معرض الكتاب وأنواع القُرَّاء
18 مارس 2016 - جريدة اليومبدر الإبراهيم
يُعد معرض الكتاب الدولي في الرياض، الذي يقام كل عام في هذا الشهر، أكبرَ معرضٍ في الوطن العربي من حيث الإقبال، وأملَ الناشرين في تعويض خسائرهم على مدار العام، وجني الأرباح بفعل القوة الشرائية الكبيرة في هذا المعرض، وإمكانية بيع كميات كبيرة من الكتب للأفراد والمكتبات.
يشير الإقبال والازدحام السنوي في المعرض إلى عدة أمور، أبرزها: وجود شريحة لا بأس بها من الحريصين على اقتناء الكتب بكافة أنواعها، وتشهد على ذلك أرقام المبيعات السنوية في دور النشر، وليس فقط الزحام عند أبواب المعرض، الذي يعبر أيضاً عن اعتبار المعرض فعالية مناسبة للأفراد والعائلات على السواء، ومكاناً ”للترفيه“ في ظل شح أماكن الترفيه.
تقبل شرائح شبابية على الروايات، وخاصة الروايات المحلية والخليجية، لكن ”موجة“ الرواية، وتحديداً الرواية ”الشبابية“ التي تميل إلى الفضائحية، أو على الأقل تحاول كسر التابوهات والحديث في المحظور والخطوط الحمراء اجتماعياً، انحسرت كثيراً، لكن جمهورها ما زال حاضراً، ولا بد من القول إن قراءة رواياتٍ كهذه أمرٌ طبيعي، فجمهور القرَّاء مختلف ومتنوع في كل مكان، وليس من المعقول أن يُطلب من الجميع قراءة كتب الفلسفة والفكر العميقة، أو حتى الروايات ذات المستوى الأدبي والبلاغي العالي، لكن المطلوب من الحريصين على نشر المعرفة والفكر الرصين تبسيطه ليصبح في متناول القارئ العادي غير المتخصص أو المتبحر في الفكر والفلسفة، وعلى سبيل المثال: فإن سلسلة من الكتب الصغيرة المكثفة بأفكارٍ أساسية مهمة حول مفاهيم أو اتجاهاتٍ فكرية قد تشكل إغراءً لشرائح واسعة من القراء، الذين لا يحبذون التشعب في هذا النوع من القراءات، ويكتفون بالعناوين الرئيسية دون التفاصيل.
الملاحظ في السنوات الأخيرة، أن الإنتاج الفكري العربي قد تراجع كثيراً؛ ما جعل الشريحة الحريصة على اقتناء كتب الفكر والفلسفة في المعرض تركز على شراء كتب مترجمة إلى العربية، لفلاسفة ومفكرين غربيين، ورغم أن حركة الترجمة والإقبال عليها أمرٌ جيد إجمالاً، إلا أن ضعف الإنتاج المتعلق مباشرة بواقعنا وتحدياته لا يطمئن، كما أن بعض الترجمات تشكو من عدم الدقة في النقل أو غياب الفهم للمصطلحات الفلسفية، بما يجعل قراءتها ومحاولة فهم المقصود أزمة بذاتها للقارئ.
لكن هناك انطباعاً بأن هذا المعرض كان أقل ازدحاماً من السنوات السابقة، وربما ترتبط المسألة بتوقعاتٍ عند المنظمين بأن تكون الإجازة دافعاً لإقبال متزايد، فإذا بها تخفض عدد الزوار؛ نظراً لسفرهم خارج البلاد، فالمعرض يمكن أن يكون خياراً للترفيه، حتى في ظل غياب البدائل، لكن إذا كان البديل هو السفر للجوار الخليجي، فإن المعرض يهبط في سلم الأولويات عند البعض.
على الرغم من بعض الأخطاء التي شابت التنظيم، وعدم جاذبية الفعاليات المصاحبة للمعرض، والإقبال الأقل في حجمه من السنوات الماضية، فإن أهمية هذا المعرض للقارئ والناشر لا تتراجع.