تبسيط الأزمة الاقتصادية والنزعة الإنسانية للحلول
2 أغسطس 2016 - محرر الموقعفي خضم الأزمات التي نعيشها اليوم كم نحن بحاجة إلى وقفات نتأمل فيها واقعنا بطريقة مبسطة بعيدة عن التعقيد، فبمقدار ما في عالمنا اليوم من تعقيد، نحن بحاجة إلى التبسيط..
التبسيط وليس التهوين وتقليل الأهمية، فالنظرة بأسلوب مبسط للأزمات مفيدة في التعرف على الأسباب الحقيقية لها، لأنها تعتمد طريقة التفكير بعيداً عن التأثيرات التي تتركها التفاصيل المعقدة.
لا أحد يدعي اليوم أن واقعنا الاقتصادي على ما يرام، بالعكس تماماً، فمجتمعاتنا تجمع اليوم على وجود أزمة، وهو إجماع نادر لا يتحقق في النظر إلى الشؤون الأخرى، فإذا كنا مختلفين في النظر إلى الوضع السياسي مثلاً، فإننا لسنا مختلفين على الوضع الاقتصادي.
ثلاثة أسباب رئيسية تمثل الخلفية والقاعدة الحقيقية للأزمات الاقتصادية، وتتمثل فيما يلي:
العجز عن توليد الثروات، فالبشر يميلون إلى الاستفادة من الثروات سهلة المنال، ولو وجد من يحقق له الثراء دون أن يبذل شيئاً في سبيل ذلك لانتظر الثروة تهبط عليه.
هذه الحالة نلمسها في السلوك الفردي كما في السياسات الاقتصادية التي تكتفي بالنفط، ولا تفكر بتنويع اقتصاداتها لأن النفط خيار سهل.
السبب الثاني هو سوء التوزيع للموارد، إذ إن مجرد وجود الثروة لا يعني ازدهار المجتمعات، ولا يتسبب في تحقيق الرفاه، بل قد تتحول إلى فتيل للأزمات والصراعات.
الفرد أو المكونات الاجتماعية التي لا تجد نفسها شريكاً متساوياً مع الآخرين لا تشعر بالعدالة، وغالباً ما يؤدي الشعور باستئثار فئة ما بالثروة إلى احتقان يقود إلى اضطرابات سياسية واجتماعية، كما يتسبب في تفشي الفقر والجريمة والرشوة وغير ذلك من مظاهر الفساد المالي والإداري.
تقول الأمم المتحدة إن العالم ينقسم إلى مجموعتين، تضم الأولى 13% من سكان العالم وتتلقى 45% من الدخل العالمي، وتضم الثانية 42% من سكان العالم وتتلقى فقط 9% من الدخل العالمي.
وتقول وكالة الإغاثة الدولية «أوكسفام» إن نصف ثروات العالم بيد 1% فقط من سكانه، كما يشير تقرير حول تركز الثروات في العالم إلى أن أثرياء العالم عام 2014 بيدهم ثروات تقدر بقيمة 6.4 تريليون دولار.
أما السبب الأخير فهو الاستغلال السلبي للثروات، ومن مظاهر ذلك الحروب التي خاضها البشر على مر التاريخ، وما تشهده الكرة الأرضية من تفجر لصراعات عسكرية في أكثر من مكان، حروب تستهلك الكثير من الموارد التي أودعها الله سبحانه وتعالى في الأرض من أجل رفاهية البشر، وبدلاً من ذلك تتحول إلى صواريخ وأسلحة يتفنن فيها عقل الإنسان ويطورها للقضاء على البشر والحجر.
إن الخسائر التي تكبدتها البشرية في صراعاتها البائسة لا تقتصر على ما أنفقته بشكل مباشر على الأسلحة والتدمير للعمران والبنى التحتية، وإنما أيضاً تشمل الخسائر غير المباشرة التي لا يصعب تقديرها، ومن بين ذلك القتلى والجرحى والآثار النفسية والاجتماعية التي تخلّفها، وتوقف عجلة التنمية، والإضرار بالبيئة.
يقول تقرير لجامعة «بروان» إن إجمالي التكلفة المباشرة للحروب في كل من العراق وأفغانستان وباكستان يبلغ حوالي 3.2 إلى 4 تريليونات دولار على أقل تقدير، ويتضاعف الرقم ليصل إلى 6 تريليونات دولار بحساب التكاليف الأخرى غير المباشرة.
خلاصة القول: نحن بحاجة إلى مراجعة تعاطينا مع الثروات ووضع معالجات للأسباب الحقيقية الرئيسية للأزمات الاقتصادية، والعمل على تنفيذها بتغليب الشعور الإنساني والمصلحة العامة للبشر وتجاوز حالة الاستئثار بالثروات التي تقود إلى «الطغيان» حسب التعبير القرآني في الآية الكريمة: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى، أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى﴾.