الإنتخابات البلدية إنتصارا للمرأة السعودية
15 ديسمبر 2015 - أ . عالية فريددخلت المرأة الإنتخابات وخاضت غمارها كناخبة ومرشحة وتفاءلت بالفوز وحققته، الأمر الذي يدلل على أن المجتمع السعودي بات يدرك حجم دور المرأة وأهمية مشاركتها في الحياة العامة، وبالطبع لم يأتي ذلك اعتباطا بل لما حققته المرأة السعودية من نجاحات وإنجازات متوالية على مختلف الصعد العلمية والعملية، وبعدما أكدت موقعها وكان لها حضورها في إدارة الشأن الإجتماعي والثقافي العام وتلته المشاركة السياسية كون المرأة عضوة في مجلس الشورى، وأصبحت الآن عضوة في المجلس البلدي متجاوزة كل التحديات.
فعلى الرغم من العادات والتقاليد القبلية التي لازالت مسيطرة على مجتمعاتنا إلا أن هذه النظرة بدت بالتغير التدريجي إلى حد ما، وبالذات بعد إن أثبتت المرأة وجودها وجدارتها لاسيما إصرارها على النهوض بالتنمية وتقدمها خطوة نحوالمشاركة في صنع القرار، ناهيك عن تميز هذ الإنتخابات بوجود المرأة الذي يمثل مرحلة تغييرية في مسيرتها لتتوج المرأة السعودية للمرة الأولى في تاريخ المملكة العربية السعودية بدخولها الإنتخابات كناخبة ومرشحة، وبالرغم مما تعرضت له بعض المرشحات من إستبعاد وبما اقر من محظورات تجاهها للعوق من العملية الإنتخابية كمنعها من تعليق صورها ونشر بروسترات خاصة بدعايتها الإنتخابية، ومنعها من اللقاء بالناخبين لعرض برنامجها الإنتخابي، إلا أن ذلك لم يثني عزيمتها.
وكان نتيجة ماحققته العملية الإنتخابية للدورة الثالثة لعضوية المجالس البلدية من تقدم أفرزته نتائج التصويت عبر صناديق الإقتراع على مستوى المملكة حيث حصلت المرأة السعودية على 15 مقعدا في المجالس البلدية المختلفة في الرياض وجدة ومكة وتبوك وجيزان والجوف والأحساء والقطيف، من أصل 3159 مقعد و284 مجلس بلدي وتم تصويت 12000ناخبة و979 مرشحة من أصل 7200 مرشح. وهذا يعتبر إنجازا كونها التجربة الأولى مقارنة بانتخابات المجالس البلدية للدول المجاورة.
ما أريد التأكيد عليه أولا: هوما يهمنا في الوقت الحالي من إبراز دور المرأة وتمكينها سياسيا وإن كان الفوز الإنتخابي حليفا لمن فاز بنسبة كبيرة من الأصوات فالمستقبل جديرببناء القدرات القيادية وإثبات الذات فالخبرة تولد من التجربة، أعتقد أن ما يهمنا في دخول المرأة لإنتخابات المجالس البلدية ليس فوزها ونيلها هذا الإستحقاق فقط، بل ما هو أكبر من ذلك وهو كسر التابو واللغط والجدل الذي طال سنوات من أعمارنا مضت ونحن متأخرين عن ركب التقدم بين الأمم والمجتمعات حول أهلية المرأة في تسلم أدوار قيادية تساهم بها في المشاركة وحمل المسؤولية في الشأن العام، فالمرأة هنا فازت بالإنتخاب وليس بالتعيين هذا أولا، وثانيا ذهبت للإقتراع عبر صنايق التصويت، فأثبتت جدراتها للترشح وأنها مواطنة شريكة في العملية السياسية بتكاملية مع أخيها الرجل. وهذا بحد ذاته مكسب كبير يشكل إنتصارا للمرأة السعودية ويؤهلها لتولي مناصب كبرى في الدولة وفي مراكز صنع القرار، أظن هذا مايجب أن تدركه كل سعودية شجاعة شاركت في العملية الإنتخابية. ومع ذلك إن كانت هناك بعض المعايير الإنتخابية غير مكتملة أو شاب العملية ككل بعض القصور أو الأخطاء أو صلاحيات بسيطة ومتواضعة، فالحكمة تقتضي إستثمار الفرص للنهوض بواقعنا، والتي تدعونا جميعا لتعزيز مبادئ الديمقراطية والمواطنة وحرية التعبير.
ثانيا: سرني وشرفني أني كنت أول مصوتة في دائرتي ثم باشرت مهمتي كمراقبة إنتخابية ممثلة للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان على الدائرة الأولى لمحافظة القطيف، ولله الحمد تمت العملية الإنتخابية بيسر وإنسيابية منظمة واتسمت بالنزاهة والشفافية في حالة من الإرتياح التام سادت الأجواء وبدت مطمئنة، ساهم في نجاحها وعي الناخبات وحماسهم ونظرتهم للإنتخابات كعملية حضارية كانوا فيها بمستوى المسؤولية التي ترتقي بالوطن وتتيح لهم الفرصة لممارسة حقهم والتعبير عن ارادتهم الوطنية..
أبارك لجميع المرشحات بالفوز آملة في مشاركة مجتمعية بانطلاقة جديدة، وتشكيل مجالس فعالة لتطوير المجالس البلدية، ولمن تم استبعادهن او لم يحالفهن الفوز عليهن بالإستعداد للمراحل القادمة لقد كنتن عظيمات ورائدات بمشاركتكن.
ختاما: اتقدم يالشكر للجنة العامة العليا للإنتخاب على جهودها، ولجميع الناخبات في محافظة القطيف وأخص بالشكر رئيسات اللجان الإنتخابية الإستاذة فاطمة الأنصاري، الاستاذة هدى سلمان الناصر، الإستاذة منيرة الدوسرى على تعاونهم وجهودهم الرائعة في تسيير العملية الإنتخابية.
كما لا يفوتني أن أبارك لصانع مبادرة ”بلدي“ فالفضل يعود لأهله المهندس الإستاذ جعفر الشايب ولجميع العضوات اللاتي ساهمن في إبراز هذه المبادرة والعمل بها، فوزهن بجائزة الإتحاد الأوربي للتثقيف وبث التوعية الإنتخابية متمنية لهن كل التقدم، ولمنضي معا بالهمة والعزم نصنع التغيير ونبني الوطن فهو يستحق كما نستحق. والله ولي التوفيق..