إنتخابات المرأة السعودية ومؤسسات المجتمع المدني
29 أغسطس 2015 - أ . عالية فريدلمؤسسات المجتمع المدني دورا كبيرا وأهمية قصوى في رقي المجتمعات وتقدمها. فهي بلا شك تعمل على تعزيز المشاركة الشعبية واحترام حقوق الانسان والدفاع عنها، فهي من جانب ترسخ قيم المواطنة وتشعر المواطن بقيمته كإنسان وبأهمية مشاركته الحياتية في عملية البناء والتنمية فتحفزه على تحمل المسؤولية والإهتمام بالشأن العام، ومن جانب آخر تساهم بشكل فعال وحيوي في نشر الوعي الفكري والثقافي بما يخدم الصالح العام للمجتمع. ناهيك عن دورها الكبير في النهوض بالمسؤولية وإزالة الكثير من الأعباء عن كاهل الدولة في قضاياها والأزمات التي تمر بها.، وقد نلحظ تأكيد الكثير من المهتمين والخبراء الاستراتيجيين على أهمية وجود هذه المؤسسات وقياس تقدم المجتمعات وتطورها على إثر ذلك فبقدر همة الشعوب وحراكها الأهلي والمدني بقدر ما ترتقي لتكون في مصاف المتقدمين. ولعل مناسبة الحديث هي انطلاق أول اجراءات الدورة الثالثة للانتخابات البلدية وما واكب ذلك من ضعف الإقبال على التسجيل في القيد الانتخابي.
لقد كان ظهور مؤسسات المجتمع المدني التي تنظم هذا الحراك وتظهره نقلة نوعية في الدول المتقدمة عالميا. والتي باتت تعتمد اعتماداً كبيراً على هذه المؤسسات في رقي أبنائها وتنمية أوطانها، بل إن هذه المؤسسات أصبحت شريكة فاعلة في تطور الدول وتقدمها من خلال التنسيق والتشبيك لمختلف الأعمال والبرامج والأنشطة في مجالاتها المتعددة العلمية والمهنية، التطوعية والخيرية والحقوقية في مختلف جوانبها التي تغذي بها مختلف الإحتياجات الإجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والخدمية التي تنهض بالمجتمع وتعمل على حل قضاياه ومشاكله بشكل فعال يخدم كافة الأفراد.
مع معاصرتنا هذه الأيام للدورة الثالثة من إنتخابات المجالس البلدية والقفزة التنموية لمشاركة المرأة السعودية فيها وبملاحظة ما أراه من ضعف في الإقدام على المشاركة المجتمعية عامة نظرا لعدة عوامل مشتركة بلا شك أهمها وأبرزها غياب مؤسسات المجتمع المدني التي تعرب عن حاجة المجتمع بفئاته وشرائحه ومواطنيه نساؤه ورجاله إلى وعي وثقافة وإلى برامج عملية، وتطبيقات واقعية مستجدة ومواكبة للمتغيرات الإجتماعية،
إن ضعف الإقبال على التسجيل في القيد الانتخابي هو مثال واحد على حاجتنا الماسة والملحة لقيام مؤسسات مجتمع مدني. فهي وسيلة هامة من وسائل الإصلاح الحقيقي والرغبة في التغيير الجاد الذي لايتأتى إلا من خلال قنواته الصحيحة ولا يتأتى إلا بالجهد الجماعي المشترك من خلال العمل المؤسسي المنظم هذا من جهة، ومن جهة اخرى علنا ندرك جميعا بأن كافة مؤسساتنا الأهلية واللجان التطوعية على مستوى الوطن أدت دورها الكبير ونشاطها المتميز بكل ما تملك من طاقات وامكانات فأثمرت واينعت في خططها واهدافها، وأفرزت عبرها برامج وانشطة متنوعة تمكنت خلالها أن تؤصل للمبادئ والقيم النبيلة في نفوس الناس، وأن تغرس بذور الخير في اعماق المجتمع، وتجسد فيه روح الجد والمثابرة نحو تحقيق التنمية والتقدم، وتطبيق المعنى الحقيقي لمفهوم التواصل والتعاون والتراحم وتقديم المساعدة لكل ضعيف ومحتاج.
ونتيجة لما تملكه هذه المبادرات من تفاعل اجتماعي نشط تؤثر فيه على مجاميع وشرائح كبيرة من الناس، ولما تملكه من قدرة على استثمار الكفاءات البشرية بشكل حيوي وملحوظ فحماية لهذه المؤسسات ولأفرادها ولمكتسباتها ولجهودها، والحفاظ على تعزيزها ونهوضها وتطويرها.
من هنا فقد آن الآوان وحان الوقت للمسارعة نحو إطلاق نظام المؤسسات الأهلية والمجتمع المدني ولتأطير هذه المؤسسات او اللجان باستثمارها وفق أطر حداثية جديدة تتناسب مع متطلبات المرحلة الراهنة في اتاحة المجال وفتح الأبواب المغلقة للعمل المأسسي الملامس لحاجة شبابنا في هذا الوطن، آمل من القيادة الحكيمة مواصلة المسيرة التنموية للمرأة السعودية ودعمها بكافة أبعادها إنجازا وتطلعا لبناء مستقبل أفضل بعيدا عن كيد المتربصين في إختطاف إحتياجاتنا وترجمتها أو تحويلها خارج البيت السعودي أو إلى توجهات أو إلى انتماءات سياسية متعددة تهدد الأمن وتمزق وحدة الوطن.