازة وعطلة رسمية مضافة لنهاية الإسبوع..
لا جدال بأن عنوان اليوم الوطني، يعكس في ذاكرة الكثير من السعوديين، صورة رمزية محددة، مما يجعلنا نتسائل:
ماذا يعني هذا اليوم للرأي العام السعودي؟ وما الذي يمثله في حياتهم؟ وما حجم إرتباطه بواقعهم؟ هذا إن كان هناك توافق في الرأي لدى عامة السعوديين -؟
وإلى متى سنظل نكرر منهج التفاعل والتعاطي مع هذا اليوم الذي يمثل لدى الشعوب الخلاقة قيمة ومبدأ في وعيها الوجودي كأمة؟
و لماذا لانجعل هذا العام مختلفا ومتميزا في نفوس المواطنين وفي إحساسهم ووعيهم؟ لماذا لانجعله يوما تاريخيا خلاقا يأخذنا إلى منحى جديا مغايرا نحو التجديد الثقافي والاجتماعي والسياسي لثنائية «الوطنية – المواطنة»؟! أليس جدير بنا تخليد الذكرى واحيائها لتبقى تزدهر لعقود قادمة من الزمن؟!
ثم لماذا لاترتبط الذكرى بإنجاز وحدث مهم وعظيم يعزز الروح الوطنية العالية لدى كافة أبناء الشعب؟ مما يجعلهم يدركوا من خلاله أهمية هذا اليوم في الذاكرة الوجدانية وفي إرتباطه العميق بواقعهم ليشعروا حينها وبشكل عفوي بأنه ذات قيمة كبرى في حياتهم ليس يوم وطني فقط بل عيد أ وطني؟!.
لماذا لا تكون هذه المناسبة يوم « إعلان للوحدة الوطنية » التي تجمع كافة أبناء الشعب السعودي بكل اطيافه ومذاهبه؟ ليكون شعبا واحدا في جسد واحد إذا إشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء إخوة متحابين تجمعهم الأهداف العليا ومصالح الوطن المشتركة، بعيدا عن التمايزات المصطنعة وإبتعادا عن كل الخلافات والصراعات السياسية والإجتماعية المبنية على تغليب المصالح الشخصية والضيقة.
إن تعزيز الوحدة الوطنية في المجتمع السعودي هي الحل الحاسم والأساسي لكثير من المشاكل التي يعاني منها المجتمع، فهي بمثابة جسر العبور لبر الآمان وللإستقرار الإجتماعي والسلم الأهلي، بل إنها الدرع الحصين لقوة الدولة في ردع أعدائها الذين يتربصون بها الدوائر سواء في الداخل أوالخارج، وكذلك هي السلاح الأقوى لمواجهة التحديات ودرء الفتن ونزع فتيل الإحتراب الطائفي المؤدي للفرقة والتشرذم بين أبناء الوطن الواحد. ولاريب أن الحلول الأمنية التي تعتمدها الدولة بكل تنوعاتها وأشكالها لم تعد مجدية الآن أمام طوفان المتغيرات السياسية والإقتصادية والإجتماعية، حيث في الوقت ذاته إنها لا تقدم أية حلول ناجحة ومستدامة تخدم الوطن والمواطنين، فلا مفرأمام الشعب السعودي في الوقت الراهن وفي ظل هذه التحولات وتحت ظل الظروف الحرجة والمشاكل الذي تمر بها دول المنطقة إلا التمسك بالوحدة والتلاحم الوطني والإيمان بالتعددية والتعايش السلمي، وقبول الآخر واحترام حقوق الإنسان بغض النظر عن الاختلافات والخلافات الفكرية والسياسية أو الإنتماءات القبلية والمناطقية أو العرقية وغيرها.
لماذا لايكون هذا اليوم مميزا يفوق كل الأيام التي يحلم أن يعيشها الشعب السعودي بالإستباق لطرح مبادرات رسمية تستعيد بها الدولة مكانتها وهيبتها بين بقية الأمم بحنكتها وحكمتها المعهودة في المساهمة لحلحلة الكثير من المشاكل والأزمات لاسيما في العهد المزدهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز – حفظه الله – لتكن السنة الاجتماعية 2013 – 2014 قفزة نوعية في تاريخ المملكة، عبر تفعيل هذه المقترحات الاستراتيجية بالنسبة لمستقبل الأمة – الدولة سياسيا ودوليا واقتصاديا وذلك بـ:
• الإفراج عن كافة المعتقلين السياسين لاسيما سجناء الرأي والحريات الإعلامية.
• إطلاق الحريات العامة وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والسماح بمؤسسات المجتمع المدني.
• إحترام حقوق الإنسان والإلتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية.
• محاربة الفساد المالي والإداري ومواصلة مسيرة الإصلاح السياسي الجاد.
• القضاء على ظاهرة الفقر والبطالة والحد من إنتشار الجريمة
• الإهتمام بالفئات المهمشة، وأصحاب الدخل المحدود وتأمين حق السكن لكل أسرة.
• تمكين المرأة السعودية بالمستوى اللائق بها والإهتمام بالشباب والطفولة والمعاقين وتحقيق كافة حقوقهم ومتطلبات الحياة الكريم ٠ تحسين الخدمات الأساسية والبنى التحتية للمواطنين.
المصالحة والتقارب بين كافة القوى والتيارات المعتدلة في البلاد، واستصدار قوانين وأحكام محلية تحرم وتجرم الاعتداء على الأديان والمقدسات والإساءة إلى الرموز والمشاركة الحقيقية في بناء وتنمية الوطن… العمل على حوار وطني جاد. يجمع مختلف مراكز القوى السعويية لممارسة دورها
وتطوير أدائها فيما يصب في المصلحة العامة للوطن بالمختصر:
على المجتمع السعودي أن يتجه بكل تطلعاته نحو المستقبل ونحو النداء بضرورة بناء الدولة المدنية، دولة المؤسسات والمجتمع المدني، عبر تأسيس دولة الكرامة الإنسانية، التي لواؤها المواطنة الحقيقية بمفهومها الواضح من خلال تكاملية الحقوق والواجبات، الدولة التي تحترم الإنسان دون تمييز وتقدره كمواطن وتحترم حرياته وتجعله ينعم بالأمن والرفاه والعيش الكريم، وتعمق فيه روابط الانتماء والولاء للوطن والمشاركة في تنمية المجتمع وصناعة القرار وتشركه بفعالية في توطيد الاستقرار الاجتماعي والسياسي والنماء الاقتصادي…
ختاما: إن المعطيات الاقليمية والدولية تؤشر إلى مطالب ملحة أمام الدولة والشعب في المملكة، لتلافي المنزلقات الحادة التي ستكلف أجيالنا القادمة الكثير من الخسائر والتخلف والرجعية عن مضمار المدنية والحضارة الحقيقي… فتعالوا لنعد إلى حضارتنا المشرقة ولنصنع منها وثيقة اللقاء وعهد الإخاء والمساواة والحرية وسيادتنا… ولنحتفل اليوم بعيدنا الوطني ولنخلِّده لأجيالنا اللاحقة ملؤه احترام المواطن والمواطنة والوطنية السعودية….
وكل عام والشعب السعودي بخير في رحاب دولة مدنية حديثة مأمولة، تضمن الحرية والعدالة الاجتماعية للجميع دون تمييز… فهل يمكننا أن نجعل اليوم الوطني عيدا للمواطنة السعودية الواعدة؟؟؟